أعلنت وزارة الخارجية القطرية تسلمها ومصر رد حركتي حماس والجهاد الإسلامي على المقترح الأمريكي بشأن صفقة وقف إطلاق النار، مؤكدةً ان جهود الوسطاء بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية سوف تستمر حتى التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار.
سلَّط رد حركتَي حماس والجهاد الإسلامي على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، الضوء على قضيتي وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي اللتين يعطل موقف إسرائيل منهما التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب في غزة.
وتصر فصائل المقاومة الفلسطينية على أن يتضمن أي مقترح أو صفقة وقفاً لإطلاق النار وانسحاباً إسرائيلياً من قطاع غزة. وعلى طول عملية التفاوض ما بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل تمسكت المقاومة بهذين البندين رافضة أي اتفاق من دونهما.
وتضمَّن قرار مجلس الأمن رقم 2735 عملية من ثلاث مراحل احتوت في بنودها على "وقف دائم للأعمال العدائية" و" انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع"، إلا أن تفسير عملية الاتفاق وبعض بنوده قد ينسف العملية برمتها، وهذا ما تحاول الفصائل الفلسطينية تجاوزه عبر الملاحظات التي قدمتها على المقترح الأمريكي.
الوقف الدائم لإطلاق النار
وفقاً لقرار مجلس الأمن والمقترح الأمريكي، فإن المرحلة الأولى من الاتفاق سوف تشمل وقفاً فورياً لإطلاق النار يجري خلاله تبادل جزء من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات بالأسرى الفلسطينيين، مع عودة المدنيين إلى مساكنهم.
وفي المرحلة الثانية يجري "وقف دائم الأعمال العدائية" مقابل إطلاق سراح جميع المحتجزين الآخرين.
وعاد نص البيان ليؤكد "أن المفاوضات إذا استغرقت أكثر من 6 أسابيع للمرحلة الأولى، فإن وقف إطلاق النار سيظل مستمراً ما دامت المفاوضات مستمرة".
وفي حين أن العبارات السابقة من القرار الأمريكي تضمنت دعوة واضحة إلى وقف إطلاق النار واستدامته إلا أنها تضمنت عبارات تتيح للاحتلال الإسرائيلي التنصل من هذا الوعد. فاستمرار وقف إطلاق النار لبقية الجولات الثلاث مرهون باستمرار المفاوضات بين الطرفين، حتى لو تجاوزت 6 أسابيع.
لكنه لا يُجيب عن سؤال: إذا ما انسحبت إسرائيل من المفاوضات أو وصلت إلى طريق مسدود هل سيستمر وقف إطلاق النار؟
في المرحلة الثانية من قرار مجلس الأمن، يُفترض إنهاء جميع العمليات القتالية، لكن القرار يشرطه باتفاق كلا الطرفين الذي سيتحقق في المرحلة الأولى التي ستجري خلالها عملية التفاوض، مما يعني أن ضمان وقف إطلاق النار يتحقق فقط في المرحلة الأولى، فيما يُرهَن استمراره بالمفاوضات بين الطرفين، حتى لو تجاوزت المفاوضات حاجز 6 أسابيع فإنها سوف تستمر، فيما لم يتضمن القرار أي مواد لإبقاء وقف إطلاق النار قائماً في حال انهيار المفاوضات بين الطرفين.
الانسحاب من غزة
يعد الانسحاب من غزة البند الثاني الذي تصر عليه الفصائل الفلسطينية، فحتى هذه اللحظة تتمركز القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا على الحدود المصرية-الفلسطينية وتسيطر على معبر رفح البري، كما تتمركز في منطقة الوسط التي تُعرف بـ"نتساريم" وتفصل ما بين شمال القطاع ومحافظات الوسط والجنوب، مانعةً عودة النازحين إلى مساكنهم في مدينة وشمال غزة.
ووفقاً لقرار مجلس الأمن والمقترح الأمريكي، فإن القوات الإسرائيلية سوف تنسحب "من المناطق المأهولة بالسكان في غزة" بما يتيح "عودة المدنيين الفلسطينيين إلى ديارهم وأحيائهم في جميع مناطق غزة بما في ذلك الشمال".
وفي المرحلة الثانية، وبعد الاتفاق على الوقف الدائم لإطلاق النار، يجري" انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من القطاع".
وفي ما يتعلق بالانسحاب من المناطق السكنية المأهولة، فقوات الاحتلال فعلياً هي خارج المناطق السكنية، باستثناء بعض المناطق في رفح، مما يعني أن شرط الانسحاب من هذه المناطق يبدو بلا فائدة حقيقية. كما أن قضية إعادة تمركز قوات جيش الاحتلال في منطقة الوسط بحيث تسمح للنازحين بالعودة، ما زالت تشكل قضية خلافية من حيث المديات والشكل الذي سوف تجري فيه.
وفي حين تصر المقاومة الفلسطينية على الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من جميع من مناطق قطاع غزة، تربط مراحل الاتفاق الانسحاب الكامل بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، مما يعني أن فشل المفاوضات في نهاية الجولة الأولى سوف يُبقي الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
فخ الجولة الأولى
لا تُظهر إسرائيل حتى هذه اللحظة جدية واضحة في إكمال الاتفاق إلى نهايته، ويُخشى من أن تكتفي إسرائيل بالتزام الجولة الأولى من الاتفاق التي تتيح لها استعادة جزء من المحتجزين وهدنة لمدة 6 أسابيع ثم تعود إلى القتال.
هذا ما ظهر في تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 3 يونيو/حزيران أمام لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست التي قال فيها: "يمكننا وقف القتال لمدة 42 يوماً من أجل إعادة الرهائن، لكننا لن نتخلى عن النصر الكامل".
ونقلت القناة "12" الإسرائيلية عن نتنياهو قوله في اللقاء ذاته: "لن نوافق على إنهاء الحرب دون استكمال أهدافها".
ونقلت رويترز عن وسائل إعلام إسرائيلية قولها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، صرَّح في الاجتماع نفسه بأن الخطة الأمريكية يمكن تنفيذ المرحلة الاولى منها والإفراج عن عدد من المحتجزين دون التزام شروط المرحلة اللاحقة من الاتفاق الأمريكي.
وفي حين تقارب إسرائيل مراحل الاتفاق كلاً على حدة، بمعنى المرحلة الأولى وحدة مستقلة عن الثانية، والثانية غير الثالثة.. ترى المقاومة في المراحل مجتمعة وحدة واحدة، يمكن التفاوض على تفاصيلها لكن يجرى القبول بها ككل.
من هنا تسعى الفصائل الفلسطينية إلى تثبيت شرطَي وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من غزة بوصفهما نتاجاً لعملية التفاوض دون أن يكون هناك مجال أمام الاحتلال الإسرائيلي للتنصل من العملية التي ترى فيها مقاومة كلاً متكاملاً، ويرى الاحتلال فيها مراحل منفصلة.