نفاد أدوية ونقص كوادر.. أزمة الحكومة المالية في الضفة تمتد إلى القطاع الصحي
تعيش الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة إثر القيود الإسرائيلية، التي على رأسها احتجاز أموال المقاصة، وتراجع المنح الخارجية والموارد المحلية.
وزارة الصحة الفلسطينية / صورة: AA (AA)

وتحتجز حكومة الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 6 مليارات شيكل (1.61 مليار دولار) من أموال المقاصة، وهي ضرائب تجمعها المالية الإسرائيلية عن السلع الواردة شهرياً، وتحوّلها إلى وزارة المالية الفلسطينية.

ومن أبرز القطاعات التي انعكست عليها الأزمة المالية، القطاع الصحي، إذ أثرت الأزمة في تمويل موازنة وزارة الصحة وفي القدرة التشغيلية والتوريد ومخازن الأدوية والمستهلكات الطبية، حسب وكالة "وفا".

أزمة في إمدادات الأدوية

وقال وكيل وزارة الصحة وائل الشيخ، لوكالة الأنباء الفلسطينية، إن الأزمة المالية لها تداعيات كارثية على القطاع الصحي وتنعكس بشكل خطير على قدرة الوزارة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المرضى، خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة. وأضاف أن ذلك يمنعهم من توفير الأدوية وتقديم الخدمات الطبية، فيما أصبح عدد كبير من الأدوية مفقوداً حالياً من مستودعات الوزارة المركزية.

وأشار مدير مجمع فلسطين الطبي الحكومي بمدينة رام الله، أحمد البيتاوي، إلى أن الأزمة المالية دفعتهم إلى تقليص خدماتهم، مما أثّر سلباً على خدمة المرضى في أكبر مجمع طبي في الضفة الغربية. وأضاف البيتاوي في حديث لوكالة الأناضول: "لا توجد خدمات صحية دون مال، نعاني نقصاً كبيراً في الأجهزة الطبية والمعدات والأدوية، مما انعكس سلباً على الخدمة الصحية".

وأفاد بأنهم اضطروا إلى تأجيل بعض العمليات الجراحية، كما يعملون بدوام الطوارئ، مضيفاً أن "ما تفعله إسرائيل من حجز أموال المقاصة الفلسطينية والأزمة المالية المتزايدة في السنوات الأخيرة يزيد من الأزمة الصحية". وأكمل البيتاوي: "بعض الأدوية الرئيسية باتت غير متوفرة، أبرزها أدوية السرطان، ويوجد 30 صنفاً رئيسياً من الأدوية غير متوفرة في المجمع الطبي".

بدوره، قال وكيل وزارة الصحة الفلسطينية وائل الشيخ، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية (وفا) إن "78 صنفاً من أصل 592 صنفاً من الأدوية أصبح رصيدها صفراً في المستودعات المركزية، أي ما نسبته 13% من الأدوية الأساسية، و138 صنفاً من الأدوية المتوفرة في المستودعات المركزية تكفي لأقل من شهر فقط".

ولفت الشيخ إلى نفاد 18% من المستهلكات الطبية والمواد المخبرية، ويبلغ عددها 605 أصناف من المستهلكات الطبية والمواد المخبرية من أصل 3330، وكذلك 153 صنفاً من أصل 618 صنفاً من المستهلكات الجراحية الطبية، أي ما نسبته 25%.

نقص في الكوادر الطبية

ولفت البيتاوي إلى أن قسم جراحة القلب وإنعاش الأطفال بحاجة إلى 120 كادراً طبياً وممرضاً، غير أن الوزارة وظَّفت 25 فقط جراء الأزمة المالية، "الأمر الذي يعني عدم قدرتنا على توفير الخدمة الطبية لمحتاجيها".

وأوضح أن قسم الجراحة التخصصي كان قبل الأزمة المالية يعمل بثلاث ورديات عمل، لكنه يعمل اليوم بإمكانات أقل بكثير، "الأزمة دفعتنا إلى وضع برنامج وقوائم انتظار للعمليات الجراحية".

وأشار وكيل وزارة الصحة إلى أن المديونية التراكمية العالية لوزارة الصحة بلغت أكثر من 2.7 مليار شيكل (730 مليون دولار)، مما أثر سلباً على قدرة الشركات على توريد يعض من أصناف الأدوية والمستهلكات الطبية والمواد المخبرية.

أزمة مالية خانقة

وبالإضافة إلى القطاع الصحي، أثَّرت تلك الأزمة في عدد من القطاعات الحيوية، الحكومية والخاصة، كما انعكست بشكل مباشر على المواطن الفلسطيني. ووصل معدل البطالة في الضفة إلى 32%، وحسب تقرير منظمة العمل الدولية فإن 51% من عمال الضفة الغربية الذين ما زالوا يعملون واجهوا تخفيض ساعات العمل، فيما يعاني 62.8% منهم انخفاض الأجور.

وأكّد البنك الدولي أن المالية العامة للسلطة الفلسطينية تعيش تدهوراً كبيراً، إذ وصلت الفجوة التمويلية للحكومة بعد المعونة لعام 2023 إلى 682 مليون دولار، أي 3.9% من إجمالي الناتج المحلي، ومن المحتمل ظهور فجوة تمويلية أكبر في عام 2024 قد تصل إلى 1.2 مليار دولار.

وبسبب الأزمة المالية، أعلنت الحكومة الفلسطينية في أبريل/نيسان الماضي، تفعيل خطة تقشف، بسبب اقتطاعات إسرائيل من أموال الضرائب، وتدهور المنح الخارجية. ولم يتبقَّ للحكومة الفلسطينية سوى الإيرادات التي تجبيها محلياً، بقيمة لا تتجاوز 350 مليون شيكل شهرياً، وبعض المنح الخارجية لا تتجاوز شهرياً 50 مليون شيكل، مما دفعها إلى صرف نصف رواتب الموظفين، متى أُتيح لها ذلك.

ومنذ الحرب على غزة، فقدت أسواق الضفة الغربية نحو 12.6 مليار شيكل (3.4 مليارات دولار)، ويمثل هذا الرقم قرابة 17.5% من الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين، وفق أرقام العام الماضي.​​​​​​​


TRT عربي - وكالات