في ظل تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع عملية "طوفان الأقصى"، يربُط بعض المحللين تأخر الاحتلال في تنفيذ الهجوم البري على قطاع غزة بالمواجهات المحتملة على الجبهة الشمالية، ما يثير تساؤلات حول قدرات حزب الله اللبناني العسكرية، وخصوصاً مع تنفيذه عدداً من الهجمات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي وهو ما قوبل بقصف إسرائيلي خلال الأيام القليلة الماضية، ونستعرض معكم في هذا التقرير أبرز محطات حزب الله اللبناني.

نشأة حزب الله

حزب الله هو منظمة لبنانية شيعية تأسست في عام 1982، قام بدور فعّال في السياسة اللبنانية والصراع المسلح، تأسس حزب الله في أوائل الثمانينيات كجزء من جهد إيراني لتجميع مجموعة متنوعة من الجماعات الشيعية اللبنانية المسلحة تحت سقف واحد، يقوم الحزب على الأيدولوجية الخمينية وولاية الفقيه.

زعيمه الحالي السيد حسن نصر الله، الذي قال جملته الشهيرة: "مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره، كوننا مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة، وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق، الولي الفقيه الإمام الخميني".

وقد جاء في بيان صادر عن حزب الله في 16 فبراير/شباط 1985؛ أن الحزب ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة.

يعدّ أفراد حزب الله لبنانيين شيعة مرتبطين بشكل مباشر بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، ويعتبرونه المرجعية العليا لهم، ويُعدّ حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، الوكيل الشرعي لعلي خامنئي في لبنان، وهذا الارتباط الأيديولوجي والفقهي بإيران سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر منها وعبر حرسها الثوري للحزب الناشئ.

ويعتبر حزب الله جزءاً من المحور الشيعي في الشرق الأوسط، وله حضور قوي في لبنان وسوريا، ويحظى بدعم من إيران.

تأسس حزب الله بعد الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982، بهدف ما وصفه "مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة والاستقلال للبنان". وقد طوّر حزب الله مع الوقت من قدراته العسكرية والسياسية، إذ أصبحت لديه قوة عسكرية ضخمة وشبكة تنظيمية قوية.

يُعدّ حزب الله من أكبر القوى المسلحة في لبنان، وتتراوح تقديرات عدد مقاتليه الآلاف، يتمتّع مقاتلو حزب الله بدعم قوي من إيران من حيث التمويل والتسليح.

قدرات حزب الله اللبناني العسكرية

حزب الله يمتلك قدرات عسكرية متنوعة وقوية، وفقاً للتقديرات العامة والتقارير الواردة من مصادر محلية ودولية، يُعدّ حزب الله منظمة ذات تنظيم عسكري محترف.

تتضمن قدرات حزب الله اللبناني العسكرية ما يلي:

القدرة على تنفيذ عمليات القتال: يتمتع حزب الله بإمكانية وتدريب في تنفيذ العمليات القتالية ضد القوات العسكرية الأجنبية والإسرائيلية، وقد أظهر الحزب قدرة على شنِّ هجمات متنوعة بما في ذلك الهجمات الصاروخية والهجمات البرية والعمليات النوعية.

الصواريخ والأسلحة البالستية: يمتلك حزب الله ترسانة قوية من الصواريخ والأسلحة البالستية، بما في ذلك الصواريخ ذات المدى البعيد القادرة على الوصول إلى أراضي إسرائيل. يشتهر الحزب بقدرته على تصنيع وتطوير الصواريخ المحلية الصنع مثل صواريخ الكاتيوشا والصواريخ ذات المدى القصير.

القوات البرية: يمتلك حزب الله قوات برية مجهزة ومدربة تتمتع بقدرات قتالية قوية، تشمل هذه القوات قوات مشاة مجهّزة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، وكذلك وحدات خاصة مدربة تدريباً جيداً، ويقدر عددهم بالآلاف.

التجسّس والاستخبارات: يمتلك حزب الله قدرات في مجال التجسّس والاستخبارات، ويعدُّ الحزب قادراً على جمع المعلومات الاستخباراتية ومراقبة الأنشطة والتواصل مع شبكة واسعة من العناصر الاستخباراتية.

حروب خاضها حزب الله

في عام 2000، نجح حزب الله في طرد الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان بعد احتلال دام لمدة 18 عاماً، وقد اعتُبرت هذه النجاحات انتصاراً كبيراً لحزب الله وجعلته يحظى بشعبية واسعة في لبنان والمنطقة.

في عام 2006، اندلعت حرب بين حزب الله وإسرائيل بعد اختطاف مقاتلين لبنانيين اثنين وقتل آخرين من الجيش الإسرائيلي، استمرت الحرب لمدة 34 يوماً، وشهدت قصفاً عنيفاً من الجانبين وخسائر كبيرة في الأرواح والبنية التحتية، على الرغم من التدمير الذي لحق بلبنان، اعتبر حزب الله الحرب نصراً استراتيجياً.

بعد الحرب في سوريا، شارك حزب الله في الدفاع عن النظام السوري، وذلك بوجود قواته ومقاتليه في سوريا لمساعدة القوات الحكومية السورية في مواجهة المعارضة المسلحة، وقد تعرّض حزب الله لانتقادات دولية بسبب مشاركته في الصراع السوري.

بالإضافة إلى ذلك، قد تناول حزب الله المواجهة مع المجموعات المسلحة في لبنان والمنطقة، مثل تنظيم القاعدة وداعش، قام حزب الله بعمليات عسكرية واستخباراتية لمحاربة هذه المجموعات.

تُعدّ حروب حزب الله ومقاتليه أحد العوامل الرئيسية التي شكلت السياسة اللبنانية، ويرى بعض الناس حزب الله بأنه حليف قوي لإيران وأداة لتعزيز نفوذ إيران في المنطقة.

ما الأهداف السياسية والعسكرية لحزب الله اللبناني؟

تُعد الأهداف السياسية لحزب الله اللبناني متعددة ومتنوعة، إذ يسعى الحزب للتركيز على السياسة اللبنانية، ولكنه ينشط أيضاً في سياق المنطقة العربية والشرق الأوسط، من بين الأهداف الرئيسية لحزب الله السياسية:

مقاومة الاحتلال الإسرائيلي: تُعد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وطرد القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية هدفاً معلناً رئيسياً لحزب الله، ويُعدّ الحزب نفسه كجهة مقاومة فاعلة ضد القوات الإسرائيلية، ويستخدم وسائل مختلفة مثل الهجمات العسكرية والعمليات النفسية والدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف.

الدفاع عن السيادة اللبنانية: يقول حزب الله إنه يعمل على الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته الوطنية، ويرى أن القوى الخارجية، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، تشكل تهديداً للسيادة اللبنانية، ويجب العمل على تعزيز دور لبنان في صنع القرارات السياسية الداخلية والخارجية، بينما يرى جمهور واسع أن جزءاً كبيراً من مشكلة لبنان السياسية تتمثل بوجود سلاح حزب الله.

القضية الفلسطينية: يؤيد حزب الله حقوق الشعب الفلسطيني والنضال من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، يعدّ الحزب فلسطين قضيةً عادلةً، ويدعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

تعزيز النفوذ الإقليمي لإيران: يُعَدُّ حزب الله حليفاً إقليمياً لإيران، ويعمل على تعزيز نفوذ إيران في المنطقة، يُنظر إلى الحزب على أنه جزء من المحور الشيعي الذي يضم إيران وسوريا وجماعات شيعية أخرى في المنطقة.

حسن نصر الله قائد حزب الله اللبناني

حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، ولد في بلدة البازورية في جنوب لبنان عام 1960. وتولى قيادة الحزب في عام 1992.

ويتعرّض حسن نصر الله للانتقادات والاتهامات من بعض الدول والجماعات الدولية التي تصنّف حزب الله كمنظمة إرهابية، ويتهمه البعض بالتورّط في أعمال عنف وتهديد أمن المنطقة، وتشمل هذه الاتهامات دعمه للأنشطة المسلحة في سوريا والتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية.