عقب انتشار أخبار الفاجعة مباشرة هبّ آلاف المواطنين لمساعدة المتضررين من الزلازل في 11 ولاية تركية حتى قبل أن تطلق السلطات نداء لذلك.
وفي عمليات البحث والإنقاذ وتوزيع المساعدات الإنسانية ونصب الخيام وتنظيم عمليات الإيواء، وحتى في حمل النعوش ومواساة أهالي الضحايا كانت مساهمة المتطوعين كبيرة جداً في جهود تخفيف آثار الكارثة المدمرة وتقديم العون للناجين وسط الدمار.
منذ اللحظات الأولى
منذ اللحظات الأولى التي تلت الزلازل المدمرة هب آلاف المتطوعين الأتراك إلى المناطق المتضررة لإغاثة إخوانهم المنكوبين.
واكتظت ردهات مطار إسطنبول بمئات المتطوعين ينتظرون الطائرات التي ستنقلهم إلى جنوب شرقي البلاد. من جهته قال والي إسطنبول علي كايا إن 12750 متطوعاً أُرسلوا من إسطنبول نحو مناطق الزلازل وبخاصة هاطاي على متن 73 طائرة.
وأعلنت الخطوط التركية يومها (7 فبراير/شباط) أنها نقلت 12839 عنصراً من فرق البحث والإنقاذ إلى المناطق المنكوبة. في تغريدة على تويتر قال المستشار الإعلامي للشركة يحيى أوستون إن أسطول الشركة نقل أيضاً 850 طنّاً مساعدات إنسانية.
في الوقت ذاته بدأ عمال مناجم تركيا -وهم من الأكثر خبرة بحالات انتشال العالقين تحت الأنقاض- تكوين مجموعات استعداداً للذهاب إلى المدن التي ضربتها الزلازل بالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية "أفاد"، المسؤولة الوحيدة عن تنسيق جهود البحث والإنقاذ في عموم المنطقة، والتي تعمل تحت مظلتها الآن جميع مؤسسات الدولة والبلديات.
كما تطوع آلاف الأطباء والمهندسين وعمال البناء من شَتّى المدن التركية لتقديم خدماتهم من أجل دعم جهود الإغاثة، تَطوَّع المواطنون العاديون بوقتهم وقدّموا الدعم العاطفي وساعدوا بعملية التنظيف ونقل التراب والحجارة.
على الأرض
كانت باريش جيليك المدرسة البالغة من العمر 48 عاماً إحدى من توجهوا متطوعين إلى المناطق المنكوبة. وفي حديثها مع TRT World قالت إن "من الصعب للغاية أن تمر بما حدث هنا. بصفتك متطوعاً عليك أن تحافظ على روحك عالية في مواجهة كثير من المآسي لمساعدة الناجين".
وتضيف المتطوعة التركية أن الناس بعد تجربة الزلزال القاسية احتاجوا إلى كثير من العناق والمواساة، وأنهم "يشتكون من أنه وضع فظيع. رداً على معاناتهم قلنا لهم دائماً إننا ليس بعضنا مختلفاً عن بعض. نتيجة لذلك نحن واحد ونحن جميعاً بنفس الموقف وسنخرج معاً من هذا الموقف".
منذ وصولها إلى أنطاكيا بولاية هاطاي قدمت جيليك الدعم النفسي لأكثر من 80 ناجياً، منهم أطفال، بالمرفق الرياضي الداخلي بجامعة المدينة الذي افتُتح لإيواء الناجين، من أجل التعامل مع صدمة الكارثة.
"بذلنا نحن وأصدقاؤنا قصارى جهدنا بروح القوة الوطنية"، هذا ما قال سيركان أكتاش المتطوع من الهلال الأحمر التركي ويبلغ 24 عاماً، والذي حشد آلاف المتطوعين بمناطق الزلزال. ويشير لفظ "القوة الوطنية" الذي ذكره إلى المقاومة التي تشكلت بحرب الاستقلال التركية ضد المحتلين بعد الحرب العالمية الأولى.
وأوضح أكتاش لـTRT World: "لقد اتخذنا إجراءات منذ الساعة الأولى للزلزال، في محاولة للوصول إلى من كانوا تحت الأنقاض أو خارج منازلهم (...) يوجد حطام نكشطه بأظافرنا". مضيفاً أن المتطوعين بذلوا قصارى جهدهم لمساعدة الناجين، بما في ذلك مساعدة الناس في دفن أحبائهم.
وبختام حديثه قال: "ذهبنا مرات إلى كل ركن من المدينة (أنطاكيا) وإلى أحياء أخرى وقرى، ووزعنا المياه والطعام والبطانيات (...) سألنا كل من التقينا عما يحتاج (...) إذا احتاج حتى إلى الترحيب نشجع ونرحب".