يحيى عياش.. المهندس الذي أرعب إسرائيل
انخرط الشاب يحيى عياش في النضال السياسي منذ سن مبكرة إذ انضم إلى الحركة الإسلامية في فلسطين. وبدأ يظهر نشاطه السياسي أثناء فترة دراسته في الجامعة من خلال الانخراط في الكتلة الإسلامية، التي كانت الجناح الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
يحيى عياش (Others)

أطلق عليه الفلسطينيون "المهندس"، بينما وصفته إسرائيل بعديد من الأوصاف التي ترعبها، فهو الثعلب والرجل ذو الألف وجه والعبقري والمطلوب رقم واحد، إنه المهندس الفلسطيني يحيي عياش، الذي زلزل أمن إسرائيل، وأدخل على قاموس المقاومة مفهوم السيارات المفخخة، والعمليات الاستشهادية، والذي استهدف 1996.

نشأة المهندس يحيى عياش

يحيى عبد اللطيف عياش، هو شخصية بارزة ومهندس رائد من فلسطين. ولد في 6 مارس/آذار 1966 في بلدة رافات، التابعة لمحافظة سلفيت في الضفة الغربية.

بدأ يحيى عياش تعليمه الأساسي في مدارس سلفيت قبل أن ينتقل إلى مدارس الزاوية القريبة لإكمال مرحلة التعليم الإعدادي. حقق تفوقاً في دراسته الثانوية العامة وحصل على شهادة تقدير ممتاز من مدرسة بديا.

بفضل تفوقه الدراسي، تأهل يحيى عياش لدراسة الهندسة، إذ انضم إلى جامعة بيرزيت قرب مدينة رام الله لدراسة الهندسة الكهربائية. استطاع خلال فترة دراسته أن يبرهن على مهاراته وقدراته المتميزة في المجال الهندسي، مما جعله يحظى بتقدير واحترام كثيرين في المجال.

بجانب دراسته الأكاديمية، كان ليحيى عياش اهتمام بالعلوم الشرعية ودرسها في سن مبكرة. حقق تقدماً ملحوظاً في دراسة وحفظ القرآن الكريم وحصل على سند في حفظ القرآن الكريم، مما يعكس تفانيه واجتهاده في الجانب الروحي والديني.

نضال يحيى عياش السياسي

انخرط الشاب يحيى عبد اللطيف عياش في النضال السياسي منذ سن مبكرة إذ انضم إلى الحركة الإسلامية في فلسطين. وبدأ يظهر نشاطه السياسي أثناء فترة دراسته في الجامعة من خلال الانخراط في الكتلة الإسلامية، التي كانت الجناح الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وفيما بعد، انضم إلى الجناح العسكري للحركة، كتائب القسام.

برز يحيى عياش خلال فترة الانتفاضة الأولى في صفوف كتائب عز الدين القسام. لندرة الأسلحة والمواد المتفجرة، ركز عياش جهوده على مجال تصنيع المتفجرات، وأصبحت مهمة الفلسطيني يحيى عياش هي تصنيع السيارات المفخخة والعبوات ذات الانفجار العنيف. نجح في نقل المعركة إلى قلب المناطق الآمنة داخل إسرائيل، حيث زعم كثيرون أن أجهزتها الأمنية تسيطر تماماً على هذه المناطق.

ونفذ يحيى عياش أول تجربة لتصنيع عبوة مفخخة في أحد الكهوف في الضفة الغربية في بداية عام 1992، وأصبح أول مهندس ينتج المتفجرات.

أبرز عمليات يحيى عياش

منذ عام 1992، بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تتبع ومطاردة المهندس الفلسطيني يحيى عياش، بعد اتهامه بتفجير سيارة مفخخة في منطقة تل أبيب. ومنذ ذلك الحين، وُجهت إليه اتهامات بتنفيذ عدة عمليات تفجيرية أصابت وأودت بحياة مئات من الإسرائيليين.

في 15 مارس/آذار 1993، نفذ الفلسطيني ساهر حمد الله تمام أول عملية استشهادية تفجيرية في منطقة ميحولا في غور الأردن، بالقرب من مقهى "فيلج إن"، مما أسفر عن مقتل وإصابة عديد من الإسرائيليين، وحملت هذه العملية بصمات عياش.

واستجابة لمجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل في 15 فبراير/شباط 1994، قاد المهندس يحيى عياش تنظيم كتائب القسام في سلسلة من العمليات الاستشهادية، بما في ذلك عملية العفولة في 6 أبريل/نيسان 1994. نفذ هذه العملية الفلسطيني رائد زكارنة في محطة الحافلات بالعفولة، وأسفرت عن مقتل 9 إسرائيليين وإصابة 50 آخرين.

كما اتُهم المهندس يحيى عياش بالتخطيط لعمليتين في مدينة الخضيرة داخل الخط الأخضر في 13 أبريل/نيسان 1994. ونفذ عمار عمارنة إحداهما بتفجير، والأخرى بحقيبة متفجرة في موقف للحافلات، مما أدى إلى مقتل سبعة إسرائيليين وإصابة عشرات. كما نفذ صالح نزال عملية تفجير في شارع "ديزنغوف" في تل أبيب، أودت بحياة 22 إسرائيلياً.

وبسبب الاستنزاف الذي تسببت فيه أعمال المهندس يحيى عياش للكيان الإسرائيلي، بتنفيذه عديد من العمليات الاستشهادية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 76 إسرائيلياً وإصابة أكثر من 400، كثفت دولة الاحتلال جهودها في مطاردته في الضفة الغربية المحتلة، مما اضطره في النهاية إلى الانتقال إلى قطاع غزة.

المهندس يحيى عياش.. كابوس إسرائيل

يحيى عياش، أصبح كابوساً يهدد أمن إسرائيل وأفراد جيشها بسبب عملياته الاستشهادية. حتى وصلت إلى درجة أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في ذلك الوقت وصفه بأنه "معجزة"، إذ لم تتمكن دولة إسرائيل بكل أجهزتها من وضع حد لعملياته. وأعرب أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين، شمعون رومح، عن أسفه لكونه مضطراً إلى الاعتراف بإعجابه وتقديره لهذا الرجل الذي يظهر قدرات وخبرات استثنائية في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وقدرة فائقة على البقاء وتجديد النشاط بدون انقطاع. وصل هوس إسرائيل ورعبها من المهندس يحيى عياش إلى أوجه عندما صرح رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، إسحق رابين، بأنه يخشى أن يكون عياش جالساً بينهم في الكنيست.

اغتيال المهندس يحيى عياش

في الخامس من يناير/كانون الثاني عام 1996، بعد رحلة جهادية طويلة، تمكنت المخابرات الإسرائيلية من اغتيال المهندس البارز والقائد في كتائب القسام، يحيى عياش. جرى استخدام مادة متفجرة وُضعت في بطارية هاتفه النقال لتفجيرها، مما أدى إلى استشهاده.

شيّع أكثر من 100 ألف فلسطيني المهندس الشهيد يحيى عياش في قطاع غزة وحدها، وأثار استشهاده ثورة من العمليات القائمة التي نفذتها فصائل المقاومة، أودت بحياة عديد من الإسرائيليين وأصابت كثيراً من الجرحى.

تخليد ذكرى المهندس يحيى عياش

نُشر عديد من الكتب التي تتناول سيرة المهندس يحيى عياش، بما فيها كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان "The Hunt For The Engineer"، وكتاب باللغة العربية بعنوان "المهندس الشهيد يحيى عياش: رمز الجهاد وقائد المقاومة في فلسطين" للكاتب غسان دوعر.

في عام 2010، قررت بلدية رام الله تسمية أحد شوارعها يحيى عياش. واحتج بنيامين نتنياهو على هذا القرار، وأصدر بياناً عبر مكتبه اعتبر فيه أن تسمية أحد الشوارع باسم يحيى عياش تشكل تحريضاً من السلطة الفلسطينية يثير الاستياء والاشمئزاز.

عُرض مسلسل بعنوان "يحيى عياش"، ويتألف المسلسل من 15 حلقة، من إخراج الفلسطيني باسل الخطيب، وتأليف ديانا جبور. لعب الممثل سامر المصري دور يحيى عياش، وقدمت الممثلة مانيا النبواني دور زوجة عياش، وأدى الممثل تيسير إدريس دور والد عياش، فيما أدت لورا أبو أسعد دور والدته.

أيضاً يوجد كتاب يحمل عنوان "فضائل الشهيد يحيى عياش" للأستاذ مخلص برزق.

ويوجد صاروخ يحمل اسم "صاروخ عياش 250"، وهو صاروخ فلسطيني محلي الصنع تنتجه كتائب الشهيد عز الدين القسام. استُخدم لأول مرة خلال الحرب على غزة في عام 2021، إذ جرى استهداف مطار رامون في جنوب صحراء النقب.

TRT عربي