في ظل أزمة عالمية متصاعدة في ملف الغاز مع استمرار الحرب في أوكرانيا واضطراب الأسواق العالمية أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس أن مشروع خط أنبوب الغاز المشترك مع نيجيريا سيكون "استراتيجياً".
وفي خطاب متلفز مساء الأحد بمناسبة الذكرى الـ47 "للمسيرة الخضراء" قال الملك محمد السادس: "إنما نريده مشروعاً استراتيجياً لفائدة منطقة غرب إفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة، لما يوفره من فرص وضمانات، في مجال الأمن الطاقي والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية، للدول الخمسة عشر، وهي المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إضافة إلى موريتانيا والمغرب".
ووصفه بأنه "مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الإفريقي والتنمية المشتركة، ومشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة". كما أشار إلى أن هذا الخط "مشروع مُهيكل يربط بين إفريقيا وأوروبا".
يأتي ذلك بوقت يزيد فيه السباق الدولي على الغاز مع احتدام الحرب في أوكرانيا وعزم أوروبا القطيعة مع ارتهانها الطاقي بموسكو. إذ إن من الممكن أن تمثل نيجيريا، صاحبة أكبر احتياطي مؤكد للغاز بالقارة السمراء، بديلاً عن الغاز الروسي. كما يقدم مشروع الأنبوب المغربي-النيجيري فرص تنمية للدول الإفريقية التي من المزمع أن يمر بها.
دخول المشروع مرحلة التمويل!
ووصل مشروع خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، إلى مرحلة الدراسات التقنية والهندسية التفصيلية، ويعبر الأنبوب 13 دولة في غرب إفريقيا قبل أن يصل إلى أوروبا.
وفي شهر مايو الماضي، صرَّح وزير الموارد البترولية النيجيري، تيميبري سيلفا، قائلاً: "نريد أن نمدد خط الأنابيب هذا على طول الطريق إلى المغرب. في الوقت الحالي، ما زلنا في مرحلة الدراسات، وبالطبع، نحن في مرحلة تأمين التمويل اللازم لهذا المشروع وكثير من الجهات يبدي اهتماماً".
هذا وتبلغ تكلفة إنجاز هذا المشروع، بحسب تقديرات أولية، حوالي 25 مليار دولار. وأوضح وزير البترول النيجيري، بأنه من المزمع أن يصدر القرار النهائي بشأن الجهات الممولة لإنجازه بحلول سنة 2023.
وفي 29 أبريل/نيسان الماضي، أوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية توقيع منظمة "أوبك" و "المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن" المغربي اتفاقية يُموَّل بموجبها الشطر الثاني من دراسة مشروع أنبوب الغار "إفريقيا الأطلسي". وبلغ حجم هذه التمويلات، حسب ذات الوزارة، 14.3 مليون دولار.
وقبلها، أعلن مكتب الدراسات الطاقية الدولي "worley" عن حصوله على تمويل بـ 15.5 مليون دولار، يهم الشطر الثاني من دراسة التصميم الهندسي للواجهة الأمامية لمشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، عبر اتفاقية وقعها المكتب "الوطني للهيدروكاربورات والمعادن" المغربي والبنك الإسلامي للتنمية.
أطول أنبوب غاز بحري في العالم
ويعود قرار إنجاز مشروع أنبوب الغاز "إفريقيا الأطلسي" إلى سنة 2016، خلال زيارة للملك محمد السادس إلى نيجيريا. إذ وقع قائدا البلدين اتفاقية إنشاء هذا الأنبوب الذي يبلغ طوله 5660 كيلومتراً، ومن المزمع أن تنقل عبره صادرات الغاز النيجيري نحو أوروبا مروراً بعدد من الدول الإفريقية هي: بنين، توغو، غانا، كوت ديفوار، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا، ثم المغرب وصولاً إلى الأسواق الأوروبية.
ومن المقدر أن تبلغ الطاقة الاستيعابية للأنبوب ما بين 30 و40 مليار متر مكعب سنوياً. وسيضم النتاج النيجيري من الغاز، والتي تملك أكبر احتياطي مؤكد في القارة الإفريقية يبلغ 206 تريليونات قدم مكعبة، واحتياطي غير مؤكد يصل إلى 600 تريليون قدم مكعبة.
وكذلك ستصدر الدول الإفريقية الأخرى المنتجة للغاز التي سيمر بها الأنبوب غازها عبره، وأهمها موريتانيا والسنيغال اللتان أظهرت اكتشافات الغاز الأخيرة في سواحلهما، خاصة حقل "غراند تورتو أحميم"، توفر احتياطيات من الغاز تقدر بـ 15 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.