منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، أصبحت مظلة الناتو للحماية مطلوبة كثيراً في أوروبا. محاولات دول الشمال الانضمام إلى عضوية الناتو هي مثال فقط على ديناميكيات الأمن هذه.
تم تلبية الطلبات بشكل إيجابي من قبل معظم أعضاء التحالف. ومع ذلك، عارضت المجر وتركيا هذه الطلبات. صرح فيكتور أوربان من المجر بأن البرلمان المجري سيصدِّق على بروتوكولات العضوية قريباً.
كما أن أنقرة تعتبر داعمة لهذا التوجه من حيث المبدأ، لكن لديها مطالب مشروعة ذات تأثيرات طويلة الأمد لأمنها القومي والتي لم تُلَبَّ بعدُ من قبل فنلندا والسويد.
كانت المذكرة الثلاثية الموقعة بين تركيا وفنلندا والسويد خلال قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد في يونيو/حزيران 2022 خطوة مهمة نحو التوفيق بين وجهات النظر حول الجهات الإرهابية، مثل PKK (الإرهابي) ومنظمة فتح الله جولن (الإرهابية). ومع ذلك، فقد أظهرت التطورات الأخيرة أنه لا يزال يوجد طريق طويل لقطعه.
تؤكد أنقرة ضرورة التعاون الملموس ضد الإرهاب، وتؤكد أن PKK (الإرهابي)، المدرج على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مسموح له بممارسة التجنيد بحرية عبر المنظمات غير الحكومية في شمال أوروبا.
وبالمثل، يستطيع الأفراد المنتسبون إلى منظمة فتح الله غولن والموسومون بإشعارات حمراء من تركيا إيجاد ملاذات آمنة لهم بسهولة في كل من السويد وفنلندا. وقد صرح الرئيس أردوغان بالقول إن: "القتلة الدمويين الذين انتهكوا الحق في الحياة، وهو أبسط حقوق الإنسان، يتمتعون بالحماية بذريعة طلب اللجوء السياسي ويمكنهم العيش بحرية دون الخضوع لأي تحقيق قانوني".
يمكن طرح نقطتين فيما يتعلق بموقف السياسة الخارجية التركية.
أولاً يتمثل النقد الأساسي في التفسير الانتقائي للإرهاب بين بعض حلفاء الناتو ودول أخرى.
هنا يبرز PYD/YPG كمثال واضح على ذلك. كانت هذه المجموعة الإرهابية عاملاً رئيسياً في تصعيد التوترات الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن منذ عهد إدارة أوباما.
إن PYD/YPG، التي تعتبر علاقاتها مع PKK الإرهابي عضوية، تدعمها واشنطن منذ فترة طويلة تحت شعار القتال ضد داعش. ولكن الآن بعد أن تعرض تنظيم داعش (الإرهابي) لهزيمة لا يمكن إصلاحها، لا يزال البنتاغون يدعم هذه المجموعة الإرهابية.
الأمر نفسه ينطبق على عديد من الحكومات الأوروبية الأخرى، التي تتبنى موقفاً متساهلاً تجاه PKK وأذرعه. يذهب البعض إلى حد تقديم الدعم المادي والملاذ الآمن لهم. إن مثل هذه المواقف الغامضة، للأسف، تعوق المكافحة الفعالة للإرهاب.
تحت ستار التحالف الدولي ضد داعش، غضت الدول الغربية الطرف عن الروابط العضوية والصلات الأيديولوجية العميقة بين PKK وPYD ، مما جعل الأخيرة وكيلاً غربياً مفضلاً في شمال سوريا.
العامل الثاني هو الاستخدام الانتقائي الغربي لحقوق الإنسان والحريات كذريعة لحماية الأفراد والمنظمات المرتبطة بالإرهاب.
تنفذ المنظمات الإرهابية مثل PKK/YPG وفتح الله غولن (FETO) أنشطة التجنيد والدعاية الأيديولوجية بطرق عديدة تحت اسم حرية التعبير والتجمع.
في الآونة الأخيرة خلال مظاهرة مؤيدة لـPKK/PYD عبّر أنصار الإرهاب الذين يعيشون في السويد علناً عن كراهيتهم لتركيا واستخدموا أساليب إهانة ضد الرئيس التركي.
لا تقتصر مثل هذه الأنشطة، التي ترفع بشكل متكرر شعارات PKK، على السويد وفنلندا. كيف يمكن لجماعة إرهابية أن تتمتع بمثل هذا المجال في حين أن الغرب يستخدم الإرهاب منذ فترة طويلة كذريعة لاختبار الولاءات، وفقاً لمبدأ بوش، "إما أن تكون معنا أو ضدنا"؟
من هنا يجب على أعضاء التحالف تجنب المعايير المزدوجة لزعزعة الثقة، فسلامة الفرد هي سلامة الجميع.
لكي تثق تركيا بأعضاء تحالفها، تجب عليهم مشاركة مخاوفها والعمل جنباً إلى جنب لمحاربة الجهات الإرهابية التي تهدد سلامة مواطنيها.
بالنظر إلى التفسير الانتقائي للإرهاب والاستخدام الميكافيلي لليبرالية في الغرب، فإن مطالب أنقرة ليست مجرد إجراءات مساومة سياسية.
في الواقع، إنها تعبيرات واضحة عن التعاون ضد الإرهاب. إن التردد أو اللا مبالاة الذي أعرب عنه البعض اليوم يمكن أن يتحول إلى مخاوف مستقبلية خطيرة ضد الأمن القومي للجهات الفاعلة الأخرى. هذا ببساطة بسبب الخصائص المتغيرة جداً والمتغلغلة للإرهاب.
بعد عقدين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول كان من الممكن أن يعتقد المرء أن النقاش حول الإرهاب سينتهي.
كيف يمكن إضفاء الشرعية على الأعمال الإرهابية وإضفاء الطابع الرومانسي عليها علناً باللجوء إلى قاموس حقوق الإنسان والحريات؟ كم من الوقت يجب على العالم أن ينتظر قبل أن يتخذ نهجاً شمولياً ضد الإرهاب، الإرهاب الذي لا تتعدى طبيعته غير إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء؟
مع الحفاظ على سياسة الباب المفتوح، تجب على الناتو مراجعة فهمه المتمحور حول 9/11 للحرب ضد الإرهاب حيث يتحول الأخير إلى أشكال جديدة ويتقدم كلما واجه سياسة عدم التدخل.
بناء على ذلك، فإن العمل الجماعي يعتبر ضرورياً لتحالف أمني وقوي مثل الناتو، والثقة المتبادلة ضرورية أيضاً للحفاظ على الحلفاء يداً بيد.
في هذا السياق، سيكون من الضروري لتحالف شمال الأطلسي المستقر والسلمي إعادة تقييم استراتيجيات مكافحة الإرهاب في حالة السويد وفنلندا، وهما أحدث الدول الطامحة لسياسة الباب المفتوح.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.