لماذا "رافال" الفرنسية هي الأسوأ في سوق الطائرات الحربية؟
أعطاب تقنية وقدرات قتالية ضعيفة وشبهات فساد وخرق للقانون الدولي ببيعها للدكتاتورية... فضائح بالجملة تلاحق صفقات بيع مقاتلة رافال الفرنسية، اكتسبت بعدها سمعة "أسوأ طائرة" في سوق السلاح الدولية.
لطائرات رافال سمعة سيِّئة في سوق السلاح العالمية (Getty Images)

بموجب صفقة بلغ قدرها 2.5 مليار يورو، تسلَّمت اليونان أول طائرت الرفال الفرنسية، من ضمن 18 مقاتلة ابتاعتها في أثينا من باريس، على أن تحصل على البقية بحلول سبتمبر/أيلول 2023. صفقة تزامنت ومقياس التوتر بين المستورد وجاره التركي يسجّل أعلى درجاته، وعنوانه الأبرز التعنت اليوناني في التعاطي مع تركيا، بخاصة حول ملف موارد الطاقة بشرق المتوسط.

وتاتي هذه الخطوة في سياق سعي أثينا لردم الهوة الكبيرة بينها وبين تركيا عسكرياً، فيما علّق على ذلك وزير الدفاع التركي خلوصي أقار بأنه "لا يمكن تغيير ميزان القوى من خلال امتلاك عدة طائرات مستعمَلة".

وليست مزايدة من وزير الدفاع التركي حديثه عن "طائرات مستعملة"، ولا يدخل حديثه في خانة تصعيد الخطاب، بقدر ما هو الحقيقة التي تفتقت عنها الفضائح الملاحقة منذ أعوام لصفقات المقاتلة الفرنسية، والتي كشفت عن أعطاب تقنية فيها، وضعف في قدراتها القتالية، بما يجعلها الطائرة الأسوأ في سوق السلاح العالمية.

طائرات مستعملة وأعطاب تقنية وإهدار للمال العامّ

لطائرات رافال سمعة سيِّئة في سوق السلاح العالمية، وهذا راجع إلى رائحة الكبريت -حسب التعبير الفرنسي- التي تلاحق صفقاتها. على سبيل المثال الصفقة الأخيرة مع مصر، التي تضمنت توريد 30 طائرة بغلاف مالي يقارب 4 مليارات يورو، ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الطائرة المورَّدة تعاني مشكلات تقنية عدة جعلتها تفقد قدراتها القتالية.

ويُرجَّح أن هذه المشكلات التقنية قد تسببت سنة 2019 في حادثة راح ضحيَّتها الطيار المصري مهدي الشاذلي، في تكتُّم كبير من السلطات المصرية والفرنسية على الأمر، فيما أكد أقارب الضحية أن الحادثة متعلقة فعلًا بتحطُّم طائرة رافال كان ابنهم على متنها، حسبما أورد تحقيق سابق لموقع Mediapart الفرنسي بعد أن تواصل فريقه معهم، قبل أن يتنكروا لذلك القول في ما بعد، مما يقوّي فرضيَّة تعرُّضهم للضغط، في حادثة قُدّرت خسائر الجيش المصري فيها بمئة مليون يورو.

ولا تتوقف فضائح رافال عند هذا الحد، إذ ارتبط اسمها بأكبر عملية اختلاس وإهدار للمال العامّ عرفتها الهند سنة 2018، فتزامناً مع تولي ناريندرا مودي إدارة البلاد، غيّر عقداً كان يربط بلاده بمصنع رافال الفرنسي من أجل توريد 126 طائرة، إلى رجل أعمال مقرَّب منه صنّع 36 طائرة فقط منها، وكلها في فرنسا، بتكلفة بلغت 3 أضعاف السعر الذي كان يمكن أن يكلف السلطات الهندية لو صُنّعت في الهند حسبما كان يتضمنه العقد الأول.

فيما كشف تحقيق آخر لموقع Mediapart عن تورط كل من الشركتين الفرنسيتين "داسو" المصنعة لطائرات "رافال"، و"تاليس" التي تعمل في تصميم وبناء الأنظمة الكهربائية وتوفير الخدمات لأسواق الطيران والدفاع والنقل والأمن، في هذه الفضيحة، إذ دفعتا رشوة بقيمة 2.4 مليون يورو مقابل عقود تكنولوجيا معلومات باهظة الثمن لوسيط في إطار الحصول على عقد تصنيع طائرات رافال لصالح الهند. وبينما سجّلت الشركتان الفرنسيتان ذلك على أنه "هدايا للعملاء"، قرّرت وكالة مكافحة الفساد الفرنسية عدم إبلاغ المحاكم بهذه الصفقة المشبوهة.

صفقات رافال ملطخة بالدم

يُعَدّ نظام مودي في الهند ونظام السيسي في مصر أبرز مستوردي الرافال الفرنسية، ونفس الوقت يُعتبر النظامان من أكبر الأنظمة المتهمة بالقمع حول العالم.

من جانب آخر كانت وسائل إعلام دولية عن صفقة رافال أخرى، هذه المرة لصالح الإمارات العربية المتحدة، التي تشن حربا ضدَّ اليمن، وتؤكد التقارير الاستخباراتية الفرنسية أن الغارات الجوية لقوات التحالف في اليمن أودت بأرواح ما يزيد على 8300 مدني منذ اندلاع النزاع سنة 2015، كما توضح مشاركة طيارين فرنسيين في مهمات خلال الحرب باليمن، انطلاقاً من قاعدة العساب الإماراتية المتمركزة في إريتريا، الشيء الذي تتستّر عليه الحكومة الفرنسية كذلك.

في المقابل ينصّ بند في القانون الفرنسي المنظم لصفقات بيع الأسلحة على أن يقدم العملاء ضمانات حقوقية جادة بأن تلك الأسلحة لن تُستعمل ضد مدنيين، كما وقعت فرنسا على المعاهدة الدولية لتجارة السلاح ATT، والتي تُلزِم الدول المصدّرة للسلاح تتبُّع صادراتها، وضمان أن لا تخرق هذه الصادرات الحظر الدولي لهذه التجارة، أو أن تُستغلّ هذه الصادرات في جرائم ضد حقوق الإنسان، بما فيها الإرهاب.

TRT عربي