فبين مهجر ونازح، يشكل فصل الشتاء من كل عام، حالة تأهب من قبل السوريين، في ظل قسوة المناخ، وقسوة البرد فضلاً عن نقص المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية.
مع انعدام الكهرباء، وغلاء مواد الوقود في حال توفرت فإن غالبية القاطنين في مخيمات الشمال السوري، هم على موعد مع معاناة جديدة، لقرابة مليون لاجئ هم سكان هذه المخيمات التي تعاني من الفقر والإهمال.
ومع اقتراب الشتاء بات من الضروري ككل عام البحث عن بدائل جديدة للتدفئة، وهنا لجأ بعض الأهالي إلى صناعة ما يسمونه بطوب التدفئة والذي يقوم على استثمار روث الحيوانات والتبن وتجفيفها أو عبر جمع الأخشاب والحطب من الأراضي الزراعية والاحراش.
الحاجة أم الاختراع
لم يقف النازحون في مخيمات الشمال السوري مكتوفي الأيدي، بل قاموا إلى ابتكار طرائق للتدفئة من أ[ل أن تقيهم وأولادهم برد الشتاء. إبراهيم حسن وهو نازح سوري من منطقة تقات في ريف حلب الغربي، والتي شهدت قصفاً من قبل قوات النظام السوري، منذ حوالي 9 شهور بسبب الحرب، خسر منزله، بعد تقدم قوات النظام السوري في البلدة، لم يعد بإمكانه العودة إليها، واضطر إلى السكن في المخيمات حالياً.
يقول إبراهيم في حديثه مع TRT عربي بأن "هناك شحاً في المواد الأساسية، ومع قدوم فصل الشتاء يشكل هذا الوضع أزمة بالنسبة لجميع النازحين. فعدنا للطرق التقليدية القديمة لنؤمن لأطفالنا سبلاً للتدفئة فالشتاء في المخيمات قاس".
طرق بدائية
ويتابع إبراهيم حديثه "لجأنا إلى طريقة تصنيع طوب التدفئة، ونحن نستخدم هذه المادة، واسمها (الجلة)، وتستخرج عادة من روث البقر، لكن وبما أننا لا نملك البقر حالياً فإننا نقوم باستخراجها من روث الأغنام. نجمع الروث ونضع له مادة التبن، ثم نصنع منه قوالب مستديرة صغيرة ونضعها تحت أشعة الشمس، حتى تبلغ درجة الجفاف"
اقرأ أيضاً:
ويتابع إبراهيم "اعتدنا استخدام هذه المادة حتى نمضي الشتاء بأقل شعور من البرد، مع أنها في الحقيقة طريقة تضر بصحة الأطفال، ويمكن أن تسبب مشاكل صدرية وأمراضاً كالربو، لكننا لا نملك خياراً آخر، وسط غلاء مواد المحروقات، وارتفاع سعر الطن الواحد من الحطب حتى بلغ حد 150$، ناهيك عن نقص الدعم من المنظمات الإنسانية"..
إحصائيات بازدياد وسط نقص المساعدات
تحدث المهندس محمد حلاج، مدير فريق منسقي استجابة سوريا، لـTRT عربي معتبراً أن "الوضع الاقتصادي اليوم في أسوأ حالاته في المنطقة، بسبب غلاء الأسعار وتغيير العملة، وأضاف: لا يوجد استقرار بالأسعار بشكل كامل، والوضع الاقتصادي السيئ الخاص بالنازحين بسبب فقدان مصدر الدخل والمأوى فلجأوا للخيام"
وأضاف "أصبح للنازحين مشكلة كبيرة، انعكست سلباً على الحالة الاقتصادية للأهالي لضعف الاستجابة الإنسانية، بالرغم من أن أغلب المنظمات أقامت مشاريع لتشغيل النازحين، لكن للأسف هناك فجوة كبيرة بين الخدمات والاحتياجات وبين ما يصل من مساعدات، مثلا النازحون بحاجة تصل إلى 100 ألف سلة غذائية لا يصل إلا نحو 30 ألف سلة.
وقد أشار الحلاج إلى أن المنظمات لا تبادر بخطوة إصلاحية إلا بعد أن تجف الأراضي، والنقطة الأهم التي يركزون عليها كل عام، هي موضوع الصرف الصحي الذي يكاد يكون معدوماً، هذا فضلاً عن الصرف المطري الذي يكاد لا يوجد في المخيمات، "لا يوجد أي مخيم مجهز بصرف مطري مع الأسف"، حسب ما يؤكد الحلاج. وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة فصل الشتاء على اللاجئين وقاطني الخيام.
إحصائيات بازدياد وسط نقص المساعدات
من جانبه، أوضح لؤي الحاس وهو ناشط إعلامي في ريف إدلب، في حديث لـTRT عربي أن السلة الغذائية التي تحصل عليها العوائل في المخيمات أصبحت لا تكفي. وأكد أن المساعدات للمناطق المنكوبة في محافظة إدلب بشكل عام هي قليلة.
تأثير ارتفاع الدولار على المواطنين
وأضاف لؤي أن المحروقات في إدلب وريفها تشهد تقلباً في الأسعار، وذلك نظراً لتقلب العملة المحلية مقاربة بالدولار. ولذلك تشهد الأسعار ارتفاعاً مستمراً وهو ما أكده بدوره عبد الرزاق أبو عارف، المدير الإداري في المجلس المحلي بريف إدلب في حديثه مع TRT عربي، وأضاف أن أسعار المحروقات لم تعد ملائمة مع دخل المواطنين المنخفضة، وقلة توفر فرص العمل.