يتحدث أهالي بلدة حوارة جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية عن "ليلة دامية" ذكّرتهم بقصص النكبة التي تشرد فيها الفلسطينيون عام 1984.
ومساء الأحد/الاثنين شوهدت ألسنة اللهب في كل مكان ببلدة حوارة جراء نيران أضرمها مستوطنون إسرائيليون، لكن الفجر كشف عن هول الواقعة.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت الأحد استشهاد الشاب سامح أقطش (37 عاماً) وإصابة عشرات في اعتداءات نفذها مستوطنون بحماية الجيش الإسرائيلي جنوبي نابلس.
جميلة ضميدي، سيدة فلسطينية عاشت "ليلة رعب حقيقية" في ظل اعتداءات نفذها مستوطنون في البلدة، حيث تعرّض منزلها للتحطيم والحرق الجزئي.
تقول جميلة (60 عاماً) إن عشرات المستوطنين هاجموا منزلها ليلاً بالحجارة والغاز المسيل للدموع، وأشعلوا النار في أجزاء منه.
وتضيف المسنة التي تعاني من مرض بالقلب: "عشنا ليلة رعب حقيقية، لم يكن في البيت سوى السيدات والأطفال، لم يُسمح لطواقم الإسعاف بالوصول".
وتصف جميلة الحالة بالقول: "ما بين الصراخ والعويل والمناشدات، عشنا نحو 3 ساعات".
وحسب ما رصد مراسل الأناضول، أتت النيران على مضافة منفصلة عن البيت، وجرى تكسير النوافذ وعدد من المركبات في ساحته.
وبعد ليلة صعبة، يتفحص السكان ممتلكاتهم وذويهم، يقف رجل أمام منزله، وبجواره مركبة أحرقت بالكامل، يقول إن مستوطنين أحرقوها.
فيما ينتشر جنود الجيش الإسرائيلي في كل مكان، يعتلون أسطح عمارات سكانية، ويتخذون من بعض البيوت نقاطاً عسكرية على طول الشارع العام في بلدة حوارة، الذي يمر عبره مستوطنون.
بلدة حوارة يسكنها نحو 7 آلاف نسمة، وتقع على الشارع العام الذي يربط بين محافظتي نابلس ورام الله، ويسلكه الإسرائيليون للوصول إلى مستوطناتهم.
وخسرت البلدة نحو 80% من أراضيها، لصالح المستوطنات الإسرائيلية والشوارع التي تخدم المستوطنات.
ويقول غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان شمالي الضفة، للأناضول، إن "نحو 300 اعتداء نفذها المستوطنون في بلدات جنوبي نابلس (حوارة بورين، عصيرة القبلية، بيتا، وزعترة)، ما بين اعتداء جسدي، وحرق منازل ومركبات، وعقارات وغيرها.
ويشير إلى أن "ما جرى (الأحد) حربٌ حقيقية منظمة شنّتها عصابات المستوطنين، وبطريقة منظمة وبحماية الجيش الإسرائيلي".
وحسب دغلس، فقد "عاشت البلدة ليلة عصيبة وصفت بأنها حرب حقيقية"، وندد بالهجوم مطالباً المجتمع الدولي بـ"وقفة حقيقية لردع المستوطنين وقوات الاحتلال".
نهيل ضمدي (33 عاماً)، أحد سكان حوارة، يقف أمام مبنى سكني لعائلته توشّح باللون الأسود نتيجة الاعتداء عليه بالحرق.
ويقول للأناضول: "جرى حرق 4 مركبات خاصة للعائلة ومرآب للمركبات التالفة (للقطع)، مما أدى إلى إلحاق الضرر بالعمارة المكوّنة من 5 طبقات".
وقدّر نهيل الخسائر المادية بالملايين، وأكد أنه "لا يوجد أي أحد في مأمن"، وفق تعبيره.
بدوره، كمال عودة، أمين سر حركة "فتح" في حوارة، وصف ما جرى بأنه "محاولة تنفيذ إبادة جماعية لسكان حوارة من قبل المستوطنين وبحماية الجيش الإسرائيلي".
وأضاف للأناضول: "مئات المستوطنين المسلحين وبحماية من الجيش اقتحموا الشارع العام وأحرقوا كل شيء، لم يسلم بيت أو متجر أو شجرة".
ولفت عودة إلى أن "هذا الهجوم هو الأشرس والأوسع للقرية الواقعة بالقرب من عدد من المستوطنات الإسرائيلية".
وقال إن "اعتداءات المستوطنين في تصاعد، منذ بداية العام تعرّضت حوارة وحدها لنحو 100 اعتداء، ما يجري فعلاً أننا نُقتل بيد المستوطنين وبحماية من الجيش".
والأحد، أفاد مراسل الأناضول نقلاً عن شهود عيان، بأن عشرات المستوطنين وبحماية من الجيش الإسرائيلي، اقتحموا حوارة من ناحية "دوار سلمان الفارس" قرب مستوطنة يتسهار، ومن ناحية حاجز زعترة العسكري.
وفي وقتٍ سابقٍ الأحد، قُتل إسرائيليان، بعد إطلاق النار على سيارة كانا يستقلانها قرب بلدة حوارة.