وجاءت العملية بتنسيق من الاستخبارات التركية في أنقرة، حيث نقل 10 سجناء بينهم طفلان إلى روسيا، و13 إلى ألمانيا، و3 إلى الولايات المتحدة، في إطار عملية التبادل بين 7 دول، وفق مصادر أمنية لوكالة الأناضول.
وحظيت العملية بترحيب دول غربية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وقال المتحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، لدى سؤاله عن عملية التبادل: "نرحب بحقيقة أن التوصل إلى اتفاق كان ممكناً، وبتحقيقه بين أطراف مختلفة".
وحسب وكالة الأناضول، "دخلت عملية التبادل هذه التاريخ باعتبارها الأكثر شمولاً بين الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا في السنوات الأخيرة، وأنشأت الاستخبارات التركية قنوات الحوار الخاصة بالعملية".
قوة الدبلوماسية التركية
وقال رئيس دائرة الاتصال التركية، فخر الدين ألطون، اليوم الخميس، إنه "في ظل الفترة الحالية من توترات متصاعدة في المنطقة، تواصل تركيا المساهمة في تحقيق السلام والاستقرار على الساحة الدولية تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان".
وأضاف الطون، "أثبتت تركيا مرة أخرى أنها قوة دبلوماسية وزانة، تميزها شراكات خاصة مع مختلف البلدان في العالم، ونحن نستثمر قدراتنا في خدمة السلام والاستقرار من خلال التعاون المؤثر مع مختلف الفاعلين الدوليين".
ولفت المسؤول التركي البارز إلى أن تركيا سهلت أكبر عملية تبادل للأسرى في الذاكرة الحديثة وأن الاستخبارات التركية أقامت قنوات للحوار والوساطة في هذه العملية التاريخية التي شملت بعض الخصوم العالميين، إذ أظهرت تركيا أنها قادرة على التحدث إلى أطراف مختلفة باعتبارها شريكاً موثوقاً به.
وحول نجاح الوساطة التركية في تنفيذ عملية من هذا النوع، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، جوشكون باشبوغ، لقناة TRT عربي إنه "بالنظر إلى طبيعة العلاقات المتوترة والوضع السياسي بين روسيا والدول الغربية، كان يستوجب تدخل طرف ثالث مثل تركيا، لحل الخلافات ونزع فتيل التوترات الحاصلة بين القوى الكبرى".
وأضاف باشبوغ، "بالطبع بعد تدخل تركيا بالوساطة شاهدنا إقبالاً وموافقةً من الولايات المتحدة وروسيا على هذه الوساطة إذ أجرت تركيا دبلوماسية مكوكية بين البلدين وحلت هذه القضية، وبالنهاية اتفق على صيغة مشتركة بين الأطراف والموافقة على تبادل السجناء بين الدول المعنية".
وأشار الخبير التركي، إلى أن بعد الحرب الباردة حتى الآن، سعت تركيا لحل الخلافات وجعل الاستقرار يعم أرجاء المنطقة، مبيناً أنه "لدى تركيا خبرة طويلة في موضوع الوساطة وحل قضايا من هذا النوع، مثل دورها بين أوكرانيا وروسيا"، حسب قوله.
وحول المدى الذي من الممكن أن تفتحه هذه العملية من آفاق جديدة في المستقبل لعمليات أخرى، يرى باشبوغ، أن "الوساطة التركية في الآونة الأخيرة نشاهدها في محافل مختلفة حاضرة وبقوة ومن الممكن أن تلعب تركيا دوراً قوياً في المستقبل في حل القضايا العالقة ليس فقط في موضوع تبادل الأسرى بل أيضاً في حل النزاعات الإقليمية.
ويقول "لدى تركيا آذان تصغي إلى كل القارات والمؤسسات والمنظمات الدولية ودائماً تحظى بتأييد من أكبر عدد من الدول والعالم يعرف أن لتركيا دور بنّاء وممكن أن تلعب دور الحكم بين الدول وبين القوى المتنازعة في القضايا العالقة".
تفاعل عالمي واسع
ولاقت عملية تبادل السجناء تفاعلاً إيجابياً عالمياً، وصدرت عدّة تصريحات من رؤساء دول والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن ارتياحه لإطلاق سراح مواطنيه.
وأشاد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بما اعتبره "إنجازاً دبلوماسياً"، وقال إن حلفاء الولايات المتحدة ألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وتركيا "يقفون معنا".
وأضاف بايدن، "اتخذوا قرارات جريئة وشجاعة" لإطلاق سراح روس مسجونين بتهم تجسس وجرائم أخرى مقابل عودة غربيين ومنشقين روس ونشطاء في مجال حقوق الإنسان.
بدورها، عبرت المملكة المتحدة عن "ارتياحها" للإفراج عن مواطنَيها اللذين يحملان جنسية مزدوجة، أحدهما المعارض الروسي فلاديمير كارا مورزا، والعنصر السابق في مشاة البحرية الأمريكية بول ويلان.
وتعد هذه العملية الأكبر منذ عام 2010 عندما جرت مبادلة 14 جاسوساً مفترضاً بين روسيا والغرب. وكان بين هؤلاء العميل المزدوج سيرغي سكريبال، الذي أرسلته موسكو إلى بريطانيا والعميلة الروسية السريّة آنا تشابمان التي أرسلتها واشنطن إلى روسيا.
وقبل ذلك، لم تجر عمليات تبادل كبيرة تشمل أكثر من عشرة أشخاص، سوى خلال فترة الحرب الباردة، عندما تبادل الاتحاد السوفييتي والقوى الغربية سجناء في عامي 1985 و1986.