ويشرف على هذه العملية عدد من الوزارات والهيئات الحكومية أهمها، وزارة البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي، وإدارة الإسكان الجماعي (TOKİ)، وشركة Emlak Konut GYO، ومديرية الأشغال العامة، ورئاسة التحول الحضري، وبنك الولايات (İLBANK).
وتضررت 11 ولاية تركية من زلزال 6 فبراير/شباط هي قهرمان مرعش وأضنة وغازي عنتاب وملاطيا وأضي يامان وديار بكر وألازيغ وشانلي أورفة وكيليس وهاطاي وعثمانية.
وعلى حسابه على منصة إكس شدد وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي مراد كوروم على أن تركيا تغلبت على ما أنتجه الدمار الكبير في مناطق الزلزال " من خلال هيكل مؤسسي قوي وإرادة سياسية راسخة وقيادة حازمة وتضامن مجتمعي عالٍ". وأكد كروم على أن تركيا "ستواصل العمل بروح "النضال الوطني" نفسه، كما فعلنا منذ اللحظة الأولى للزلزال وحتى اليوم، بالتعاون مع جميع مؤسساتنا".
وفي كلمته خلال افتتاح "إحياء القرن: ندوة زلازل 6 فبراير/شباط من أجل غدٍ أقوى" التي نظمتها دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية، أشار رئيس الدائرة فخر الدين ألطون إلى أن البلاد واجهت في 6 فبراير/شباط 2023 واحدة من أكبر الكوارث في التاريخ، إذ ضربتها زلازل متتالية ذات قوة هائلة، ما أدى إلى تدمير 11 ولاية، و62 مقاطعة، و10190 قرية.
وأوضح أن 14 مليون شخص تأثروا مباشرةً في هذه الكارثة، التي تسببت في تدمير البنية التحتية، والمناطق الصناعية، والمعالم التاريخية والطبيعية، إلى جانب الأضرار التي لحقت بأنظمة الري والاتصالات والنقل والخدمات اللوجستية، وكذلك المؤسسات التعليمية والصحية ودور العبادة والمرافق الاجتماعية.
كما أعاد ألطون التذكير بأن أكثر من 53 ألف شخص فقدوا حياتهم جراء الزلازل، داعياً لهم بالرحمة.
200 ألف وحدة سكنية
وحتى نهاية الشهر الماضي وصلت نسبة الوحدات السكنية التي جرى تسليمها إلى سكانها 45٪ من النسبة المخطط بناؤها وفقاً لما نشره وزير البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي، مراد كوروم، عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي.
وخلال الشهر الماضي وبحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شهدت ولاية ملاطيا مراسم "المفتاح للوحدة رقم 201 ألف"، وأوضح الوزير كوروم قائلاً: "لن نتوقف حتى نعيد إعمار مناطق الزلزال. في 11 ولاية، عبر 174 منطقة مختلفة و1900 موقع بناء، يعمل 182 ألف مهندس وعامل حتى الآن، إذ سلمنا 201580 وحدة سكنية وتجارية. لن نغادر المنطقة حتى نضمن السكن الآمن لكل مواطن متضرر".
ووفقاً لبيان الوزارة فقد توزعت الوحدات التي جرى بناؤها إلى: 169171 وحدة سكنية، و149 محلاً تجارياً، و32260 منزلاً قروياً.
وأضافت أنه من المقرر بحلول نهاية هذا العام 2025، تسليم إجمالي 452983 وحدة مستقلة للمتضررين، موزعة كالتالي: 358859 وحدة سكنية، و31307 محال تجارية، و62817 منزلاً قروياً.
2.6 تريليون ليرة
على الصعيد المالي أكد رئيس دائرة الاتصال، فخر الدين ألطون في الندوة ذاتها، أنه جرى استثمار ما يقارب 75 مليار دولار (أي أكثر من 2.6 تريليون ليرة تركية)، في مناطق الزلزال خلال العامين الماضيين، وذلك ضمن الجهود المبذولة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة. كما أوضح أنه خُصّصت 584 مليار ليرة من ميزانية عام 2025 لدعم هذه الجهود.
كما أطلقت الحكومة مشروع "التحول في الموقع"، الذي يتيح للمتضررين من الزلزال بناء منازلهم ومحالهم التجارية بأنفسهم، مع الحصول على دعم مالي من دون فوائد يشمل: 750 ألف ليرة منحة، و750 ألف ليرة قرضاً للمساكن، و40 ألف ليرة دعماً لإعداد المشروع، و400 ألف ليرة منحة، و400 ألف ليرة قرضاً للمحال التجارية، بالإضافة إلى 40 ألف ليرة دعماً للمشروع.
وللمنازل التي تضم حظائر، تُمنح 750 ألف ليرة منحة، ومليون ليرة قرضاً، و40 ألف ليرة دعماً للمشروع، ويمكن للمواطنين المستفيدين من الدعم لأول مرة الحصول على 40 ألف ليرة دعماً للمشروع، وقرض لوحدة ثانية أو ثالثة.
يستفيد من هذا المشروع سكان 18 ولاية أُعلن عنها "مناطق كوارث ذات تأثير في الحياة العامة". وحتى الآن، جرى تقديم 21 مليار ليرة منحاً وقروضاً للوحدات المستقلة المُرخصة ضمن المشروع، بينما قدم بنك الولايات 65 مليار ليرة لدعم البنية التحتية في مناطق الزلزال.
دروس المحن
وأضاف أن توجيهات الرئيس رجب طيب أردوغان، وجهود وزارة البيئة والتخطيط العمراني، ووزارة الداخلية، ساهمت في التحرك السريع لاحتواء الكارثة وتقديم الدعم للمتضررين.
وأكد ألطون أن تركيا، في مواجهة "كارثة العصر"، أظهرت "تضامن القرن"، مشيراً إلى أن قوة التكاتف المجتمعي التي تجلت خلال هذه الأزمة كانت فريدة من نوعها، بحيث لا يمكن تفسيرها وفق النظريات الحديثة في علم الاجتماع.
وأشار ألطون إلى أن هذه الكارثة أكدت على ثلاثة أمور رئيسية: أولها صلابة الشعب التركي وصبره وقدرته على التضامن، وثانيها قوة الدولة وإمكاناتها الواسعة في مواجهة الأزمات، وأخيراً تماسك الدولة والشعب في وجه المحن.
وأكد ألطون أن الشعب التركي أظهر وحدته وتضامنه خلال كارثة الزلزال، ما أثبت للعالم قدرته على تجاوز الأزمات بروح جماعية متماسكة، مشيراً إلى أن هذا التكاتف يجب الحفاظ عليه وتعزيزه.
وشدد ألطون على أن حجم الكارثة كان هائلاً، لكن استجابة الدولة والشعب كانت على المستوى نفسه من القوة والتحدي، قائلاً: "عند تحليل الحضارات، يشير المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي إلى أن مصير أي حضارة يعتمد على كيفية استجابتها للأزمات والتحديات. فإذا تمكنت من تقديم رد قوي وخلاق، فإنها تنمو وتزدهر، وإذا لم تتمكن من ذلك، فإنها تنهار. ومن هذا المنطلق، أظهر الشعب التركي ودولته استجابة قوية ومنظمة لهذه الكارثة، مستمدةً العزم من حضارتنا العريقة".