بصمت أمريكي.. ماذا وراء استيلاء مليشيات PYD على منازل مدنيين في الحسكة؟
وسّعت مليشيات PYD الإرهابية، انتهاكاتها مستخدمة سلطة الأمر الواقع في مصادرة وسلب منازل سكنية لمدنيين من أهالي مدينة الحسكة، في تسهيل متعمَّد لزيادة المواقع العسكرية الأمريكية داخل المدينة.
نذر انتفاضة عشائرية شرقي سوريا ضد مليشيات PYD؟ (Others)

وأكدت مصادر لـTRT عربي، إقدام مليشيات PYD الإرهابية على الاستيلاء بقوة السلاح على 24 شقة ضمن مشروع سكني في حي الزهور بالحسكة شمال شرقي سوريا، وطرد مالكيها منها أواخر مارس/آذار 2021، كما أنذرت باقي الأهالي لإخلاء المباني السكنية لكون هذا المشروع السكني المشيَّد منذ أكثر من 30 عاماً، يُطِلّ على مهبط للحوامات الأمريكية.

وجاءت هذه الخطوة الاستفزازية من مليشيات PYD الإرهابية، وسط صمت أمريكي تامّ، بخاصة أنها تهدف إلى تأمين محيط مهبط الحوامات الأمريكية، الذي تُشرِف عليه المباني السكنية، دون اكتراث بحقوق الملكية للأهالي، أو حتى تعويضهم بسكن بديل، أو تقديم تعويض مالي لهم.

حجج كاذبة

قال أحد أبناء حي الزهور -رفض الكشف عن نفسه- لـTRT عربي، إن مليشيات PYD الإرهابية "تَمكَّنوا من الاستيلاء على أول مبنيين يطلان على مهبط الحوامات الأمريكية، وأنذروا باقي الأهالي لإخلاء المنازل السكنية التي يُطلق عليها محلياً مباني الجبسة".

وأضاف المتحدث أن مليشيات PYD "اتبعت أساليب تُجبِر الأهالي على مغادرة المنازل التي يمتلك الأهالي سندات ملكية فيها، عبر نشر حواجز في الحي، ومضايقة الشباب، وإغلاق الطريق الواصل إلى الحي بالسواتر الترابية، مما يدفع الأهالي إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مركز المدينة في ظل الشتاء والأمطار".

ونوّه المصدر بأن مليشيات PYD الإرهابية "تذرعت بوجود أشخاص يلتقطون الصور لمهبط الحوامات من تلك المباني، الذي يجري العمل على توسعته"، مردفاً: "هذه حجج كاذبة وغير مقنعة للأهالي، الذين لا حول لهم ولا قوة أمام هذه التصرفات".

ويحتلّ مهبط الحوامات الأمريكية، الذي يُتوقّع أن يتحول إلى قاعدة خلال شهور، موقعاً استراتيجياً، بخاصة أنه يُعَدّ أبعد منطقة عن مركز مدينة الحسكة، وعن المربع الأمني الذي تسيطر عليه قوات النظام السوري.

كما يُقابل مهبط الحوامات الأمريكية سجنَ الصناعة، الواقع بحي غويران، ويضمّ قرابة 5 آلاف من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، والذي سبق أن شهد عدة حالات عصيان كبيرة، وسجن "الحسكة المركزي"، الواقع في الحي ذاته، وهو من أضخم السجون التي تُديرها مليشيات PYD الإرهابية، وتحتجز فيه كذلك آلافًا من عناصر التنظيم، ويقع على مقربة من الأحياء السكنية لمدينة الحسكة، وعلى منطقة مفتوحة.

وأمام عجز الأهالي عن مواجهة مليشيات PYD، نظّم سكان حي الزهور بتاريخ 25 مارس/آذار 2021، وقفات احتجاجية ضد المليشيا، كما قطعوا الطرق عبر إحراق إطارات السيارات، في محاولة للفت أنظار وسائل الإعلام إلى ممارسات المليشيا بحقهم.

استقواء بالأمريكي

وأكد مضر الأسعد، المتحدث الرسمي باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، في تصريح لـTRT عربي، أن مليشيات PYD الإرهابية "دأبت على عملية الاستيلاء على كثير من المنازل والأحياء، تحديداً العربية في مدينة الحسكة، بخاصة أن حي الزهور الواقع جنوبي المدينة يُعتبر من أكبر الأحياء داخلها، وسكانه من العرب، وهو ذو طراز عمراني حديث، وفيه أغلب الدوائر الحكومية الكبيرة، مثل المديرية العامة للحبوب، والمدينة الرياضية، وكذلك إدارة النفوس، وإدارة الهجرة والجوازات وغيرها".

وشدّد الأسعد على أن "مليشيات PYD استولت على المباني في حي الزهور، لا لأنها تُطِلّ على مهبط الحوامات الأمريكية كما يزعمون، بل من أجل إسكان، المرتزقة الذين طُردوا من جبال سنجار والعراق، ومن جبال قنديل، بدلاً من السكان الأصليين للمنازل".

وأضاف الأسعد أن مليشيات PYD "عمدت في الفترة الأخيرة كذلك إلى السيطرة على المدينة الرياضية وتحويلها إلى معسكر لعناصرها، كما اعتقلت عدداً من شبان الحي بحُجَّة أنهم عصابات إرهابية، وكل ذلك من أجل الاستيلاء على المنازل في الحي".

وبيّن المتحدث الرسمي باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، أن مليشيات PYD "تستقوي بالقوات الأمريكية والتحالف الدولي، بخاصة أن الأهالي العُزْل لا يُمكنهم مواجهة هذه المليشيات الإرهابية التي تمتلك السلاح الثقيل".

وطالب الأسعد، باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، "التحالف الدولي والمجتمع الدولي، بوقف سياسة التغيير الديموغرافي والجغرافي التي تنتهجها مليشيات PYD، التي تحاول السيطرة على الأحياء العربية، التي تمثل أكثر من 90% من أحياء مركز مدينة الحسكة، بهدف تهجير وطرد سكان تلك الأحياء، سواء حي الزهور أو حي الفيلات أو مساكن مرشو، وحي العزيزية وحي غويران".

وفصّل الأسعد خلال حديثه طبيعة الانتهاكات والممارسات التي ارتكبتها مليشيات PYD الإرهابية، بحق الأهالي في محافظة الحسكة، بقوله إن "المليشيات ارتكبت مجازر مروّعة، وعملت على تجريف كثير من القرى والمزارع، وتنفيذ عمليات اعتقال ومداهمات بحق الأهالي، إضافةً إلى فرض التجنيد الإجباري والقسري على الشباب، وخطف القاصرات وتجنيد الأطفال، والسيطرة على الثروات النفطية والزراعية والحيوانية، من خلال دعم الولايات المتحدة والتحالف الدولي وحتى من بعض الدول العربية".

بدوره نبّه الصحفي السوري حسن الشريف، في حديث لموقع TRT عربي، إلى أن "مليشيات PYD الإرهابية اتبعت تكتيكاً داخل مدينة الحسكة، منذ أواخر عام 2020، عبر الضغط على العائلات في عدد من الأحياء لترك منازلهم بالقوة، كما حصل مع سكان مساكن الشرطة في حي غويران، ومساكن الشباب بحي الزهور، التي تقع بالقرب من قاعدة للتحالف الدولي".

ونوّه الشريف بأن "مليشيات PYD اتبعت أسلوب الابتزاز في طرد الأهالي، عن طريق إلصاق تهمة انتمائهم إلى تنظيم داعش في حال امتنعوا عن إخلاء منازلهم".

ولفت الصحفي السوري إلى أن "مليشيات PYD الإرهابية، بعد عمليات طرد السكان الأصليين من تلك المساكن، توطّن مَن تعتبرهم مضموني الولاء لها من عناصر مليشياتها، لكن الغريب في الأمر أن ما يجري من انتهاكات يكون تحت مرأى ومسمع قوات التحالف، الذين لا يحرّكون ساكناً تجاه تلك الممارسات بوصفهم قوة فاعلة مكلَّفة حماية أملاك المدنيين وعدم العبث بها بموجب القانون الدولي".

ومن الملاحَظ أن القوات الأمريكية تتمركز قواعدها داخل محافظة الحسكة، إمّا في منطقة قريبة من حقول النفط والغاز، وإما في منطقة ذات ثقل استراتيجي ومُخدَّمة عمرانياً.

ووفقاً للواقع الميداني فإن إجمالي القواعد الأمريكية في الحسكة بلغ أكثر من 7 قواعد ونقاط عسكرية، وهي قاعدة رميلان، التي تُعَدّ من أهمّ القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا، تليها قاعدة المالكية بريف الحسكة الشمالي الشرقي، بالإضافة إلى قاعدة تل بيدر، وهي إحدى أهمّ القواعد الأمريكية لقربها من طريق "M4" الدولي.

وكذلك قاعدة "لايف ستون" الأمريكية في الريف الغربي لمدينة الحسكة، إضافةً إلى قاعدة عسكرية على بُعد 20 كلم شرق بلدة تل تمر على طريق "M4"، وقاعدة في بلدة تل براك الواقعة على الطريق المؤدية إلى حقل الرميلان، وقاعدة الشدادي الواقعة ضمن معمل الغاز، على بُعد كيلومتر واحد إلى الجنوب الشرقي من مدينة الشدادي الغنية بالنفط والغاز.

يُذكر أن التدخل الأمريكي في سوريا بدأ في سبتمبر/أيلول 2014، مع تنفيذ ضربات جوية ضد تنظيم داعش.

واعتمد الجيش الأمريكي على مليشيات PYD كقوة برية في مواجهة خطر داعش المتصاعد، إذ زوّدَت واشنطن PYD الإرهابي بالأسلحة، فضلاً عن الغطاء الجوي.

وعزّز الجيش الأمريكي وجوده على الأرض من خلال تأسيس نقاط عسكرية وقواعد في المناطق التي احتلها PYD، لتكسب زخماً أكبر اعتباراً من 2015.

TRT عربي