كانت سبّاقة في المساعدة.. لماذا هبّ العالم للوقوف إلى جانب تركيا؟
منذ اللحظات الأولى للزلزال انهالت المساعدات الإنسانية الدولية على تركيا لدعم شعبها من أجل تخطي الكارثة. وهو ما اعتبر رد فعل طبيعي، ارتباطاً بكون أنقرة كانت سبّاقة دائماً لإغاثة كل محتاج في مثل هذه الحالات.
لماذا هبّ العالم للوقوف إلى جانب تركيا؟ / صورة: AA (AA)

في مبادرة عنوانها الاعتراف بالجميل والامتنان للدعم وقت الضيق، وجهت الخارجية التركية يوم الجمعة رسائل شكر لكل الدول التي تحركت لنجدتها في مواجهة أكبر كارثة طبيعية يعرفها القرن زلزال قهرمان مرعش، الذي تجاوزت حصيلته 40 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى و9 ملايين من المشردين.

أعرب وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، الجمعة، عن شكره للدول التي قدمت الدعم الإنساني اللازم لبلاده. قائلاً إن وزارته وجهت عقب الزلازل نداءً للحصول على مساعدة دولية على أعلى مستوى، وأن "الجميع استجابوا لها".

فيما تأتي هذه الاستجابة بعد سنوات من الجهود الإنسانية التي كانت أنقرة سبّاقة فيها، دعماً للمنكوبين في مختلف بقاع العالم. إذ لم تؤثر مجهوداً في المبادرة للاستجابة لكل مستغيث، وقتما دعت الحاجة إلى ذلك.

مساعدات دولية إلى تركيا

حسب الخارجية التركية، عقب كارثة الزلزال المدمر، تلقت البلاد عروض مساعدة من 100 دولة حول العالم، وعلى الأرض فرق إنقاذ من 80 بلداً تقود عمليات البحث عن ناجين بين الأنقاض. هذا إضافة إلى 5 دول أخرى، من المنتظر أن ترسل فرقها في القادم من أيام.

وبلغ تعداد أفراد هذه الفرق الدولية أزيد من 9 آلاف و247 عنصراً، مع انتظار أن يضاف لهم 860 عنصراً آخرين. وبدوره الاتحاد الأوروبي وحده، جنَّد ما لا يقل 31 فريق إنقاذ و5 فرق طبية، بقوام يناهز 1650 عنصراً للمشاركة في عمليات الإغاثة بتركيا، إضافة إلى 100 كلباً مدرباً للبحث عن ناجين.

وأرسل تكتل الدول الأوروبية مساعدات إنسانية للمنكوبين، تمثلت في 500 مسكن مؤقت، و2000 خيمة، و10 آلاف و500 سرير. ناهيك عن رصد دعم مالي قُدر بـ3 ملايين يورو.

هذا وقاد الطيران الملكي البريطاني جسراً جوياً لإيصال مساعدات حلفاء الناتو إلى تركيا، والتي تضمنت 15 طناً من المساعدات الإنسانية و81 طناً من الأدوية والمعدات الطبية. وأرسلت المملكة المتحدة ما لا يقل عن 77 خبير بحث وإنقاذ مجهزين بمعدات متطورة، ورصدت مساعدات مالية تزيد على 30 مليون يورو.

وخلال زيارته التضامنية إلى تركيا، يوم الخميس، صرَّح الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبيرغ بأن "تركيز التحالف الآن سيكون على إعادة الإعمار ودعم النازحين بسبب الزلزال"، مشيراً إلى أن هذه الجهود ستشمل أيضاً "إنشاء مساكن مؤقتة واستخدام قدرات النقل الجوي الإستراتيجية للناتو لجلب آلاف الخيام إلى تركيا".

وكانت باكستان أبرز الداعمين لتركيا في محنتها، إذ أرسلت من 500 طن من مواد الإغاثة، شملت خياماً شتوية وبطانيات، ومواد إغاثية أخرى. هذا فضلاً عن فرق الإنقاذ والفرق الطبية، الذين تمكنوا من إنقاذ نحو 14 شخصاً من تحت الأنقاض، حسب رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف.

370 مليون دولار من الدول العربية

في ذات السياق، تواصل دول الخليج العربي إرسالها المساعدات لتركيا. أعلنت القوات المسلحة القطرية يوم الجمعة أن "طائرات النقل الجوي التابعة للقوات الجوية الأميرية حملت إلى تركيا الأسبوع الماضي أربع طائرات هليكوبتر من نوع أجوستا"، إضافة إلى "آليات ومعدات صيانة وفريقاً طبياً للعمل ضمن المستشفيات الميدانية وتقديم الإخلاء الطبي ودعم المتضررين في المناطق المنكوبة".

هذا وأطلقت المملكة العربية السعودية، بتوجيهات من الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، جسراً إغاثياً لمساعدة متضرري الزلزال في سوريا وتركيا، تضمن مساعدات إنسانية وطبية وفريقاً للبحث والإنقاذ.

وفي الإمارات والبحرين، أسفرت حملتا تبرعات لإغاثة متضرري الزلزال، يوم الجمعة، عن جمع 7.9 مليون دولار خلال 3 ساعات. فيما بلغ مجموع قيمة المساعدات التي قدمتها الدول العربية لأنقرة حوالي 370 مليون دولار.

تركيا سبّاقة في المساعدة!

في مقابلة له مع وكالة الأناضول، يوم الجمعة، أشار رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بأن وجوب التضامن مع تركيا راجع أيضاً لدورها الرائد في تقديم الإغاثة لدول العالم. وقال شريف إنه كلما احتاجت باكستان إلى المساعدة "بذلت الحكومة التركية والشعب والرئيس أردوغان قصارى جهدهم لمساعدة إخوانهم وأخواتهم، سواء في زلزال عام 2005، أو فيضانات عام 2010 ، أو الفيضانات التي شهدتها باكستان العام الماضي".

وخلال الفيضانات التي ضربت باكستان صيف 2022، مخلّفة ما لا يقل عن 1128 قتيلاً، كانت تركيا من السبّاقين لإغاثة الشعب الباكستاني. وأرسلت أنقرة نحو 11 طائرة تحمل مساعدات إنسانية إلى المتضررين، بالإضافة إلى مبادرة "قطار الخير" الذي حمل مساعدات جمعتها منظمات مجتمع مدني تركية بتنسيق من "آفاد"، وتشمل مستلزمات طبية وملابس ومواد غذائية، ونحو 5200 خيمة.

وحسب الموقع الرسمي للخارجية التركية، فإن سبق البلاد في تقديم المساعدات الإنسانية "نابع من تقليد عريق للشعب التركي"، وأن تركيا "تعتبر مساعدة الدول التي تواجه أوضاعاً صعبة بسبب الكوارث الطبيعية والحرب والفقر والصراعات الاجتماعية واجباً إنسانياً وعنصراً مهماً في استقرار المجتمع الدولي".

ووفقاً لتقرير المساعدات الإنسانية العالمية، في عام 2018، استمرت تركيا في كونها أكبر دولة مانحة في العالم، إذ بلغت المساعدات الإنسانية الرسمية 8.399 مليار دولار أمريكي. وتدعم تركيا شحنات المساعدات الإنسانية عبر الحدود لوكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إلى سوريا منذ عام 2014، وفي عام 2017، بلغت قيمة مساعدتها لتخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن 8.9 مليون دولار أمريكي.

وقدمت تركيا مساعدات للمتضررين في كل من كارثة زلزال جنوب شرق آسيا في ديسمبر 2004، وزلزال باكستان في 2005، والأزمة الإنسانية في لبنان في 2006، وأزمة غزة في نهاية عام 2008، وزلزال هايتي وتشيلي وكارثة الفيضانات في باكستان في عام 2010، وزلزال اليابان في عام 2011، وإعصار تيفون في الفلبين، والفيضانات في البلقان عام 2014، والزلزال في نيبال في عام 2015،والفيضانات في مقدونيا في عام 2016.

TRT عربي