حقّقَت تركيا تطوّراً هائلاً على صعيد صناعاتها الدفاعية خلال الأعوام الأخيرة، وتسعى أنقرة بذلك لتكون سيدة قرارها في خياراتها العسكرية، إضافة إلى تعزيز اقتصادها بإيرادات مختلف أنواع السلاح والمُسيَّرات المسلَّحة وأنظمة الدفاع الجوية الوطنية محلية الصنع.
وارتفعت صادرات تركيا الدفاعية من 248 مليون دولار في عام 2002 إلى ما يزيد على 3 مليارات دولار في عام 2019، فيما باتت شركات الصناعات العسكرية التركية تحتلّ مراتب متقدمة في قوائم أفضل الشركات العسكرية العالمية.
وتأتي "أسيلسان" (ASELSAN) و"بايكار" (Baykar) و"FNSS" و"هافلسان" (HAVELSAN) بين أبرز الشركات الرائدة في مختلف الصناعات العسكرية الوطنية التركية.
منظومة سيبار الدفاعية
اختبرت تركيا السبت بنجاحٍ صاروخَ الدفاع الجوي طويل المدى "سيبار" (Siper) الذي طوّرته عدة شركات للصناعات الدفاعية التركية.
ويلبّي صاروخ "سيبار" حاجة ماسّة لدى أنقرة لتطوير قدراتها الدفاعية الجوية محلية الصنع، إذ يتمتّع الصاروخ بإمكانيات عالية.
وتعمل المنظومة على نحو متكامل ومزوَّد برادار الإنذار المبكّر الذي طوّرته شركة "أسيلسان" التركية للصناعات الدفاعية.
ويصل مدى اعتراض الصاروخ التجريبي "سيبار بلوك-I"، الذي طُوّر بعد صاروخي الدفاع الجوي "حصار-A+" و"حصار-O+"، إلى ما يزيد على 70 كيلومتراً.
في حين يبلغ مدى اعتراض نظام "حصار-A+" إلى نحو 15 كيلومتراً، ويبلغ مدى "حصار-O+" نحو 25 كيلومتراً، فإنّ "سيبار" يُصنَّف في مستوى يمكّنه من منافسة منظومة "S-400" الروسية.
وتعمل المنظومات الثلاث على تشكيل نظام دفاعي متعدّد الطبقات قادر على حماية المنشآت الاستراتيجية من هجمات العدو في إطار الدفاع الجوي الإقليمي.
وتتولّى شركات "أسيلسان" (ASELSAN) و"روكيتسان" (Roketsan) و"توبيتاك" (Tübitak) التركية تنفيذ مشروع الصاروخ بالشراكة.
بدائل دفاعية وعائدات مليارية
يأتي تطوير المنظومة الجديدة، التي نجحت أنقرة بالفعل في اختبارها، في سياق سباق دولي بين مختلف القوى على تطوير منظومات دفاعية.
وكان الحديث عن خيارات تركيا الدفاعية سابقاً منحصراً في منظومة الدفاع الروسية "S-400" ونظيرتها الأمريكية "باتريوت"، الذي يُشير مراقبون إلى أنّه قد يتغير تدريجياً مع امتلاك أنقرة حلولاً وبدائل دفاعية محلية.
وفي هذا الصدّد صرّح رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير، بأنّ بلاده تخطّط لإدراج "سيبار" في قائمة الأسلحة المستخدَمة بحلول 2023، وتابع: "سندمّر كل التهديدات عبر سيبار".
ويقول أنل شاهين الباحث المتخصّص في الصناعات الدفاعية، إنّ تركيا تعمل منذ فترة لتجهيز شبكة الدفاع الجوي الوطنية متعدّدة الطبقات، وإنّها تعمل بالتوازي في وقت قياسي على تطوير عدة أنظمة من بينها "كوركوت" (KORKUT)، و"غق دنيز" (GÖKDENİZ) ، إضافة إلى أنظمة "حصار" (HİSAR)، و"سونغور" (SUNGUR).
وأشار شاهين إلى الأبعاد الاقتصادية في نجاح تطوير منظومة "سيبار" الجديدة، واصفاً ذلك التطوير الأخير بكونه "قضية مليارية"، منوّهاً بأنّه سيقدّم لتركيا عائدات ضخمة جرّاء مبيعاتها من تلك المنظومة الدفاعية المتكاملة.
ولا يستبعد الباحث المتخصّص في الصناعات الدفاعية أن تظلّ قضية شراء تركيا منظومات دفاعية من الخارج مطروحة على الطاولة نظراً إلى الوضع الراهن.
ولفت إلى أنّه رُغم مضاهاة "سيبار" لقدرات المنظومة الدفاعية الروسية "S-400"، فإنّ أنقرة تسلمت الدفعة الأولى من موسكو، وتنتظر الدفعة الثانية من المنظومة نفسها بموجب اتفاقيات عسكرية موقَّعة بين البلدين.
وشدّد شاهين على أنّ "تركيا ستحوذ نظاماً دفاعياً مماثلاً لـ"S-400" الروسية أو "SAMP/T" الفرنسية-الإيطالية بحلول نهاية النصف الأول من العقد الحالي"، وتابع بأنّه لهذا السبب، على الرغم من امتلاك أنقرة مشاريعها الدفاعية الوطنية، "فإنّنا بحاجة إلى تلبية احتياجاتنا العاجلة بالنظام الأكثر صحة"، على حد تعبيره.