ما زال النقاش دائراً داخل الاتحاد الأوروبي، حول التوصل إلى الاتفاق من أجل حظر النفط الروسي خلال هذا الشهر. هذا ما أكده مسؤولون وأربعة دبلوماسيين، يوم الثلاثاء، مشيرين إلى وجود مخاوف تتعلق بإمدادات الطاقة في شرق أوروبا. لكن هذا، حسب قولهم، لا يشكل تأخيراً أو تخفيفاً لحدة المقترحات المطروحة.
فيما يشكل الاعتماد على النفط الروسي في بلغاريا والتشيك والمجر وسلوفاكيا أكبر عقبة أمام اتفاق الحظر الذي اقترحته المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، في أوائل مايو/أيار، رداً على الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط.
وبالتزامن مع هذا النقاش، حوّل الفرقاء الأوروبيون اهتمامهم نحو الهيدروجين الأخضر، ليكون أحد البدائل المطروحة على برنامجها للخلاص من واردات الطاقة الروسية. ذلك عبر زيادة إنتاجها لهذه المادة الصديقة للبيئة، وتعزيز شراكاتها مع دول إفريقية من المحتمل أن تكون رائدة في هذه الصناعة، أبرزها المغرب والجزائر.
تسهيلات أمام صناعات الهيدروجين الأوروبية
في الـ 20 مايو/أيار الجاري، نشرت المفوضية الأوروبية حزمة قواعد جديدة لتأطير إنتاج واستيراد الهيدروجين الأخضر إلى الاتحاد. مشيرة إلى أن هذه القواعد ستشمل في البداية قطاع النقل، لكنها ستتعمم بعد مراجعتها السنة القادمة على باقي القطاعات.
وتأتي هذه القواعد نزولاً على طلب أرباب الصناعات الأوروبية. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، راسل تحالف الصناعيين المفوضية بقائمة رغبات، قائلاً بأن لائحة القوانين الإضافية تلك "عامل حاسم في تحديد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيحقق هدفه الاستراتيجي بنقل إنتاجه الطاقي من الهيدروجين إلى 6 جيجاوات بحلول عام 2024 و 40 جيجاوات بحلول عام 2030".
وتتضمن حزمة القواعد الأوروبية الجديدة إلزام منتجي الهيدروجين بأن تكون الكهرباء المتجددة المستعملة في إنتاجهم "إضافية" لإنتاج الكهرباء المتجددة الحالية. وفي هذا الصدد التزم منتجو الكهرباء الخضراء في الاتحاد الأوروبي بزيادة قدرتها الإنتاجية عشرة أضعاف، لتصل إلى 17.5 جيجاوات سنوياً بحلول عام 2025، في محاولة لتعزيز قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا.
وتستثني هذه القواعد الجديدة منتجي الهيدروجين في المناطق الموصولة بنسبة 90% بالكهرباء المتجددة، ما يساهم في انتشار مصانع الهيدروجين في هذه المناطق، وبالتالي زيادة الإنتاج، وتسريع عملية التحول الطاقي. ويطمح الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، واستيراد أكثر من 10 ملايين أخرى.
عين على إفريقيا ومنطقة المغرب
ويجادل مقال لمؤسسة "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" البحثية، بأن أوروبا تسعى إلى الاعتماد على إفريقيا كبديل لوارداتها النفطية مع روسيا، لكون القارة السمراء "تمثل مفتاح المرونة الاقتصادية لأوروبا، بخاصة في سعيها إلى التحرر من روسيا". وفي هذا السياق يقرأ الجولة التي يجريها حالياً المستشار الألماني أولاف شولتز في عدد من الدول الإفريقية.
ويوضح المقال المذكور بأن: "برنامج الاتحاد الأوروبي للانتقال الطاقي يعتمد على بشكل كبير على إفريقيا كمصدر لهذه الطاقات". مضيفاً أن "عيون الأوروبيين قد وقعت منذ وقت على إمكانات القارة الإفريقية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يمكن أن تصبح صادراته أهم صادرات للقارة في المستقبل، نظراً لتطلبه الطاقة الشمسية في إنتاجه".
هذا وفي يونيو/حزيران 2020، وقَّع المغرب، الذي من المرجح أن يصبح رابع أكبر منتج عالمي للهيدروجين، اتفاق شراكة مع وزارة الطاقة الألمانية، بموجبه "يُطوَّر قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتُوضَع مشاريع للأبحاث والاستثمارات في استعمال هذه المادة التي تُعَدّ مصدراً للطاقة الإيكولوجية".
كما أطلق المغرب في السنة ذاتها "خارطة الطريق" لتحقيق أهدافه الإنتاجية للهيدروجين الأخضر، إذ تسعى المملكة إلى إمداد سوقها المحلية بـ4 تيراوات/ساعة والسوق الدولية بـ10 تيراوات/ساعة بحلول 2030. ولتحقيق هذا يُعمَل على زيادة الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة ورفع قدراتها الإنتاجية بـ6 غيغاوات، بما يخلق أكثر من 15 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بالبلاد.
وتسعى الجزائر هي الأخرى إلى الاستثمار في مجال إنتاج الهيدروجين والطاقات المتجددة، حيث أعلن وزير الطاقة الجزائري محمد طرطاق في 7 مايو/أيار الجاري، تكليف الحكومة الجزائرية وزارته صياغة "استراتيجية وطنية لتطوير الهيدروجين"، ستتمّ عبر لجنة وزارية مشتركة.
وتعد نقاط قوة البرنامج الجزائري لتصبح منتجاً دولياً للهيدروجين الأخضر إمكاناتها اللوجستية الكبيرة لتصديره، عبر شبكة الأنابيب التي تربطها بالضفة الشمالية لأوروبا، يُضاف إليها الأنبوب المزمع تشييده لربطها بنيجيريا بما سيُدخِلها أسواق دول إفريقيا جنوب الصحراء.