التقى وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، نظيره المغربي ناصر بوريطة، يوم الأربعاء، على هامش فاعليات اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، بمدينة مراكش المغربية، فيما كان هذا اللقاء مناسبة لوزيرَي خارجية البلدين لتأكيد متانة الروابط بينهما، والدعوة إلى العمل على توطيدها وفقاً لـ"توجيهات العاهل المغربي محمد السادس، وفخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان" حسب بوريطة.
فيما تكشف الروح التي أعرب عنها الوزيران عن عمق العلاقات التي تربط أنقرة والرباط، والتي ما فتئت تتقوى مع تقارب وجهات نظر البلدين في عدد من القضايا الإقليمية والدولة. وتفتح هذه التوجيهات من قائدَي البلدين الباب أمام تمتين التعاون الثنائي القائم بينهما، سواء في شقه الاقتصادي أو السياسي.
لقاء خارجيتي الرباط وأنقرة
وأوضح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنظيره التركي، أنه اتُّفق "على استحقاقات قادمة بخصوص آليات التعاون بين البلدين"، سيجري من خلالها "العمل على تقوية العلاقات مع تركيا، انطلاقاً من توجيهات العاهل المغربي، محمد السادس، وفخامة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان".
وقال بوريطة: "نشكر موقف تركيا من قضية الصحراء، وبدورنا نؤيد أنقرة ونقف معها في قضاياها الأساسية، في إطار علاقات التضامن بين بلدين مسلمَيْن لهما طموح لتقوية هذه الشراكة". وفي هذا الصدد أكد وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، دعم بلاده الوحدة الترابية المغربية، قائلاً: "أريد أن أؤكّد مرة أخرى لأخي ناصر دعمنا وحدة أراضي وحدود المغرب وسيادته كما كان دائماً".
وأردف جاوش أوغلو متحدثاً عن المباحثات التي أجراها مع نظيره المغربي: "قيّمنا علاقاتنا الثنائية، واتفقنا على ضرورة العمل أكثر من أجل زيادة حجم تجارتنا الثنائية واستثماراتنا، وسنعقد اجتماعات للآليات الضرورية بهذا الصدد في المرحلة المقبلة"، كما شملت تبادل الرؤى حول الحرب الأوكرانية وما يُتوقع بعدها، إضافة إلى الوضع في ليبيا التي تهمّ البلدين، وتطورات أخرى في المنطقة.
وختم وزير الخارجية التركي حديثه قائلاً: "سأسعد كثيراً باستضافة أخي ناصر في تركيا في أقرب وقت". فيما أكّد بوريطة أنه "اتفقنا على تبادل الزيارات، وزيارتي تركيا قريباً (لم يذكر تاريخاً محدداً)، وعلى ضرورة عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين".
علاقات اقتصادية متينة
تجمع بين المغرب وتركيا علاقات تاريخية متينة، جعلت مصير الشعبين العريقين يلتقي في عدة نقاط من تاريخهما، فيما زادت هذه الأواصر لتصبح أكثر متانة في الوقت الحالي، وفقاً لطموح البلدين في تحقيق التنمية والازدهار، ولسعيهما المشترك لتوفير الاستقرار والأمن في محيطهما الإقليمي.
في هذا الصدد وطَّد المغرب وتركيا علاقاتهما الاقتصادية، التي نقلت مبادلاتهما التجارية من 5.4 مليار دولار فقط سنة 2003، إلى 25.4 مليار دولار نهاية سنة 2020، فيما تسير هذه المبادلات نحو الارتفاع بطموح تحقيق رقم 50 مليار دولار.
لم تكن أرقام المبادلات هذه لتتحقق، لولا اتفاقية التبادل الحر التي وقّعها البلدان سنة 2004، التي ارتفعت بموجبها صادرات المغرب نحو تركيا ما بين 2009 و2021، لتنتقل من 7.26 مليار دولار إلى 37.9 مليار دولار.
المغرب والصناعات الدفاعية التركية
من جهة أخرى يُعَدّ المغرب أحد الزبائن المهمين للصناعة الدفاعية التركية، إذ تسلَّمت الرباط في أبريل/نيسان 2021 الشحنة الأولى من مسيَّرات "بيرقدار TB2"، وفق عقد مع شركة "بايكار" التركية بقيمة 70 مليون دولار، من أجل التزود بـ13 طائرة من هذا الطراز. تأتي هذه الخطوة "في إطار مسلسل تطوير وتجديد ترسانة القوات المسلحة الملكية، حتى تكون على أعلى درجات الحداثة والكفاءة والجاهزية لمواجهة الأخطار كافة" حسب وسائل إعلام محلية وقتها.
وذكرت وسائل إعلام دولية في مطلع آب/أغسطس الماضي، أن "المغرب يتفاوض من أجل شراء 22 مروحية هجومية من طراز "أتاك تي 129" من إنتاج شركة "توساش" التركية، بقيمة 1.3 مليار دولار"، في صفقة "تشمل أيضاً أنظمة التسليح والصواريخ وإلكترونيات الطيران الحديثة"، مضيفة أن المغرب وقّع أيضاً عقداً مع شركة "أسيلسان" التركية بقيمة 50.7 مليون دولار "للحصول على منظومة الحرب الإلكترونية من طراز "كورال" بين عامَي 2023 و2024".
فيما كشف موقع "تاكتيكال ريبورت" المتخصص في صفقات السلاح، في يناير/كانون الثاني الماضي، تفاوض المغرب مع شركة "غلوجوك شيبيارد" التركية لشراء قاذفات للصواريخ من طراز "كيليش 2" وفرقاطة خفيفة، بالإضافة إلى سفن حربية تصنعها الشركة.
نقاط توافق سياسي بين البلدين
ويتوافق البَلَدان حول عدد من النقاط، خصوصاً حول تحقيق الأمن والاستقرار في حوض المتوسط، الأمر الذي ظهر بجلاء في تقارب مواقفهما من الأزمة الليبية، إذ كان المغرب الراعي للقاءات الصخيرات التي أفرزت حكومة الوفاق الوطني، فيما تدعم تركيا نفس المسار الأممي للحلّ السلمي للقضية، مما أفرز اتصالات عديدة بين الرباط وأنقرة في هذا الصدد.
يُضاف إلى هذا عمل المغرب على إغلاق المؤسسات التابعة لتنظيم كولن الإرهابي على ترابه، الأمر الذي أشادت به وقتها الخارجية التركية، واعتبره وزيز خارجيتها مولود جاوش أوغلو مؤشراً على التعاون الوثيق بين البلدين.
يؤكّد هذا التعاونَ كذلك دعم تركيا الوحدة الترابية للمغرب، الذي أعاد جاوش أوغلو تأكيده في لقائه الأخير مع ناصر بوريطة إذ قال: "أريد أن أؤكّد مرة أخرى لأخي ناصر دعمنا وحدة أراضي وحدود المغرب وسيادته كما كان دائماً".