لمحاربة تصاعد العنصرية ضد اللاجئين .. قصة مهاجرة تترشح للبرلمان السويدي
قبل أشهُر، انفجرت قضية سحب الأطفال من ذويهم في السويد، حتى باتت العنوان الأبرز في مواقع عالمية وعربية، لا سيما وأن أكثر المتضررين منها كانوا مهاجرين وعرباً.
نور ملاح في وقفه احتجاجية في العاصمة ستوكهولم (Others)

واليوم تقول المرشحة السياسية من أصول مهاجرة سورية نور ملاح، المرشحة للبرلمان، إن حلّ أزمة الأهالي مع "السوسيال" على رأس أولويات الحزب الذي تنتمي إليه.

و"السوسيال" هي مؤسسة الخدمات الاجتماعية في السويد التي منحها القانون عام 1990 سلطة إبعاد الأطفال قسراً عن والديهم إذا أثبتت التحقيقات أنهم غير مؤهلين لتربيتهم، ويرتكبون تجاوزات ضدهم، ومن ثم إيداعهم مؤسسة للرعاية الاجتماعية إلى حين نقلهم لدى عائلة جديدة.

وحسب هذا القانون، يحقّ للوكالات الاجتماعية إرسال موظفيها، بمساعدة الشرطة، لسحب الأطفال من منازلهم أو مباشرة من المدرسة دون علم والديهم، وبلا حاجة إلى الحصول على إذن من المحكمة الإدارية السويدية.

ترى نور أن هذه القضية التي عانى منها مهاجرون كُثر مؤخراً غير عادلة، وهي ضمن البرنامج الانتخابي لحزب "نيانس".

موقع TRT عربي أجرى مقابلة مع نور ملاح، المرشحة عن حزب الألوان المختلفة "نيانس" في مدينة بوروس ومنطقة فسترا يوتلاند السويدية ضمن الانتخابات البرلمانية التي تنطلق في سبتمبر/أيلول 2022.

متى غادرتِ سوريا؟ وكيف كانت رحلة هجرتك إلى السويد؟

وُلدتُ في أكناف عائلة مثقَّفة لا تقبل بالظلم والدكتاتورية. الظلم الذي عانته عائلتي تحت حكم الرئيس السوري السابق حافظ الأسد دفعنا إلى الهجرة.

نريد أن تعترف الدولة السويدية بالعنصرية وكراهية المسلمين مشكلةً اجتماعيةً خطيرة، وتضع الخطط لمواجهتها على جميع الأصعدة

نور ملاح

في الثمانينيات هاجرت عائلتي من سوريا وكنت في الثالثة من عمري، عشنا في السعودية حتى بداية حرب الخليج قبل أن ننتقل إلى الإمارات حيث أنهيت دراستي الثانوية، وكنت من العشرة الأوائل على مستوى الدولة، ثم انتقلت إلى سوريا لأكمل دراستي الجامعية في الفلسفة وعلم النفس.

عام 2013 غادرت سوريا إلى تركيا التي قضت فيها ما يقارب ثلاث سنوات، إذ كنت العائل الوحيد لأطفالي الثلاثة. وقد عملت مذيعة ومُعِدّة ومقدّمة برنامج في قناة حلب. هذا العمل الإعلامي شكّل نقطة انطلاق لي للحياة العامة وشكّل بداية جديدة حرة لحياتي. وفي عام 2015 سافرت من تركيا ووصلت إلى السويد، وهنا بدأت رحلة اللاجئة المكافحة.

من طالبة إلى مدرّسة لغة، أخبرينا أكثر عن هذه الخطوة؟

استغرق تعلُّم اللغة السويدية سنتين. خضت كل الامتحانات والمراحل ثم عادلت شهادتي الجامعية السابقة. من نفس المبنى الذي بدأت فيه دراسة اللغة السويدية، عدت لأصبح مدرّسة، أعلّم الطلاب المهاجرين اللغة السويدية بفاصل زمني مدته عامان.

ونشرت كتابين إلكترونياً، حمل الأول عنوان "نافذة للروح" والثاني مجموعة شعرية بعنوان "النجم وطناً"، وأعمل حالياً على كتاب جديد بعنوان "نار تحت الجليد" أحكي فيه قصص لاجئين ومهاجرين تَعرَّضوا لحوادث عنصرية.

حدّثينا عن موقف عايشتِ فيه عنصرية ضد المسلمين؟

حصل موقف معي لم أستطع نسيانه، حتى إنني لم أنَم ليلتها قط، وشعرت بنار تحرق روحي. دخلت في مرة أنا وزوجي إلى قصر تاريخي في السويد يُطِلّ على بحيرة، وهو في ذات الوقت فندق ومطعم أردنا إلقاء نظرة عليه من الداخل والاستفسار عمّا إذا كان به غرف شاغرة للإقامة الفندقية.

نور ملاح (TRT Arabi)

حين دخلنا المطعم جاءتنا موظفة لتسألنا عمّا إذا كان لدينا حجز مسبق، وحين قلنا لها إننا نريد أن نُلقِي نظرة للاستعلام، طردتنا من المطعم وفتحت لنا الباب للخروج، رغم أن كثيرين كانوا يدخلون وتستقبلهم بلطف كأي موظفة استقبال دون أن تطرح عليهم أي أسئلة. كان السبب الواضح هو حجابي.

غضبتُ كثيراً وحزنت، وبعدها بقليل عدت إلى الموظفة وقلت لها "أنت عنصرية". شعرت في تلك الليلة بأني تعرضت للإهانة في مكان عامّ. كانت هذه أول مرة أشعر فيها بأني غير مرغوب في وجودي في مكان ما مثل الفنادق أو المطاعم الفاخرة، لأني محجَّبة.

بعدها اتصلت بالصحيفة الخاصة بالمنطقة وشرحت لهم الموقف الذي حدث والعنصرية التي تعرضت لها من موظفة المطعم، لكن الصحيفة رفضت نشر القصة بلا مقطع فيديو يفنّد ما حدث. وتساءلت كيف لي أن أصوّر تلك اللحظة وهي تطردني من المطعم وتفتح لي الباب لأخرج. المهاجرات المحجبات يتعرضن للتمييز في سوق العمل وفي الأماكن العامة وفي القطاع الصحي. العنصريون في السويد يشكّلون 20% على الأقلّ من الشعب السويدي، لذلك تكون المرأة المحجَّبة هدفاً دائماً لهم.

ما البرامج التي تعملين عليها ضمن حزب "نيانس" لمحاربة ظاهرة العنصرية ضد المسلمين؟

أولاً نريد أن تعترف الدولة السويدية بالعنصرية وكراهية المسلمين مشكلةً اجتماعيةً خطيرة، وتضع الخطط لمواجهتها على جميع الأصعدة. من المقترحات التي لدينا أن نرفع التعددية العرقية والإثنية بين صفوف الشرطة والأمن والمخابرات السويدية بحيث تمثّل هذه المؤسسات جميع شرائح المجتمع ولا تقتصر على السويديين الأصليين. ونطالب بإجراء دورات خاصة للعاملين في الأمن والشرطة من أجل محاربة العنصرية والإسلاموفوبيا، وبإخفاء الأسماء في أدوار انتظار السكن كي لا يتعرض المتقدمون للعنصرية ويُستبعدوا من الدور لصالح السويديين الأصليين.

في حال الفوز بمقعد في البرلمان أو عدمه، ما خططك المقبلة؟

نحن حزب جديد تأسس عام 2019 بزعامة السياسي السويدي ميكائيل يوكسل. أحياناً تأخذ الأحزاب الجديدة سنوات طويلة حتى تدخل البرلمان، ولكن يمكن أن ندخل البلديات، بل وربما البرلمان في هذه الانتخابات. في أولوياتنا وضمن خططنا وبرامجنا الانتخابية، معالجة قضايا العائلات الذين سُحب أولادهم منهم بطريقة غير صحيحة.

نطالب بتجريم إحراق المصحف الشريف والتطاول على الأنبياء، وبعدم اعتبار ذلك حرية تعبير بل هو تحريض ضد جماعة عرقية

نور ملاح

نريد تقديم مساعدة قضائية مجانية لهم ومساعدتهم من أجل حلّ قضاياهم واسترجاع أبنائهم.

كما نطالب بتجريم إحراق المصحف الشريف والتطاول على الأنبياء، وبعدم اعتبار ذلك حرية تعبير بل هو تحريض ضد جماعة عرقية. ونطالب بتطبيق عقوبات على "الكيان الإسرائيلي" كما طُبّقَت عقوبات على روسيا بسبب احتلالها أوكرانيا، وقضايا كثيرة أخرى تتعلق بالمدارس والسكن.

قبل أيام عُيّن أول وزيرين مُسلِمَين في حكومة أستراليا، كيف يساعد هذا على زيادة اندماج الشباب داخل المجتمعات الغربية برأيك؟

لقد جئنا من بلاد نحلم فيها بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، جاء أغلبنا من بلاد تحكمها ديكتاتوريات ظالمة لا تتيح لنا التعبير عن رأينا وليس فيها انتخابات ديمقراطية حقيقية. الآن جاءتنا الفرصة لنصبح مواطنين صالحين نستطيع أن نؤثّر في المجتمعات إيجابياً.

لذلك علينا أن نرفع وعينا ونشارك بما نستطيع. لدينا كثير مما نستطيع تقديمه، لدينا ثقافة وحضارة جميلة فيها خير كثير، ويمكن أن نضيف إلى هذه البلاد خيراً، لذا أشجّع الجميع على الاهتمام بالمجتمعات التي يعيشون فيها والسياسة والتأثير الإيجابي في مَن حولهم، لأن هذا هو المهمّ وهذا ما سيؤثّر في وجودنا الحالي ومستقبل أبنائنا في هذه البلاد.



TRT عربي