ووصف الجندي، المنتمي إلى لواء "غفعاتي كتيبة 435" بجيش الاحتلال، فعلته في تعليق متهكّم على الصورة بأنها "جريمة عنيفة"، مما زاد من وطأة ردود الفعل الغاضبة.
ووفق ما تداولته منصات التواصل، فإن الصورة التُقطت خلال هجوم لجيش الاحتلال الإسرائيلي على شمال القطاع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتأتي الحادثة وسط تصعيد واسع النطاق تشهده المنطقة، حيث تتكرر انتهاكات جيش الاحتلال للمقدسات الإسلامية، بما في ذلك إحراق نسخ من القرآن الكريم في مساجد غزة.
واشتعلت موجة من الغضب العارم على منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب نشطاء بمحاسبة الجندي ودعوا إلى تحرك دولي يُدين هذا التصرف، فيما عبّر كثيرون عن شعورهم بالإهانة والاستفزاز، معتبرين هذه الحادثة انعكاساً لسياسات إسرائيلية تتسم بالعدائية تجاه الإسلام والمسلمين.
كما أدانت منظمات دولية ومؤسسات حقوق الإنسان هذا الفعل، داعيةً إلى تحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين، وأشارت إلى أن تكرار مثل هذه الأفعال يمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني والقيم الدينية.
من جانبها، وصفت الفصائل الفلسطينية الحادثة بأنها "جريمة كراهية" و"تعبير عن فاشية مشبَّعة بالإجرام". ورأت أن هذه التصرفات تزيد من تأجيج الصراع في المنطقة وتُفاقِم معاناة الفلسطينيين.
وطالب مراقبون ومنظمات حقوقية المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات المتكررة، مؤكدين أن مثل هذه الأفعال لا تؤدي إلا إلى زيادة الاحتقان وتأجيج التوتر في المنطقة.
ليست الأولى
والحادثة ليست الأولى من نوعها، إذ في أغسطس/آب الماضي، اقتحم جنود إسرائيليون مسجد بني صالح، شمالي غزة، وأضرموا النار في نسخ من القرآن الكريم، في سلوكيات وصفها مراقبون بأنها تُعبّر عن سياسة ممنهجة للاعتداء على المقدسات الإسلامية.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم تتوقف قوات الاحتلال الإسرائيلية عن استهداف المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالقصف الجوي أو الإحراق والتدمير خلال العمليات البرية.
وخلال الحرب على غزة، دمَّرت إسرائيل 815 مسجداً بشكل كلي و151 بشكل جزئي. ولم تسلم الكنائس من آلة الحرب الإسرائيلية إذ تعرضت 3 كنائس في قطاع غزة للقصف والتدمير بشكل كامل، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وتباهى الجنود الإسرائيليون عدة مرات، منذ اندلاع الحرب، بنشر مقاطع مصورة توثق انتهاكاتهم في القطاع المحاصَر للعام الثامن عشر على التوالي ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وسبق أن تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد تُظهر تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية والبنى الثقافية في قطاع غزة. من أبرز هذه المشاهد، إحراق جنود إسرائيليين مساجد ونسخاً من القرآن الكريم، إلى جانب مكتبة جامعة الأقصى، التي تُعد من أهم المؤسسات الأكاديمية في القطاع.
ولم يقتصر القصف الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية، بل امتد ليشمل الكنائس، إذ استهدفت الطائرات الإسرائيلية ثلاث كنائس في غزة، ما أدى إلى تدميرها جزئياً ومقتل وإصابة عدد من المسيحيين، بمن فيهم نازحون كانوا يحتمون داخل هذه الكنائس.
وأيضاً، خلال العدوان على لبنان، تداول رواد مواقع التواصل مقاطع مصورة، تُظهر تفجير مساجد جنوبي لبنان، منها مسجد في بلدة أم التوت، ومسجد بلدة بيوت السياد، فيما أظهرت مقاطع نشرها جنود إسرائيليون في وقت سابق، تفجير مسجد "الرسول الأكرم" في بلدة الضهيرة.
وبالتوازي مع تبريرات رسمية واهية، قاد إسرائيليون على مواقع التواصل حملة دعم للحرب على المساجد. ورغم تعمد الجنود الإسرائيليين نشر توثيقاتهم لاستهداف مساجد غزة ولبنان، فإن جيش الاحتلال يبرر هذا التدمير بحجة "استخدامها نقطة انطلاق وتجهيز لهجمات ضده"، دون أن يقدم أي دليل على ذلك.
وتطالب المادة 52 من البروتوكول الإضافي الأول في اتفاقيات جنيف لعام 1977، بضرورة حماية الأعيان المدنية، بما فيها دور العبادة، من الهجمات العسكرية، وحظر استهدافها أو تدميرها أو الاستيلاء عليها دون مبرر عسكري.
ويشدد قرار مجلس الأمن رقم 2347 لعام 2017، على أن تدمير الممتلكات الثقافية، بما فيها دور العبادة، جريمة حرب. ويحث الدول الأعضاء على منع استهدافها، وعلى حمايتها بشكل فعّال، وضمان مساءلة المتورطين عن الإضرار بها.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلَّفت نحو 148 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلةً قرار مجلس الأمن الدولي إنهاءها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.