بعد حوالي أسبوع من المشاورات اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، برعاية مجلس التعاون الخليجي، أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تشكيل مجلس قيادة رئاسي لإدارة البلاد التي تعاني حرباً عنيفة منذ أكثر من 7 سنوات، خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
وحسب الإعلان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، جرى اختيار الدكتور رشاد العليمي رئيساً لمجلس القيادة الرئاسي، و7 آخرين، يعد كل واحد منهم بمثابة نائب للرئيس.
وحظي تشكيل المجلس بترحيب عربي وإسلامي ودولي واسع، إضافة إلى الإشادة به من قبل مكونات يمنية متعددة، باستثناء جماعة الحوثي.
من هو رشاد العليمي؟
ولد رشاد محمد العليمي عام 1954 في ريف تعز (جنوب غرب) المحافظة الأكثر سكاناً في اليمن، وتلقى تعليمه في طفولته على يد والده القاضي محمد، ثم أكمل دراسته الثانوية في العاصمة صنعاء.
حصل العليمي على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية من كلية الشرطة والعلوم العسكرية في الكويت عام 1975.
وبعدها عاد إلى اليمن وعمل في كلية الشرطة وواصل تعليمه في كلية الآداب بجامعة صنعاء (أكبر جامعات اليمن) وتخرج من الكلية عام 1977.
واصل العليمي مشوار التعليم العالي، وتمكن من الحصول على شهادتي الماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع من "جامعة عين شمس" الشهيرة في مصر عام 1988.
ويعد الرجل أول رئيس يمني حاصل على شهادة الدكتوراه، ولديه اهتمامات متنوعة سواء في مجال علم الاجتماع، أو الجانب الأمني والعسكري.
أبرز مناصبه السابقة
على مدى السنوات الماضية، تقلد العليمي عدداً من المناصب الحيوية في عدة مجالات.
وقد عمل مديراً للشؤون القانونية في وزارة الداخلية عام 1989 قبل تحقيق الوحدة اليمنية بعام واحد، واستمر في ذلك العمل لمدة خمس سنوات.
كما جرى تعيينه رئيساً لمصلحة الهجرة والجوازات عام 1994، ثم مديراً لأمن محافظة تعز التي ينتمي إليها عام 1996.
بعد نجاحه بإدارة الملف الأمني بمحافظة تعز ذات الكثافة السكانية العالية، جرى تعيينه وزيراً للداخلية عام 2001، واستمر حتى جرى تعيينه بمنصب رئيس اللجنة الأمنية العليا ونائب رئيس الوزراء في 2006.
وعام 2008، أصبح العليمي نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للداخلية لشؤون الدفاع والأمن.
وقد كان آخر منصب سياسي للعليمي عمله مستشاراً للرئيس عبدربه منصور هادي منذ عام 2014 حتى تشكيل المجلس الرئاسي برئاسته صباح الخميس.
الخلفية السياسية
تقول بعض المصادر الإعلامية، إن العليمي انضم في شبابه إلى حزب التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، ذي التوجه القومي العربي.
وخلال عمله في نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كان العليمي عضواً في اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وكان يعد أحد أبرز قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام.
شخصية توافقية
يعد العليمي من الشخصيات المقبولة يمنياً على نطاق واسع، وفق مراقبين، حيث يحظى بعلاقات جيدة مع معظم المكونات السياسية، لذا جرى التوافق عليه رئيساً لمجلس القيادة الجديد.
ونتيجة لكونه محل توافق سياسي جرى اختياره عام 2019 رئيساً للتحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية الذي جرى تشكيله حينها، ضمن جهود توحيد صف المكونات اليمنية من أجل مواجهة الحوثيين.
رئيس جديد في واقع معقد
يواجه رئيس المجلس الرئاسي الجديد تحديات صعبة ومعقدة في بلد يعيش تشظياً وانقساماً سياسياً وجغرافياً، ما يجعل مهمة العليمي محاطة بالعديد من التعقيدات.
ولعل أبرز الملفات التي سيعمل عليها العليمي، تحسين الوضع الاقتصادي في بلاده التي تصنف بأنها أفقر دولة عربية، وواحدة من أفقر دول العالم.
إضافة إلى ملف المصالحة بين المكونات المناهضة للحوثيين وخلق وئام وانسجام بينها.
ويواجه العليمي أحد أهم الملفات، المتمثل في تحقيق سلام مع الحوثيين الذين أعلنوا في بيان لمتحدثهم الرسمي محمد عبد السلام رفضهم لتشكيل المجلس الرئاسي.
وبجانب العليمي، يضم المجلس في عضويته: سلطان علي العرادة وطارق محمد صالح وعبد الرحمن أبو زرعة وعثمان حسين مجلي وعيدروس قاسم الزبيدي وفرج سالمين البحسني وعبد الله العليمي باوزير.
ومنذ أكثر من 7 سنوات يشهد اليمن حرباً مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وحتى نهاية 2021، أودت الحرب بحياة 377 ألف شخص، وكبدت اقتصاد اليمن خسائر 126 مليار دولار، وفق الأمم المتحدة، بينما بات معظم سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.