قتل الكوادر الطبية وتدمير المستشفيات.. الاحتلال يبيد قطاع الصحة في غزة
على مدار أكثر من 15 شهراً من الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، تعرض القطاع الصحي لاستهداف مباشر، إلى جانب آثار الحصار المفروض من الاحتلال الإسرائيلي، مما زاد معاناة الفلسطينيين وفرض عبئاً كبيراً على النظام الصحي.
مستشفى الشفاء بعد عملية عسكرية استمرت أسبوعين / صورة: Reuters (Reuters)

أدى القصف الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى استشهاد عديد من الكوادر الطبية واستهداف المنشآت الصحية، فيما تعرض آخرون للاعتقال، مما أسفر عن نقص حاد في الطواقم الطبية في غزة.

كما فرضت القيود الإسرائيلية منعاً لدخول الفرق الطبية الدولية، التي كانت من المفترض أن تسهم في تخفيف الضغط على النظام الصحي، مما جعل القطاع الصحي في غزة يواجه خطر الانهيار التام.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح يوم الأحد، إذ تقرر أن تستمر المرحلة الأولى من الاتفاق لمدة 42 يوماً، يجري خلالها إجراء مفاوضات لبدء المرحلتين الثانية والثالثة بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.

تدمير شامل

ودمر الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نحو 34 مستشفى من أصل 38 في قطاع غزة، بما في ذلك المستشفيات الحكومية والأهلية، ليبقى 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تعرضها للتدمير، في وقت يعاني القطاع من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، وفقاً لأحدث الإحصائيات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

كما أدت الغارات الإسرائيلية إلى إخراج 80 مركزاً صحياً من الخدمة بشكل كامل، بالإضافة إلى تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى. ولم تسلم سيارات الإسعاف من الاستهداف، إذ جرى تدمير 136 سيارة إسعاف، مما أثر بشكل كبير في قدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.

وتعرضت الكوادر الطبية في غزة للاستهداف المباشر، فقد وثق المكتب الإعلامي الحكومي استشهاد 331 من العاملين في القطاع الصحي، بينهم ثلاثة أُعدموا داخل السجون الإسرائيلية.

حصار خانق

قال خليل الدقران، متحدث وزارة الصحة في غزة، إن القطاع الصحي عمل في ظروف صعبة للغاية خلال الهجمات الإسرائيلية، فقد كان الحصار مشدداً على القطاع، مما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة جداً من الشهداء والمصابين تفوق القدرة الاستيعابية للمستشفيات.

وأضاف أن الطواقم الطبية عملت بلا توقف على مدار الساعة داخل المرافق الصحية دون مغادرتها، وأوضح الدقران أن "الاحتلال الإسرائيلي دمر معظم المستشفيات وأخرجها من الخدمة، كما استهدف المرافق الصحية بشكل مباشر".

وأشار إلى أن الطواقم الطبية بذلت جهوداً كبيرة لإعادة تشغيل المستشفيات المتضررة رغم الإمكانات المحدودة، وأنهم يعملون بجهد لتشغيلها بأدنى طاقة ممكنة في انتظار دخول المساعدات الطبية.

وأضاف الدقران أن القطاع الصحي يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية نتيجة استهدافات الاحتلال، مؤكداً وجود حاجة ماسة إلى دخول فرق طبية دولية لتخفيف العبء عن الطواقم المحلية.

مستشفى الشفاء

واقتحم جيش الإحتلال مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة لأول مرة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إذ استمر الاقتحام لمدة 10 أيام، اعتقل خلالها كوادر طبية ونازحين وقتل آخرين، ودمر محتويات المستشفى وعدداً من مبانيه.

ثم جاء الاقتحام الثاني بين 18 مارس/آذار ومطلع أبريل/نيسان 2024، إذ دمرت قوات الاحتلال أقسام المستشفى وأحرقتها، وارتكبت مجازر داخلها وفي محيطها، مما أدى إلى إخراجها من الخدمة بشكل تام.

ويعد مجمع الشفاء، التابع لوزارة الصحة، أكبر مؤسسة صحية في قطاع غزة، وتأسس عام 1946، ويضم المجمع ثلاثة مستشفيات متخصصة: مستشفى النساء والتوليد مع قسم حضانة للأطفال الخدج، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى الجراحة، كما يضم قسم الطوارئ ووحدة العناية المركزة والأشعة وبنك الدم والتخطيط وغيرها من المرافق الطبية.

مستشفى أصدقاء المريض

في 10 فبراير/شباط 2024، دمر جيش الاحتلال "مستشفى أصدقاء المريض" في مدينة غزة خلال توغله في المنطقة، إذ أقدم على حرق المستشفى بالكامل. وفي 12 يوليو/تموز 2024، تعرض المستشفى مرة أخرى للقصف الجوي الإسرائيلي وقذائف المدفعية، مما أدى إلى تدميره بالكامل وخروجه من الخدمة.

تأسس المستشفى عام 1980 في حي الرمال بمدينة غزة، وكان في البداية يحوي 19 سريراً فقط. ومع تصاعد الهجمات الإسرائيلية، جرى رفع قدرته الاستيعابية إلى أكثر من 100 سرير. ويتبع المستشفى "جمعية أصدقاء المريض الخيرية"، وهي مؤسسة أهلية غير ربحية تأسست في نفس العام.

مستشفى كمال عدوان

دمر جيش الاحتلال أجزاء واسعة من "مستشفى كمال عدوان" في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023. ثم شن غارات جوية في مايو/أيار 2024 استهدفت مولدات الطاقة الخاصة بالمستشفى، مما أدى إلى تدميرها بالكامل.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، اقتحم الجيش المستشفى، وأجبر الطواقم الطبية والمرضى ومرافقيهم على الإخلاء الفوري. وخلال الاقتحام، تعرض المستشفى لأعمال تخريب واسعة، إذ أقدم الجنود على حرق أقسام وتدمير أخرى، مما تسبب في توقف الخدمات الطبية بشكل كامل.

كما اعتقل جيش الاحتلال مدير المستشفى، حسام أبو صفية، الذي أثارت صورته وهو يغادر وحيداً بين الركام تفاعلًا واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، إذ عبر عديد عن إشادتهم بصمود الطبيب، فيما انتقد آخرون التخاذل الذي تعرض له.

يعد مستشفى كمال عدوان من المستشفيات الرئيسية في محافظة شمال قطاع غزة، ويتكون من 4 مبانٍ تضم أقسام الطوارئ، والاستقبال العام، واستقبال الأطفال، والجراحة العامة، بالإضافة إلى أقسام جراحة العظام، والعناية المركزة، والأشعة، والمختبر، والصيدلية.

مستشفى العودة

ويقع مستشفى العودة في منطقة تل الزعتر على أطراف مخيم جباليا شمال قطاع غزة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حاصره جيش الاحتلال لمدة 18 يوماً، إذ دمر الطوابق العلوية من المستشفى إلى جانب سيارات الإسعاف الموجودة في الموقع.

كما اعتقل جيش الاحتلال عدنان البرش، أحد أشهر جراحي غزة، في أثناء وجوده بالمستشفى، إلى جانب مجموعة من الأطباء. وفي مايو/أيار 2024، أعلن نادي الأسير الفلسطيني عن استشهاد البرش في سجون الاحتلال.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، تعرض المستشفى لقصف مدفعي إسرائيلي استهدف أحد مبانيه، مما أدى إلى تضرر عديد من الأجهزة الطبية.

ومنذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وحتى دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 21 يناير/تشرين الأول 2025، فرض جيش الاحتلال حصاراً مشدداً على المستشفى، دمر خلاله أجزاء منه ومنع وصول الطواقم الطبية إلى المكان.

المستشفى الإندونيسي

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، دمر جيش الاحتلال أجزاء من المستشفى الإندونيسي وأحرق عدداً من طوابقه، مما أدى إلى خروجه من الخدمة جزئياً، كما فرض الجيش حصاراً مشدداً على المستشفى ضمن خطة التطهير العرقي التي نفذها في شمال القطاع خلال نفس الفترة.

يعد المستشفى الإندونيسي مستشفى حكومياً أنشئ عام 2014 في شمال قطاع غزة، بإشراف وتنفيذ مؤسسة "ميرسي" الإندونيسية، وبتمويل من تبرعات الشعب الإندونيسي.

مستشفى الأمل

في فبراير/شباط 2024، شن الجيش الاحتلال غارات جوية استهدفت "مستشفى الأمل" التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وفي نفس الشهر، اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى، إذ دمرت أجزاء منه واعتقلت وقتلت عدداً من العاملين في المستشفى.

تأسس مستشفى الأمل عام 1997 على مساحة 4.5 دونمات، ويتكون من 5 طوابق ويضم 100 سرير.

مستشفى ناصر

في فبراير/شباط 2024، اقتحم جيش الاحتلال "مستشفى ناصر" في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، الذي كان مكتظاً بالجرحى والمرضى وآلاف النازحين، ودمر عدداً كبيراً من أجهزته الطبية.

يعد "مستشفى ناصر" من أبرز المستشفيات في منطقة جنوب قطاع غزة، ويضم 512 سريراً، وكان يقدم خدماته في ظل أوضاع إنسانية قاسية، وبخاصة منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي أسفر عن أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، مما يعتبر واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

TRT عربي - وكالات