من زيمور إلى بارديلا.. وجوه اليمين المتطرف الفرنسي ذات الجذور العربية
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الفرنسية، يستمر زعيم التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، في حصد الشعبية التي من الممكن أن تحقق له الفوز برئاسة الحكومة القادمة، وقيادة البلاد بسياسات معادية للمهجّرين والجاليات المسلمة.
وجوه اليمين المتطرف الفرنسي ذات الجذور العربية / صورة: DPA (DPA)

وسبق أن تعهد بارديلا بالتضييق على المسلمين بفرنسا في عدد من مناحي حياتهم، على رأسها ارتداء الحجاب. وفي تصريحات سابقة، اعتبر زعيم حزب التجمع الوطني أن "الحجاب هو استفزاز للفرنسيين"، وتوعّد بـ"الدفاع عن اللائكية ضد الدعاة الإسلاميين".

وفي برنامجه الانتخابي، توعد زعيم التجمع الوطني بوضع حد لما يصفه بـ"إغراق الشعب الفرنسي بموجة الهجرة"، بداية بإلغاء "الحق في الأرض"، وهو قانون يمنح المهاجرين المولودين في فرنسا حق أخذ جنسية البلاد. وتجريم الإقامة غير الشرعية، ومنع تسوية وضعية المقيمين غير الشرعيين، وإلغاء أي قوانين تحول دون ترحيلهم. هذا بالإضافة إلى تشديد شروط التجمع العائلي.

ومع كل هذه المواقف العدوانية التي يتبناها جوردان بارديلا ضد المهاجرين والمسلمين، كشفت تحقيقات صحفية أخيرة مفاجآت بشأن أصوله المغاربية وأن جده اعتنق الإسلام. فيما ليس زعيم التجمع الوطني الوحيد الذي تنكّر لهذه الأصول، بل غيره وجوه بارزة لليمين المتطرف الفرنسي مثله؛ يصبون عنصريتهم على شعوب كانت تحتضن عائلاتهم فيما سبق.

جوردان بارديلا: جده مسلم وعاش في الجزائر

وفي خرجاته الإعلامية، لطالما تباهى جوردان بارديلا بأصوله الإيطالية، معتبراً إياها مثالاً للاندماج في المجتمع الفرنسي، ومنتقداً بها ما يصفه بـ"سوء اندماج" الجاليات المهاجرة العربية المسلمة. لكن لم يسبق لزعيم اليمين المتطرف الفرنسي، الإشارة بالشكل ذاته إلى أصوله المغاربية، ولا أن جدته لأبيه كانت أمازيغية جزائرية.

وهي المفاجأة التي كشفتها تحقيقات صحفية أخيرة، مشيرة إلى أن لبارديلا جداً جزائرياً يدعى محند صغير مادا، وهو مهاجر من منطقة القبائل وصل إلى فرنسا في ثلاثينيات القرن العشرين. وكتب تحقيق مجلة "جون أفريك": "كان الجد الأكبر لجوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطني، عاملاً جزائرياً مهاجراً. واستقر في فرنسا، في منطقة ليون، في بداية الثلاثينيات".

وانتقل فريق تحقيق المجلة الفرنسية إلى قرية قندوز الجزائرية، والتقى موسى مادا البالغ من العمر 90 عاماً، وهو ابن شقيق الجد الأكبر لزعيم التجمع الوطني، والذي أكد قصة عائلته. وحكى العجوز، بأن والده بشير وعمه محند صغير مادا (جد بارديلا) فرا من الفقر في قريتهما الأصلية في منطقة القبائل، للذهاب إلى فرنسا.

وأثناء عمله بليون، تزوّج محند الصغير بسيدة فرنسية، ومنذ ذلك الوقت انقطعت علاقته بأسرته في الجزائر. وسينجب محند الصغير فتاة تدعى ريجان، وهي التي ستصبح جدة جوردان لأبيه بعد أن تزوجها جده المهاجر الإيطالي غيرينو بارديلا، وأنجب منها أوليفييه بارديلا والد زعيم اليمين المتطرف، حسب ما أكد تحقيق آخر لصحيفة لوموند.

ولغيرينو بارديلا أيضاً صلات وطيدة بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، إذ أوضح تحقيق ثان لـ"جون أفريك"، أنه بعد طلاقه من ريجان، استقر في المغرب وتزوج زيجته الثانية من امرأة مغربية، تدعى حكيمة.

وزواج جد بارديلا من حكيمة المغربية يعني أنه قد اعتنق الإسلام، وهو شرط ضروري لزواج الأجنبي غير المسلم من مواطنة مغربية، حسب القانون الحالي للزواج في المغرب. وإلى اليوم، لا يزال غيرينو بارديلا يعيش بمدينة الدار البيضاء، وقد بلغ من العمر 80 عاماً.

أسماء عربية أخرى في فلك اليمين المتطرف الفرنسي

وغير جوردان بارديلا، توجد أسماء أخرى ذات جذور أو ارتباطات بالعالم العربي، لكنها اختارت الانتماء إلى اليمين المتطرف الفرنسي وحمل أيديولوجيته العنصرية ضد العرب والمسلمين.

ومن بين هذه الوجوه، الصحفي المثير للجدل والمرشح الرئاسي السابق إيريك زيمور، وهو ابن لأحد العائلات اليهودية الجزائرية، التي هاجرت إلى فرنسا. بل إن اسمه العائلي "زيمور" أمازيغي، ويعني بالعربية "شجرة الزيتون البري".

ويُكن زيمور حقداً كبيراً تجاه الجاليات المسلمة والمهاجرة، ويروج لنظرية "الاستبدال العظيم" التي تتهم تلك الجاليات بالتآمر من أجل تغيير الصفات الثقافية والديموغرافية لأوروبا. ويمثل بالنسبة إلى الجماعات الفرنسية الأكثر تطرفاً الصوت المعبر عن عنصريتهم وعدائهم للعرب والمسلمين، وسبق أن صرح: "النظام النازي أفضل بالنسبة إليّ من الإسلام".

وهناك أيضاً جان مسيحة، الصوت الإعلامي والسياسي الفرنسي الذي يُكن العداء لكل ما هو عربي أو مسلم في البلاد، لكن المفارقة أنه مولود أصلاً في مصر باسم "حسام" العربي ولأب دبلوماسي مصري لم ينتقل إلى فرنسا إلا عندما بلغ ابنه المذكور سن الثماني سنوات.

وكان مسيحة أحد الوجوه البارزة لحزب التجمع اليميني المتطرف، وصولاً إلى سنة 2020 حين وجدت زعيمة الحزب وقتها، مارين لوبان، أن خطابه يفوقها تطرفاً وعنصرية، إثر مواقفه المعادية للمسلمين بعد حادثة قتل المدرس الفرنسي سامويل باتي.

فقرر حزب التجمع طرد مسيحة من منصبه داخل مكتبه السياسي، فيما اعتبره مسيحة ثمناً دفعه إزاء خوفه "على الجمهورية من خطر تنامي الإسلام" و "هذا ما عبرت عنه بحديثي". وصرّح مسيحة: "لقد تحدثنا بشكل ودي أنا ولوبان في الموضوع. فهي لا تظن أن الإسلام كدين يمكن أن يكون مشكلة في فرنسا، عكسي الذي أرى الإسلام خطراً على البلاد وأن القرآن يدعو إلى أيديولوجية عنيفة".

ويرى محللون هذا التوجه الذي دفع أبناء المهاجرين إلى التنكر لأصولهم، نوعاً من السعي لإثبات اندماجهم مع الفرنسيين، وذلك بأن يكونوا عنصريين أكثر من العنصريين داخل المجتمع الفرنسي. وهو ما يؤكده مقال لمجلة لوبوان الفرنسية، بالقول: "هي حكاية أن القادم الأخير يغلق الباب وراءه، فبعض أبناء المهاجرين يخالون بأنه كي تصبح فرنسياً عليك أن تكون عنصرياً تجاه المهاجرين".

TRT عربي