في وسط هذه المنافسة، تقف الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة التي يصل عددها إلى ما بين 2.5 و3.5 مليون مواطن، ويعيش عديد من هؤلاء الناخبين المسجلين في الولايات المتأرجحة الرئيسية مثل أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وويسكونسن.
تأتي الانتخابات في ظل ظروف حساسة يعيشها المسلمون والعرب في أمريكا، وأظهر استطلاع للرأي نشره مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي حصول مرشحة الحزب الأخضر، جيل ستاين، على أغلبية أصوات المسلمين.
ووفق نتائج الاستطلاع، تتصدر ستاين بحصولها على 42% من أصوات المسلمين مقابل 41% لهاريس و10% لترمب، مع هامش خطأ يبلغ +/- 2.5 نقطة مئوية.
وفي هذا الإطار، قال الرئيس التنفيذي لفرع "كير" في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حسام علوش، إن ترمب يُنظر إليه على أنه "مؤيد لإسرائيل" مع "سياسات واضحة معادية للمهاجرين ومعادية للمسلمين"، في حين يُنظر إلى هاريس على أنها المرشحة الجالسة على السياج من خلال "التعاطف مع الفلسطينيين" ولكنها "تبقى صامتة" بشأن إدانة إسرائيل بسبب هجماتها على غزة.
وأضاف علوش: "نعتقد أن هؤلاء الناخبين المسلمين المقيمين في الولايات المتأرجحة سوف يلعبون دوراً رئيسياً في تحديد نتيجة الانتخابات".
وخلال الأيام الماضية، زار هذه الولايات المرشحان هاريس وترمب؛ فولاية ميشيغان التي تعد من أهم الولايات المتأرجحة وتضم ما يقرب من 240 ناخباً مسلماً، زارتها هاريس أكثر من 16 مرة خلال عام واحد فقط.
معاقبة الديمقراطيين
وفقاً للمعهد العربي-الأمريكي (منظمة غير ربحية) في واشنطن، فإن الحرب في غزة تعد قضية أساسية في تصويت الناخبين العرب، ويرى 8 من كل 10 من العرب الأمريكيين أن غزة مهمة في تحديد تصويتهم. وصنف 26% من العرب الأمريكيين بشكل عام الأزمة في غزة بوصفها واحدة من أهم القضايا بالنسبة لهم.
وجاءت الحرب في غزة في المرتبة الثانية بشكل عام بعد الوظائف والاقتصاد، يليها مباشرةً العنف المسلح. وبالنسبة إلى الديمقراطيين الأمريكيين العرب، فإن غزة هي القضية الأولى بشكل عام.
في تصريح لـTRT عربي، يقول أحمد غانم، وهو أمريكي من أصول عربية وينشط في الحياة السياسية الأمريكية ويحمل عضوية الحزب الديمقراطي وسبق له أن ترشح لعضوية الكونغرس: "بعد أحداث غزة، حدثت هزة كبيرة في الجسم المسلم، ورأوا أن كثيراً من هؤلاء ممن كنا نصوت لهم، يقفون الآن ويقتلون أبناءنا وأطفالنا في غزة، لذلك كانت هناك دعوات لمعاقبة الديمقراطيين".
شعور عرب الولايات المتحدة بالخذلان عميق بسبب مواقف الإدارة الحالية، وهو ما يشير إليه الكاتب شادي حامد، في صحيفة واشنطن بوست قائلاً: "لقد تغير شيء ما، ففي محادثاتي مع العرب والمسلمين في مختلف أنحاء البلاد، أصبحت الحالة المزاجية مظلمة ويائسة، وهم يرون كيف تجاهل الحزب الديمقراطي تفضيلات أعضائه، الذين يعتقد 77% منهم أن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن ترسل أسلحة إلى إسرائيل".
أما يوسف، وهو مواطن أمريكي من أصول عربية، فيقول في حديثه مع TRT عربي: "الشيء الذي أريد أن ينتبه إليه العرب والمسلمون، هو ما يحدث الآن في وطنهم، ومن المسؤول عنه الآن؟ ومن لديه القوة لوقفه في هذه اللحظة؟ وما كان يمكنهم فعله وما لم يفعلوه".
وفي مقابل تراجع هاريس والديمقراطيين، تبرز المرشحة عن حزب الخضر جيل ستاين، التي تسعى وحزبها إلى الحصول على 5% من الأصوات للحصول على الدعم المالي الفيدرالي المخصص للأحزاب السياسية.
فستاين التي سبق أن تعرضت للاعتقال خلال مظاهرة منددة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يُنظَر إليها من شريحة من العرب على أنها خيار بديل عن ترمب وهاريس.
رباب، مواطنة أمريكية من أصول عربية، قالت لـTRT عربي: "المرشحة الوحيدة بالنسبة لي شخصياً التي أعتقد أنها تمثل قيمي وتنصت بالفعل، وتدرك ما يحدث وترى ما الخطأ، وما يحدث في هذا العالم الآن الذي تتواطأ فيه حكومتنا، أعتقد أنها جيل ستاين".
المعنى نفسه أكدته سيدة أخرى من ميشيغان قالت لـTRT عربي وهي ترفع عَلَم بلادها لبنان: "بصراحة إلى الآن ممكن حزب ثالث، التي هي جيل ستاين، عائلتي جميعها في لبنان، هذا أقل ما يمكن أن أفعله، أن أمثّل بلدي بمثل هكذا وضع".
ترمب يغتنم الفرصة
وفي الانتخابات الأخيرة عام 2020، ذهبت الأغلبية الساحقة من الأصوات العربية إلى المرشح الديمقراطي جو بايدن، ووفقاً لاستطلاع أجراه مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية فإن 69% من الناخبين المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية دعموا المرشح الديمقراطي جو بايدن، مقابل 17% للمرشح الجمهوري دونالد ترمب.
وفي ظل الشرخ الذي سببته الحرب الإسرائيلية على غزة وموقف الإدارة الأمريكية منها، يسعى ترمب إلى توظيف الغضب العربي والمسلم في صالحه.
آمر غالب، أمريكي من أصول يمنية، أول عربي يفوز بمنصب عمدة مدينة هامترامك في ولاية ميشيغان، أعلن دعمه الكامل لترمب في ترشحه للرئاسة، ليكون أول عمدة عربي يقدم لترمب هذا النوع من الدعم.
ويُبرر غالب دعمه لترمب على حساب مرشحة الحزب الديمقراطي، قائلاً إنه "ممّن دعموا حملة (غير ملتزم) في الانتخابات الأولية، على أمل أن نرسل رسالة قوية ليُستجاب لمطالبنا ومخاوفنا وتطلعاتنا في إنهاء الحرب هناك (غزة)، لكن ضُرب بكل شيء عُرض الحائط، رغم تصويت أكثر من 100 ألف شخص غير ملتزم، ورغم ذلك وجدنا تجاهلاً كبيراً".
ويضيف آمر غالب في حديثه مع TRT عربي: "في المؤتمر السنوي للحزب الديمقراطي لم تُتَح الفرصة للعرب ليتحدثوا، فيما أُتيحت لمن يمثلون الطرف الآخر للأسف، وطُرد بعض النشطاء العرب هنا من مهرجان انتخابي لهاريس، لم يُتواصَل معنا على الإطلاق حتى بعد حملة (غير ملتزم)".
ويؤكد غالب أن جزءاً من سلوكه في دعم ترمب جاء عقاباً للحزب الديمقراطي، ويقول: "لقد قررت أن أعاقب هذا الطرف الذي يدعم المجازر والحرب، بدعم الطرف الآخر".
وأخيراً يُبدي غالب استعداده "لتحمُّل عواقب قراري، إن فاز فقد فتحنا قناة تواصل معه لخدمة مجتمعنا، وإن لم يفز فلم نخسر شيئاً أصلاً، نحن خسرنا الجانب الآخر بالفعل"، مضيفاً: "على المستوى الشخصي، لا يهمّ ما العواقب، يعني لو أراد المجتمع أن يعاقبني على قراري ولا يرشحني في الانتخابات القادمة فأنا مستعد لقبول هذا".