كواد كابتر.. أداة تصوير حوّلها الاحتلال إلى سلاح يبيد الفلسطينيين بدم بارد
استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة الطائرات المسيّرة "كواد كابتر"، التي حوّلها من أداة للتصوير والمراقبة إلى سلاح فتاك يشارك في إعدام الفلسطينيين ميدانياً باستهدافهم المباشر بالرصاص الحي والقنابل المتفجرة.
طائرة دون طيار تظهر بالقرب من غزة في يونيو/حزيران الماضي. / صورة: Reuters Archive (Reuters Archive)

ووظف الاحتلال هذه المسيّرات في التطهير العرقي الذي يمارسه بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة، إذ أسهمت في إحكام الحصار المطبق على مداخله بإطلاق النار الحي على كل من يحاول الخروج والدخول إلى المنطقة.

وفي صباح 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ الاحتلال عملية برية في جباليا بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، ورغم زعمه استهداف الحركة فإنّ طائرات كواد كابتر التي يتحكم بها عن بعد أطلقت نيرانها صوب نساء وأطفال حاولوا النجاة بأنفسهم من جحيم الغارات.

ما هي كواد كابتر؟

كواد كابتر هي طائرات مسيّرة صغيرة الحجم تُسيَّر إلكترونياً عن بُعد، ويستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عمليات استخبارية وعسكرية متعددة، إذ إنّ لها قدرة على مباغتة الهدف الذي توجّه نيرانها صوبه، فضلاً عن سهولة تسللها إلى الأماكن المغلقة كالمنازل والخيام.

إضافة إلى ذلك، فلهذه المسيّرات خصائص استخباراتية مختلفة، إذ إنها مزودة بكاميرات عالية الجودة، وتقوم بعمليات متعددة كالرصد والمتابعة وتعقب الأهداف الثابتة والمتحركة.

أما من الناحية العسكرية، فهذه الطائرة مزودة ببرمجيات وآليات تُمكنها من إطلاق النار والقنابل صوب الأهداف، ما يجعل منها سلاحاً فتاكاً يستخدمه الاحتلال في إبادة الفلسطينيين.

وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في يونيو/حزيران الماضي إلى أن "الجيش الإسرائيلي يوسع استخدام طائرات كواد كابتر في قتل الفلسطينيين".

ووثق في تقرير للمرصد آنذاك "حالات قتل متزايدة يرتكبها الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق نار مباشر وإلقاء قنابل متفجرة من طائرات مسيّرة صغيرة الحجم (كواد كابتر)، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة".

كما رصد التقرير استخدام هذه الطائرة المسيّرة إلكترونياً لأغراض متعددة كـ"المراقبة والتجسس، وتوجيه أوامر التهجير، وترهيب المدنيين عبر إصدار أصوات مزعجة، والأخطر استخدامها أداة قتل وإيقاع أذى في صفوف الفلسطينيين".

آلة تقتل النازحين بدم بارد

وقال المرصد إنّ "الجيش نفذ من خلال هذه الطائرات عمليات قتل عمد وإعدام خارج إطار القانون والقضاء بحق الفلسطينيين المدنيين، من خلال قنص وإطلاق نار من طائرات مسيّرة يستخدمها في الدخول إلى الأزقة وداخل المنازل".

ورصد في تقريره مقتل المسن فتحي ياسين (70 عاماً) في 10 مايو/أيار الماضي جراء إطلاق نار من طائرات كواد كابتر في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة.

ووثق إعدام جيش الاحتلال للسيدة سلاح عودة (52 عاماً) بعد استهدافها بإطلاق نار مباشر من طائرات كواد كابتر بتاريخ 21 مايو/أيار الماضي، رغم أنها كانت ترفع الراية البيضاء محاوِلة النزوح من مخيم جباليا، إذ جرى إعدامها أمام أفراد عائلتها.

وخلال الهجوم الأخير على جباليا، قال فلسطينيون إن كواد كابتر شاركت في محاصرة أطراف المخيم بالنيران، مانعة خروج ونزوح الفلسطينيين، وأضافوا في حديث لوكالة الأناضول أن "عملية إطلاق النيران من كواد كابتر، التي يتحكم بها عناصر بالجيش، استهدفت أطفالاً ونساء وكباراً في السن".

كما يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي هذا السلاح ضد طواقم الإسعاف والدفاع المدني لمنعهم من انتشال جثامين القتلى وإنقاذ المصابين، وفق إفادات في بيانات سابقة.

وصرح مصدر أمني فلسطيني (رفض ذكر اسمه) للأناضول أنه جرى رصد عدة حالات، استهدفت فيها مسيّرات كواد كابتر النازحين الذين كانوا يغادرون شمال القطاع باتجاه مدينة غزة وليس إلى الجنوب الذى ادعى الاحتلال أنه "ممر آمن".

مسيّرة تستهدف النساء والأطفال

يثير تحليق طائرات كواد كابتر في أجواء قطاع غزة على ارتفاعات منخفضة ذعر وخوف المواطنين الذين قد يتحولون في غضون لحظة إلى هدف للاحتلال. وفي حديثه للأناضول يقول الصحفي محمد أبو دون من شمال غزة إن "الكواد كابتر باتت تمثل عنصر رعب للفلسطينيين، خصوصاً في الشمال".

وتابع أن المناطق التي تحلق في أجوائها الكواد كابتر تشهد حالة من الشلل، إذ لا يتحرك أحد في الشوارع أو يقترب من نوافذ المنازل خشية الاستهداف.

وأوضح أبو دون أن شاباً في منطقة الجلاء شمال مدينة غزة استُشهد، قبل يومين، خلال وقوفه قرب نافذة منزل برصاصة أطلقته طائرة كواد كابتر صوبه.

كما ذكر أن هذه الطائرات المسيرة عن بُعد تستهدف أيضاً "النساء والأطفال والكبار في السن"، إذ جرى تسجيل عدة حالات استهداف، وفق ما أفاد به جهاز الدفاع المدني والإسعاف في بياناته.

كذلك سبق أن استخدم الاحتلال طائرات كواد كابتر في إطلاق النيران صوب النازحين داخل خيامهم، خلال عمليات عسكرية نفذها في مناطق النزوح، ما أسفر عن استشهاد وإصابة فلسطينيين.

وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في غزة منذ عام أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي مجازره متجاهلاً قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

TRT عربي - وكالات