اعتبر الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (2012-2014) أنه غير معني بأي إجراءات يتخذها الرئيس الحالي للبلاد قيس سعيد ضده على خلفية مواقفه الرافضة لإجراءات 5 يوليو/تموز التي اتخذها الأخير، حسب بيان له على فيسبوك.
وقال المرزوقي: "منذ انقلاب 25 جويلية (يوليو/تموز) وأنا مجنّد لقضية عودة الشرعية وإنهاء الانقلاب ودعم القوى الوطنية التي تتحرك على الأرض... ولا أستغرب إذن الإجراءات التي أعلن عنها المنقلب (سعيّد) ضدّي هذا اليوم أو التي ستتبع".
وخلال كلمة له أثناء عقد أوّل اجتماع وزاري للحكومة الجديدة الخميس بقصر الرئاسة في قرطاج قال سعيّد: "سيُسحب جواز السفر الدبلوماسي من كل من ذهب إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية لأنه في عداد أعداء تونس ولا مجال لأن يتمكن من هذا الامتياز".
وأضاف سعيد: "أطلب من السيدة وزيرة العدل أن تفتح تحقيقاً قضائياً في هذه المسألة لأنه لا مجال للتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".
ورداً على ذلك تساءل المرزوقي قائلاً: "أليس من المضحكات المبكيات أن يُتهم رجل مثلي بالخيانة من قبل أنصار رجل حنث بوعد التزام الدستور وسمّى الاستعمار حماية وطالب المستثمرين بعدم الاستثمار في تونس؟"، في إشارة إلى الرئيس سعيّد.
وشدّد المرزوقي: "في كل الحالات بما أنني لا أعترف بالسيد قيس سعيد رئيساً شرعياً لتونس... وبما أن الحكومة التي عينها غير شرعية لأنها لم تحظَ بثقة برلمان جمّده المنقلب في مخالفة صريحة للدستور، فإنني أعتبر نفسي غير معني بأي قرار يصدر من هذه السلطات غير الشرعية".
وتابع المرزوقي: "أقول للتونسيين سننهض من هذه العثرة كما نهضنا من كل العثرات"، مضيفاً: "سنبرأ من هذه الجائحة السياسية كما تجاوزنا جائحة كورونا حتى وإن كان الثمن باهظاً".
والسبت اتهمت نقابة السلك الدبلوماسي التونسية (تضم موظفي الخارجية) الرئيس الأسبق بـ"تحريض سلطات دولة أجنبية على اتخاذ تدابير عقابية" ضد بلاده، وهو ما نفاه المرزوقي واعتبره "أكاذيب".
"وقف المحاكمات العسكرية"
في سياق آخر اعتبرت جمعية "ضحايا التعذيب في تونس" (مستقلة مقرها جنيف) أن "مسار حقوق الإنسان بدأ في الانحدار منذ إقرار رئيس الجمهورية قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز الماضي"، حسب بيان للجمعية على فيسبوك.
ونددت الجمعية بـ"حالات الاعتقالات والمحاكمات العسكرية غير القانونية وبالتضييقات المتتالية على الحقوق والحريات والاعتقالات الاعتباطية والكيدية"، وفق بيانها.
واستنكرت الجمعية "قرار تصديق دائرة الاتهام العسكري على بطاقتَي الإيداع العسكريتين الصادرتين بحق النائب سيف الدين مخلوف، التي اعتبرتهما خارج الإطار القانوني".
وبينت أن "هذه القرارات تعتبر خرقاً واضحاً وجلياً لمبدأ النزاهة والحياد الذي هو أساس من أساسات القضاء العادل".
وشددت الجمعية على أن "محاكمة النائب سيف الدين مخلوف عسكرياً تعدّ خرقاً للقانون العام وللقانون الذي يحكم سلك المحاماة، منددة بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري".
وطالبت "السلطات الحاكمة قسراً" في تونس بالتوقف عما سمَّته "تلاعباً بحقوق الإنسان، الذي سوف تكون له آثار سلبية عظيمة على المجتمع التونسي"، وفق وصفها.
كما طالبت بـ"إطلاق سراح كل المسجونين والمعتقلين وعلى رأسهم النائب سيف الدين مخلوف والنائب نضال سعودي والإعلامي عامر عياد".
وحملت الجمعية السلطة "كل المسؤولية عن عواقب ومآلات دخول النائب والسجين السياسي سيف الدين مخلوف إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وكل الأضرار التي قد تنجر على صحته وحياته".
وأعلن رئيس كتلة ائتلاف الكرامة بالبرلمان سيف الدين مخلوف في بيان للرأي العام عن دخوله في إضراب عن الطعام في سجنه احتجاجاً على قرارات دائرة الاتهام العسكرية.
ورفضت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس الأربعاء الماضي مطالب فريق الدفاع عن سيف الدين مخلوف للإفراج عن الأخير، وفق الحبيب الترخاني الناطق الرسمي باسم هذه المحكمة.
وتلاحق المحكمة العسكرية مخلوف ونواباً آخرين من كتلة "ائتلاف الكرامة" (18 مقعداً من أصل 217) في ما يعرف بقضية المطار".
وفي مارس/آذار الماضي شهد مطار تونس قرطاج الدولي شجاراً بين عناصر من أمن المطار ومحامين ونواب في "ائتلاف الكرامة" إثر محاولة الأخيرين الدفاع عن مسافرة مُنعت مغادرة البلاد لدواعٍ أمنية بموجب ملحوظة "إس 17".
وملحوظة "إس 17" تعليمة أمنية كانت معتمدة خلال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لوصم كل من تحوم حولهم شبهة علاقة بتنظيمات إرهابية.
وعلى إثر ذلك أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق حول ما جرى في المطار.
ومنذ 25 يوليو/يوليو الماضي تعاني تونس أزمة سياسية حادة، إذ بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد سلسلة قرارات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وترؤسه للنيابة العامة وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
ورفضت غالبية القوى السياسية ومنها حركة النهضة قرارات سعيد الاستثنائية واعتبرتها "انقلاباً على الدستور"، بينما أيدتها قوى أخرى رأت فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).