أبدى برلمانيون وحزبيّون استغرابهم من عدم عرض الاتفاقية على مجلس النواب الأردني قبل أن تقرها الحكومة الأردنية وتنشرها في الجريدة الرسمية لتصبح سارية المفعول.
وتشترط بنود الاتفاقية التي اطّلعت TRT عربي على بنودها، أن يوفر الأردن أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعاً، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأمريكي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامّها الرسمية.
وتوجب الاتفاقية على الأردن السماح للطائرات والمركبات والسفن بالدخول وحرية التنقل في الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية، والخروج منها بحرية تامّة دون دفع الرسوم والضرائب.
كما تفرض على الأردن -في حال طلبت السلطات الأمريكية- إصدار لوحات سيارات مؤقتة مجاناً للمركبات التابعة للولايات المتحدة وأفرادها والمتعاقدين معها، بشكل لا يمكن تمييزها عن تلك اللوحات المؤقتة الصادرة للشعب الأردني عموماً. وتقضي بأنه لا يحق للقضاء أو الادّعاء العام الأردني التحقيق أو التعامل مع أيّة حالة وفاة تقع في المناطق المخصصة للقوات الأمريكية، وأجازت استخدام طيف الراديو والاتصالات السلكية واللا سلكية بدون رقابة أردنية.
النائب المحامي صالح العرموطي اتهم اتفاقية التعاون الدفاعي بأنها مخالفة للدستور والقوانين، وأنها تنتقص من السيادة الأردنية.
وقال العرموطي لـTRT عربي: "إن الاتفاقية تشكل خطراً على الدولة الأردنية، وتشكل بنودُها استباحة كاملة للسيادة الوطنية، وتمسّ أرض المملكة وماءها وسماءها دون مقابل، وأكثر من ذلك توفر الحماية اللازمة والضرورية لهذه الاستباحة".
وأضاف أن في الاتفاقية تغولاً على السلطة القضائية والقضاء والتشريع، وأنها تعطل القوانين والتشريعات السارية، وتسمح للقوات الأمريكية بحيازة وحمل الأسلحة داخل المملكة، وتوجب على الأردن توفير جميع المرافق والمناطق المتفق عليها للولايات المتحدة دون إيجار أو تكاليف مشابهة".
وبيّن العرموطي أنّ الاتفاقية منحت حصانة مطلقة لقوات وأفراد الولايات المتحدة مع التنازل عن جميع المطالبات وعدم الملاحقة قضائياً أو المساءلة عن أيّ ضرر أو فقدان أو تدمير ممتلكات أو وفاة أو إصابة ارتكبت من القوات الأمريكية على الأراضي الأردنية.
من جهته قال أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور ليث نصراوين، إنه في بعض الأحيان تكون مراعاة القوانين الداخلية في الاتفاقيات الدولية ليست بالأمر السهل، لأن هذه الاتفاقيات فيها أطرافاً دولية أخرى، بالتالي قد تكون هناك نصوص بالاتفاقية تخالف القوانين الداخلية.
وأوضح نصراوين تعليقاً على الاتفاقية لـTRT عربي، أنه إذا ما تعارض أي نصٍ من الاتفاقية الدولية مع القانون الداخلي، فإن الاتفاقية بهذه الحال تكون أَولى بالتطبيق، لأنها وُقّعت وفقاً لأحكام الدستور، وتسمو على القانون الداخلي.
وأضاف أن الاتفاقية بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية هي اتفاقية دولية وُقّعت بما يتوافق مع القانون الدولي، لأن الأردن دولة ذات سيادة.
وأشار نصراوين إلى أن الأردن سبق أن وقّع اتفاقيات عدّة مع الولايات المتحدة بمختلف المجالات، منوهاً إلى أن هذه الاتفاقية الدفاعية لا تُعتبر الأولى، حيث سبق أن وقع الأردن اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة عام 1996.
وبيّن أنه بالوضع الطبيعي يجب أن لا تخالف الاتفاقية الدولية القانونَ الداخلي، ومن المفترض أن تراعي الحكومة في توقيع أيّ اتفاقية دولية التشريعات الخاصة بها داخلياً.
أستاذ العلاقات الدولية رفض النزاعات حسن المومني، قال إنه بالرغم من وجود الاتفاقيات الأمنية والعسكرية بين الأردن والولايات المتحدة منذ الخمسينيات، إلا أن توقيت هذه الاتفاقية الآن هو ما أثار الجدل وأحدث سؤالاً مهما عند الجميع.
وبيّن المومني لـTRT عربي أن إعلان ونشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية الحكومية جاء لتأطيرها قانونياً، مشيراً إلى أن مسألة السيادة ومكانها في هذه الاتفاقية أصبح فضفاضاً، ولا يمكن بيان أوجه التّعدي على السّيادة الأردنية من مجرد توقيع أو تجديد اتفاقية موجودة منذ سنوات.
وطرح المومني مثالاً الاتفاق الإيراني الصيني الأخير، وما فيه من تعاون أمني واستخباراتي، مبيّناً أن كل الدول في العالم تُبرم اتفاقات أمنية، لكن الأهم هو أسس ومسببات هذه الاتفاقيات والحكم عليها من المنظور العام.
وتطرّق للحديث عن مسألة التوقيت، مشيراً إلى أن توقيع هذه الاتفاقية له ارتباط وثيق بالتحركات العسكرية التي تجري بالمنطقة، خاصة عند الحدود الشمالية والشرقية للأردن، وإعلان القوات المسلحة الأردنية مؤخراً تعزيز وحدات حرس الحدود على الواجهتين الشمالية والشرقية للمملكة بقوات خاصة وقوة رد فعل سريع وبإسناد طائرات من سلاح الجو الملكي لتكون جاهزة على مدار الساعة.
وأضاف المومني أن من دواعي هذه الاتفاقية ما يحدث في سوريا وتحركات القوات الإرهابية الطائفية على أرض سوريا التي تربطها حدود كبيرة مع الأردن شمالا.
وختم أنه لا بد من فهم العلاقات الأردنية الأمريكية في سياق ما يجري بالمنطقة، منوها إلى أن الحُكم على اتفاقية ضمن مفهوم السيادة هو أمر فضفاض ومثير للجدل.
من جهته أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن هذه الاتفاقية لا تعتبر تعدٍ على السيادة الأردنية.
وقال الصفدي، خلال جلسة لمجلس النواب برلمان، إن الاتفاقية تؤطّر التعاون العسكري والأمني بين القوات المسلحة الأردنية والجيش العربي ونظيره الجيش الأمريكي، ويعود ذلك إلى عقود سابقة، وإن هذا التعاون لا يخوّل القوات الأمريكية القيام بأعمال قتالية داخل الأراضي الأردنية، بل يقتصر على الجانب التدريبي والتعاون في محاربة الإرهاب.
وشدد على أن الاتفاقية لا تمسّ السيادة الوطنية، وأن الأردن لا يقبل أي استعمار، وأن الاتفاقية لا تسمح لقوات الجيش الأمريكي بالقيام بأي أعمال قتالية من داخل أراضي المملكة، بل تأتي في إطار التدريب، والقرار السيادي لكل ما تقوم به للأردن.
ولفت إلى أن الأردن تلقّى على مدى سنوات مساعدات عسكرية أمريكية بنحو 425 مليون دولار سنوياً، وأن مفاوضات مطولة أُجريت بشأن الاتفاقية المتضمنة لـ19 مادة وملحق لتحديد الوضع القانوني للقوات الأمريكية والموظفين المدنيين التابعين لوزارة الدفاع الأمريكية، ولتنظيم العلاقة بين "قواتنا المسلحة الباسلة" والقوات الأمريكية.
وتتعاون المملكة الأردنية الهاشمية في الإطار الأمني العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود طويلة، حصل خلالها الأردن على دعم من مختلف الأشكال خاصة المالي واللوجستي للجيش الأردني، حيث تخصص الولايات المتحدة مبلغ 425 مليون دولار للقوات المسلحة الأردنية، بشكل سنوي من عام 2018 لعام 2022، إضافة إلى منح أمريكا طائرات ومعدات عسكرية مختلفة للمملكة، إضافة لتدريبات عسكرية مشتركة.