مخيم جنين الفلسطيني رمز الصمود والتحدي
يعود أصل معظم سكان مخيم جنين إلى منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل وقراها بالإضافة إلى قرى جنين المحتلة، وبسبب قرب مخيم جنين من القرى الأصلية لسكانه فإن العديد من سكانه مازالوا يحافظون على صلة القرابة مع أهاليهم داخل المدن المحتلة.
جنين / صورة: AFP (AFP)

مخيم جنين الفلسطيني هو أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أقيمت عام 1953، يقع على الجانب الغربي من مدينة جنين في الضفة الغربية، ويعد المخيم ثاني أكبر مخيم للاجئين في الضفة الغربية بعد مخيم بلاطة.

مخيم جنين من أكثر المناطق تأثراً بالانتفاضة الفلسطينية الثانية، إذ مارس الجيش الإسرائيلي أشد أنواع العدوان عليه، وعانى سكانه الظلم والقتل والتشريد.

وفي هذا المقال يمكنك التعرف على قصة مخيم جنين الفلسطيني والأحداث التي جرت على أرضه، والأعمال اللاإنسانية التي مارسها الجيش الإسرائيلي، والتحديات والصعوبات التي واجهها أهالي وسكّان المخيم.

معلومات عن مخيم جنين الفلسطيني

بلغت مساحة مخيم جنين عند الإنشاء نحو 372 دونماً، واتسعت فيما بعد إلى 473 دونماً، وتحيط مخيم جنين مرتفعات ويمر بوادي الجدي، بالإضافة إلى منطقة سهلية مكتظة، تعرف باسم منطقة الساحل.

وينحدر أصل سكان مخيم جنين من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، بالإضافة إلى سكان القرى التابعة لتلك المدن التي احتلها الجيش الإسرائيلي عام 1948.

يخضع مخيم جنين للسلطة الفلسطينية منذ منتصف التسعينيات، وكان عرضة لكثير من أعمال العنف خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وقد سيطر الجيش الإسرائيلي على مخيم جنين والمدينة في نيسان عام 2002 وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة، ومنع الجميع من الوصول إليهما وفرض حظراً مستمراً على التجوال.

البنية التحتية لمخيم جنين

البنية التحتية لمخيم جنين تحتوي على 5 مدارس، بالإضافة إلى وجود مركز لرياض الأطفال أُنشئ من مساعدات محلية.

ويضم مخيم جنين مركز رعاية صحياً تابعاً لوكالة غوث اللاجئين الأونروا ومكتبة خاصة للنساء ونادي الشباب الاجتماعي وهو النادي الوحيد في المخيم، بالإضافة إلى عدد من المساجد، ويعاني مخيم جنين أزمة مياه مستمرة، وتنتشر فيه البطالة بشكل كبير.

سكان مخيم جنين الفلسطيني

قدر عدد سكان المخيم عام 1967 بنحو 7,019 نسمة، أما في عام 1995 فارتفع عدد السكان ليصل إلى قرابة 17,447 نسمة، وفي إحصائية 2005 بلغ عدد السكان نحو 25,447 نسمة.

ويعود أصل معظم سكان مخيم جنين إلى منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل وقراها بالإضافة إلى قرى جنين المحتلة، وبسبب قرب مخيم جنين من القرى الأصلية لسكانه فإن العديد من سكانه مازالوا يحافظون على صلة القرابة مع أهاليهم داخل المدن المحتلة.

اجتياح مخيم جنين الفلسطيني

كانت عملية اجتياح مخيم جنين الفلسطيني ضمن عملية اجتياح شاملة للضفة الغربية، وهدفت عملية الاجتياح القضاء على المجموعات الفلسطينية التي كانت تقاوم الاحتلال.

وكانت جنين ونابلس القديمة موطناً لأشرس المعارك التي دارت خلال هذا الاجتياح، إذ قررت مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين مقاومة القوات الإسرائيلية حتى الموت.

الأمر الذي أدى لوقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي، وبعد هذه الاشتباكات بدأت عملية اجتياح مخيم جنين، في محاولة من الجيش الإسرائيلي القضاء على المجموعات الفلسطينية المسلحة.

فقد قتل واعتقل الكثير من المقاتلين الفلسطينيين، كما أقدمت القوات الإسرائيلية على عمليات قتل وتنكيل بحق سكان المخيم العزل، وذلك حسب المصادر المحلية الفلسطينية ومعظم المصادر العالمية، بينما اتهم الجيش الإسرائيلي المقاتلين الفلسطينيين بتعريض سكان مخيم جنين للخطر.

بدأت عملية الاجتياح بأمر من رئيس الوزراء السابق آرئيل شارون، وقد تصدى الأهالي العزل لعملية الاجتياح، رغم قلة الإمكانيات وقلة السلاح.

وكان لعملية الاجتياح أضرار كبيرة جداً، إذ فُرض النزوح الجماعي والتهجير القسري على معظم السكان، وتعرض بقية السكان للمجازر على يد الجيش الإسرائيلي.

كما تعرضت الأبنية السكنية والبنية التحتية وشبكات الماء والكهرباء والاتصالات للقصف العنيف من طائرات الاحتلال.

تفاصيل عملية اجتياح مخيم جنين الفلسطيني

في 1 أبريل/نيسان عام 2002، شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق في مخيم جنين الفلسطيني، واستمرت العملية العسكرية لمدة 10 أيام.

وأسفرت هذه العملية عن مقتل 58 فلسطينياً بينهم مدنيون وإصابة أكثر من 200 آخرين حسب تقرير الأمم المتحدة ورواية الجيش الإسرائيلي، أما الفلسطينيون فيؤكدون أن عدد الذين استشهدوا في الاجتياح أكثر من 500 شهيد.

وكشفت إسرائيل عن أن 23 من جنودها قتلوا في أثناء المعركة، 14 منهم في يوم واحد و12 في كمين شنّه المقاتلون الفلسطينيون الذين يؤكدون أن العدد أكثر من ذلك بكثير، إذ يتجاوز عدد القتلى 55 قتيلاً.

بدأت العملية الإسرائيلية بعد أن شنت المقاومة الفلسطينية هجوماً على مدينة جنين، أسفرت هذه العملية عن مقتل 13 إسرائيلياً.

وقد ردّ الجيش الإسرائيلي على هذه العملية بغارات جوية ومدفعية على مخيم جنين في الساعة الثانية صباحاً، ومن ثمّ شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية بريّة واسعة النطاق في تمام الساعة السابعة صباحاً.

واجهت المقاومة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي في معارك طاحنة داخل مخيم جنين، إذ اعتمدت القوات الفلسطينية استخدام الأسلحة الثقيلة والعبوات الناسفة.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية من صدّ العديد من الهجمات الإسرائيلية، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي.

واستمر الإجرام داخل مخيم جنين مدة 10 أيام قام خلالها الجيش الإسرائيلي بممارسة كل الجرائم ضد الإنسانية ومنها عدم السماح للإسعاف والعاملين في القطاع الطبي من الدخول للمخيم ومنع أيضاً معالجة المصابين والجرحى.

انتهت العملية العسكرية في 11 من أبريل/نيسان 2002، بعد أن سيطرت القوات الإسرائيلية على مخيم جنين، وقد ألقت إسرائيل اللوم على المقاومة الفلسطينية واتهمتها بإطلاق النار من مناطق سكنية، ما أدى إلى وقوع ضحايا بين المدنيين.

بينما اتهمت المقاومة الفلسطينية القوات الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين واتخاذهم دروعاً بشرية، وممارسة أعمال القتل العشوائي، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية.

أدت العملية العسكرية إلى تدمير واسع النطاق في مخيم جنين، إذ قُدرت المنازل المدمرة بالكامل خلال عملية الاجتياح بأكثر من 150 منزلاً، كما خلفت العملية كثيراً من المباني غير الصالحة للسكن، بالإضافة إلى دمار العديد من المدارس والمستشفيات، كما شُرّدت أكثر من 435 عائلة.

وقد وُضعت خطط عديدة لإعادة بناء مخيم جنين، وتبرعت دول عربية لتوسعة المخيم، ولكن كان هناك عدة عقبات حالت دون ذلك، مثل الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة وحالات حظر التجوال.

جرائم الحرب الإسرائيلية خلال اجتياح مخيم جنين

اعتمد الجيش الإسرائيلي على استخدام الدبابات والطائرات الحربية والمدافع، بالإضافة للآليات المدرعة المزودة بمدافع رشاشات، كل هذا مقابل بنادق آلية وسلاح أبيض بحوزة المدافعين الفلسطينيين.

وتبع الجيش الإسرائيلي منهجية التدمير فلم يسلم منه أي منشأة سواء كانت سكنية أم خدمية، حتى إنه استهدف المراكز الصحية التابعة للأونروا.

بالإضافة إلى انتهاكه القانون الدولي الإنساني، فقد منع إسعاف الجرحى والمصابين ما أدى إلى زيادة أعداد الشهداء.

كما أقدم الجيش الإسرائيلي على الإعدام الميداني، إذ أعدم العديد من المدنيين في أزقة المخيم، وأزال عائلات كاملة من السجل المدني، فقتل النساء والأطفال والشيوخ.

وبحسب شهود عيان فقد عمل الجيش الإسرائيلي على سرقة جثث الشهداء من المخيم ووضعها في شاحنات وسار بها إلى أماكن مجهولة لإخفاء آثار المجزرة التي قام بها.

TRT عربي