القدس.. مدينة السلام ومسرى الرسول الكريم
مدينة السلام ومسرى رسول الله الكريم وزهرة المدائن، إنها مدينة القدس الفلسطينية، إذ تُعدّ مدينة القدس واحدةً من أقدس وأقدم المدن في العالم.
حائط البراق في مدينة القدس (Others)

مدينة السلام ومسرى رسول الله الكريم وزهرة المدائن، إنها مدينة القدس الفلسطينية، إذ تُعدّ مدينة القدس واحدةً من أقدس وأقدم المدن في العالم، يوجد التاريخ والحضارة في كل زاوية من زواياها.

إنها مدينة تتميز بتراثها الديني والثقافي الغني، التي تجمع بين الأديان السماوية الكبرى وتاريخ مضيء من الصراعات والاندماجات، تأخذنا مدينة القدس في رحلة عبر الزمن، تعكس تجاربها الإنسانية والتاريخ الطويل الذي مرت به.

تمتاز مدينة القدس بأنها المكان الذي ترتبط به أبرز الأحداث والشخصيات الدينية في العالم، إذ تحتضن ثلاثة من أهم المواقع المقدسة في الديانات السماوية الكبرى، وهي:

المسجد الأقصى

وكنيسة القيامة

وحائط البراق (المعروف أيضاً بحائط البكاء)

أسماء مدينة القدس

أول اسم سميت به القدس كان (أورسالم)، وسالم (أو شالم) هو اسم الإله الكنعاني الحامي للمدينة حسب زعمهم آنذاك، وأطلق عليها أيضاً اسم مدينة السلام، وقد ظهر هذا الاسم مرتين في الوثائق المصرية القديمة، نحو 2000 ق.م و1330 ق.م، ثم أخذت اسم (يبوس) نسبة إلى اليبوسيين المتفرعين من الكنعانيين وذلك وفقاً لسفر الملوك الثاني، وتذكر مصادر تاريخية أن الملك اليبوسي هو أول من بنى يبوس أو القدس حالياً، وكان محباً للسلام، وقيل إنه هو من سماها بأورسالم أو مدينة سالم.

وعند ظهور الكتاب المقدس ظهر معه اسم أورشليم، في سفر يشوع تحديداً، وأطلق العبرانيون بدورهم على أقسام مأهولة من المدينة اسمي (مدينة داوود) و(صهيون)، ثم أصبحت هذه الألقاب تعني المدينة بأكملها حسب التقليد اليهودي.

أما اسم القدس اليوم في لغتنا العربية وخاصة لدى المسلمين، فهو اختصار لاسم (بيت المقدس) حسب البعض، كما يطلق عليها (القدس الشريف) وذلك تأكيداً لقدسيتها ومكانتها العظيمة عند المسلمين، أما الإسرائيليون فيطلقون عليها (أورشليم القدس).

أين تقع القدس؟

القدس عاصمة فلسطين العربية، التي تقع في جنوب غرب قارة آسيا، في الجزء الجنوبي الشرقي للبحر المتوسط، وتحديداً بين مصر ولبنان وسوريا والأردن، كما أنها تُعدّ من بلاد الشام (مع سوريا ولبنان والأردن)، وتطل المدينة من الشرق على البحر الميت ونهر الأردن امتداداً إلى الجبال شرق الأردن، أما من الغرب فتطل على السهل الساحلي والبحر الأبيض المتوسط.

وللقدس موقع مهم تتميز به جغرافياً، فهي تشمل مركزاً يجمع عديداً من الطرق الخاصة بالتجارة، وتقع القدس وسط الأراضي الفلسطينية، تحديداً على التلال الصخرية، إذ تأسست المدينة على أربعة مرتفعات وتحيط بها مجموعة من الأودية.

ومن هذه المرتفعات جبل موريّا الذي تأسس على أرضه حرم القدس الشريف وجبل صهيون وجبل أكرا الذي تأسست على أرضه الكنيسة القديمة وجبل بزيتا، ومن هذه الوديان والتلال المحيطة بالقدس الشريف: وادي قدرون في جهتها الغربية، ووادي هنوم في جهتها الشرقية.

تتكون القدس من جزأين رئيسين؛ هما:

القدس الشرقية، وتعرف باسم المدينة العتيقة، وهي التي تحتوي على المعالم الأثرية الدينية كالمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

والقدس الغربية، وتعرف باسم المدينة الجديدة، إذ تشكل عديداً من الأماكن الحديثة، وتعتبر المدينة الحديثة أكبر بلدية في الضفة الغربية، وتقع في مركزها المدينة القديمة.

مناخ القدس

تتمتع مدينة القدس بمناخٍ شبه استوائي، فيكون جافاً وحاراً صيفاً، وبارداً وماطراً شتاءً، يبلغ متوسط هطل الأمطار السنوي 500 ملم، ومتوسط درجة الحرارة 9 درجات مئوية تقريباً في يناير/كانون الثاني، و23 درجة مئوية في يوليو/تموز.

الطبيعة في القدس

تقع مدينة القدس على الخط الذي يفصل بين الصحراء والتلال، كما تتميز بتنوع النباتات فيها، ففيها نحو 1000 نوع من النباتات المختلفة، بالإضافة لما يقارب 70 نوعاً من الطيور المهاجرة، ويعتبر ساحل البحر الميت المقارب لمدينة القدس والواقع في الشق السوري الإفريقي غنيّاً بالمعادن.

أهم المعالم التاريخية الدينية في القدس

إن مدينة القدس بحدّ ذاتها تعدّ معلماً تاريخياً، فتبلغ مساحة القدس القديمة ضمن الأسوار كيلومتراً مربعاً، وأهم المعالم الدينية في القدس:

1- مسجد قبة الصخرة

وهو قبة إسلامية تقع في المسجد الأقصى في القدس العتيقة، ويعرف بالحرم الشريف، بنيت قبة الصخرة في العصر الأموي بأمر من عبد الملك بن مروان عام 691_692، وانهارت القبة الأصلية عام 1015، وأعيد بناؤها عام 1022و1023، وتعدّ قبة الصخرة أقدم معلم معماري إسلامي في العالم.

كان تصميمها معمارياً والفسيفساء الخاصة بها على غرار الكنائس والقصور البيزنطية، ولكن مظهرها الخارجي تغير بشكل كبير في الفترة العثمانية ومرة ثانية في العصر الحديث، وذلك عندما أضافوا السقف المطلي بالذهب عام 1959_1961 ومرة أخرى عام 1993.

تقع قبة الصخرة فوق الصخرة المشرفة، والتي تحمل أهمية دينية كبيرة في الديانات الإبراهيمية، ففي المسيحية يعتقد بأنها المكان الذي حاول فيه النبي إبراهيم التضحية بابنه إسحاق، وفي اليهودية يعتقد أن تحتها بئر الأرواح، وأنها المكان الذي يتجلى فيه الرب أكثر من أي مكان آخر حسب زعمهم، أما لدى المسلمين فتعدّ قبة الصخرة المشرفة المكان الذي عرج منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء في أثناء الإسراء والمعراج.

2- المصلى القبلي

ويطلق عليه أيضاً الجامع القبلي، وهو جزء من المسجد الأقصى المبارك، والمصلى المسقوف الذي تجده جنوبي المسجد الأقصى باتجاه القبلة.

يرجع بناء هذا الجامع إلى العصر الأموي، تحديداً في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد، ويتألف من رواق أوسط وثلاثة أروقة على كل جانب، وله قبة مرتفعة مصنوعة من الخشب ومغطاة بألواح الرصاص، إذ يتسع لنحو 5500 مصلٍّ، وكان أول من بنى في هذا الموقع هو الخليفة عمر بن الخطاب.

تعرض لأضرار عديدة على مر العصور، وجرى ترميمه في العصور المملوكية والعثمانية، إلا أنه تعرض لعديدٍ من الاعتداءات خلال الاحتلال الصهيوني، بما في ذلك الحريق الذي وقع في 1969. كما توجد تهديدات مستمرة لأسسه بسبب أعمال الحفر التي تجريها السلطات الإسرائيلية تحت أرضية المسجد.

إن المسجد الأقصى يتضمن العديد من المعالم والمباني، ويحتل مكانة كبيرة في التاريخ والثقافة الإسلامية والفلسطينية.

3- كنيسة القيامة

تقع كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس، وهو موقع مهم للمسيحيين من جميع أنحاء العالم الذين يزورونها بكثرة، كما تُعدّ هذه الكنيسة نموذجاً حياً للتعايش بين المسلمين والمسيحيين، إذ يديرها مسلمون من عائلة مقدسية.

وتقع كنيسة القيامة داخل أسوار البلدة القديمة في القدس وتعرف أيضاً باسم (القبر المقدس)، إذ إنها مجمع معماري كبير محاط بالعديد من المباني التاريخية والأثرية من مختلف العصور.

بُنيت كنيسة القيامة في عام 335 ميلادي من الإمبراطورة هيلانة، وجُدّدت في القرن الثاني عشر، وتقع فوق الجَلجلة، وهو الموقع الذي يعتقد المسيحيون أن المسيح صُلب عليه، إذ أصبحت مهمة بشكل أكبر بعد اعتراف المجمع الرابع عام 451 ببطريركية القدس، وأصبحت واحدة من البطريركيات الرسولية الشرقية إلى جانب روما.

في العهد الإسلامي، بنى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مسجداً قريباً من كنيسة القيامة لتعزيز التعايش والتسامح بين الديانتين، وبعد تحرير القدس من الصليبيين عام 1187، سُلّم مفتاحها لعائلة مسلمة للمحافظة عليها.

تعرضت كنيسة القيامة لأضرار بسبب الحوادث والزلازل على مرّ العصور وقد جرى إصلاحها، وفي 2018 أُغلقت مرتين احتجاجاً على فرض الضرائب على أملاك الكنائس في القدس، وهي المرة الثانية منذ الاحتلال الإسرائيلي، إذ حدث إغلاقها سابقاً في 1990.

4- حائط البراق

على الرغم من أنه وقف إسلامي، فإن اليهود تواصل محاولة تهويده وأخذ ملكيته التاريخية والدينية، رغمَ اعتراف اليهود عام 1929 أمام لجنة منظمة عصبة الأمم بأنهم لا يدعون ملكيته.

يُعرف حائط البراق أيضاً بالجدار الغربي للمسجد الأقصى في القدس، وقد سُمّي استناداً إلى ربط النبي صلى الله عليه وسلم لدابته به في ليلة الإسراء والمعراج، ويطلق عليه أيضاً حائط البكاء من اليهود، نظراً لأن صلواتهم فيه تأخذ شكل البكاء والنواح، ويُعتبر الحائط جزءاً من سور المسجد، ويجاوره باب المغاربة.

تاريخياً، يُمثل حائط البراق الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى الشريف، ويمتد من باب المغاربة جنوباً إلى المدرسة التنكزية التي حوِّلت بوساطة الاحتلال الإسرائيلي إلى كنيس ومقرات للشرطة، ويبلغ طول الحائط نحو 50 متراً وارتفاعه نحو 20 متراً.

5- برج القلعة

في الجهة الغربية لبلدة القدس القديمة، بُنيت قلعة القدس من الرومان لتكون حصناً يحمي المدينة من أي غزو مفاجئ، واختير موقع القلعة في أضعف نقطة في القدس القديمة من حيث التحصينات، نظراً لوجود المنطقة الغربية من المدينة في منطقة مرتفعة وغير محاطة بالجبال.

توالى العديد من الحقب الزمنية على القلعة، بدءاً من القرن الثاني قبل الميلاد وصولاً إلى العهد العثماني الإسلامي، إذ أضافت كل جماعة مرت على القلعة إضافة معمارية أو على الأقل قامت بترميمها، وظلت تستخدم في مختلف الأحقاب كمقر للقيادة والجنود، وكذلك كسجن.

إن المؤسس الفعلي لقلعة القدس هو الملك الآدومي لولاية فلسطين في عهد الرومان (هيرودس)، وعلى الرغم من أن القلعة بُنيت قبل حكمه للمدينة، أضاف إليها تحسينات جديدة، بما في ذلك ثلاثة أبراج (فصايل، هبيكوس، مريم) التي بقيت حتى اليوم.

يغلب الطابع الإسلامي في البناء الحالي للقلعة، ويعود إلى الفترة الأيوبية والمملوكية والعثمانية، وبسبب الزلازل والحروب تعرضت القلعة لكثيرٍ من الانهيارات، لذا رممها المسلمون وأضافوا بناء إليها.

6- باب العامود

باب العامود هو باب مهيب في القدس، يتميز بزخارفه الفخمة وارتفاعه الذي يصل إلى نحو ثمانية أمتار، فعلى مر العصور، كان هذا الباب الممر الرئيسي للقوافل التجارية والسياح المتجهين إلى القدس.

بُني باب العامود في القرن الثاني الميلادي أيام الإمبراطور الروماني هدريان، وكان آنذاك يقع على عمق ثمانية أمتار من موقعه الحالي، وفي العصور الوسطى، تغير موقعه ليكون على عمق أربعة أمتار من الباب الحالي.

في العهد العثماني، فُتحت ستة أبواب في أسوار القدس، وأطلقت عليها أسماء تعكس المدن أو الجهات المجاورة، ومن بينها باب العامود وباب النبي داود وباب الرحمة.

البنية الحالية لباب العامود تعود إلى الفترة العثمانية بين عامي 1537 و1539، إذ يتميز بوجود فتحة صغيرة للحراسة في الأعلى وتاج أعيد بناؤه بعد تضرره في زلزال عام 1927، بعدما رُمّم من السلطات الإسرائيلية بعد الاحتلال.

7- ضريح السيدة مريم

كنيسة (قبر السيدة العذراء مريم)، تعد واحدة من الكنائس العريقة في مدينة القدس الفلسطينية، إذ يقع قبر السيدة العذراء مريم داخل هذه الكنيسة التي تقع على سفح جبل الزيتون الغربي، وتبعد بضعة أمتار فقط من كنيسة الجسمانية، بالإضافة إلى أن تاريخ بناء الكنيسة يعود إلى نهاية القرن السابع، لكنها تعرضت للدمار في أثناء الغزو الفارسي وأعيد بناؤها فيما بعد.

يحتاج الزوار لزيارة قبر السيدة مريم العذراء، الخروج من الكنيسة والمشي بضع خطوات ثم النزول عبر مجموعة من الدرجات التي تقود إلى ساحة واسعة تقدم مدخل الكنيسة.

8- مسجد عمر بن الخطاب

وقد بناه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أثناء توجهه للقدس، وهو مسجد تاريخي يقع في الفناء الجنوبي لكنيسة القيامة في حي النصارى داخل البلدة القديمة في القدس.

بُني المسجد الحالي على يد الأفضل بن صلاح الدين في عام 1193 ميلادي في الموقع الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب عند دخوله إلى القدس، وأضيف المسجد إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1981 كجزء من مدينة القدس القديمة وأسوارها.

المسجد الأقصى

هو المسجد الذي أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه، إذ قال تعالى ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (سورة الإسراء_الآية 1).

وهو أولى القبلتين للمسلمين، فطوال الفترة المكية اتخذه المسلمون قبلة لصلاتهم، بالإضافة إلى ما يقارب شهر17 بعد هجرتهم، وبعدها أُمروا بتحويل القبلة شطر المسجد الحرام.

فهو يمثل مركزاً حضارياً وذا أهمية دينية كبيرة لدى المسلمين، واتخذه المسلمون مركزاً لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، كما يقيمون به الاحتفالات الدينية الكبرى.

بني المسجد الأقصى نحو 2000 ق.م، وهو ثاني مسجد بُني في التاريخ بعد المسجد الحرام، واختلف المؤرخون حول من الذي وضع اللبنة الأولى لبناء المسجد، فيقول بعضهم إن النبي آدم عليه السلام أول الخلق هو من بناه، ويقول آخرون إنه سام بن نوح، وذهب بعضهم إلى أن النبي إبراهيم عليه السلام هو أول من بناه.

منذ احتلاله عام 1967 من اليهود الإسرائيليين تعرض المسجد لاعتداءات متواصلة، وتستمر هذه الاقتحامات حتى يومنا هذا.

تاريخ القدس

على مدى تاريخها الطويل، شهدت القدس حوادث تدمير مرتين، حصار 23 مرة، وهجوم 52 مرة، وتداول الغزو وفقدانها مجدداً 44 مرة، وهو الموقع الذي استوطنه البشر منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، ما يجعلها واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم.

المدينة القديمة، التي تُصنّف على أنها موقع تراث عالمي، تُقسم تقليدياً إلى أربع حارات: حارة الأرمن، حارة النصارى، حارة الشرف (أو حارة اليهود)، وحارة المسلمين، ومع أن هذه التسميات ظهرت في القرن التاسع عشر، إلا أنها لا تزال جزءاً من التاريخ المتجذر للمدينة.

سنة 1982، رشحت الأردن المدينة القديمة لتُدرج في قائمة مواقع التراث العالمي المهددة.

إن القدس تظل مسألة محورية في الصراع العربي الإسرائيلي، بعد حرب 1967، احتلت الحكومة الإسرائيلية القدس الشرقية وأعلنت ضمها إلى إسرائيل المزعومة، ورغم ذلك، المجتمع الدولي لا يعترف بهذا الضم، ويدعو إلى حلٍ سلميّ من خلال المفاوضات.

معظم الدول في العالم لا تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل المزعومة، ولذلك تقع معظم السفارات في تل أبيب وضواحيها، فإن الفلسطينيين يصرون على أن القدس الشرقية تكون عاصمة لدولة فلسطين العربية.

إن القدس تلعب دوراً أساسياً في القوميات العربية والإسرائيلية، وتاريخها الطويل الحافل بمحاولات الاحتلال ومقاومة الاستيطان، وهذا يجعلها محوراً للصراع والمفاوضات المستمرة في المنطقة.

وفي زمن عمر بن الخطاب وفي فترة الفتوحات الإسلامية، أُرسل عمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح إلى فلسطين لنشر الإسلام وفتح المدن فيها، ورغم ذلك، فشلوا في فتح القدس بسبب صعوبة تخطي أسوارها ومقاومة سكانها، وبعد فترة من الحصار، طلب رئيس البطاركة صفرونيوس منهم أن يسلموا القدس فقط للخليفة عمر بن الخطاب.

عندما أبلغ عمرو بن العاص عمر بن الخطاب بهذا الطلب، استشار أصحابه، اقترح عثمان بن عفان الصبر وجمع الجزية من السكان، وأوصى علي بن أبي طالب بالاستمرار في المحاولة، واتخذ عمر بن الخطاب قراراً بالانتظار، وفيما بعد فُتحت القدس على يديه.

بعد فتح المدينة، أتاح المسلمون لليهود العيش فيها مع الحفاظ على ممتلكاتهم وديانتهم مقابل الجزية. وأقام المسلمون مسجداً في الموقع الذي صلى فيه عمر بن الخطاب (مسجد عمر بن الخطاب)، عمل عمر بن الخطاب على البحث عن مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة، وبعدها أمر ببناء مسجد في الموقع ووضع ظلة خشبية فوق الصخرة المقدسة.

الخاتمة

إنَّ مدينة القدس الفلسطينية تبقى أيقونة للتاريخ والحضارة، فتتجلى في جدرانها وشوارعها طيبة الأصالة وعظمة الماضي.

إنها مدينة تجمع بين الروحانية والتاريخ والثقافة في كل زاوية وشارع، ما يجعلها واحدة من أبرز الوجهات في العالم.

تتميز القدس بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، إذ تعدّ قلب الشرق الأوسط، ومركزاً للأديان السماوية الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، إذ إن وجود المسجد الأقصى والكنيسة القديسة والجدار الغربي في هذه المدينة يجعلها مكاناً مقدساً للملايين من الناس حول العالم.

لا تزال حرب الاستقلال قائمة في قدسنا حتى يومنا هذا، ولا يزال الاحتلال الصهيوني يعذب شعب فلسطين ويحجز حرياتهم، ولكن وعد الله حق، وسيأتي ذلك اليوم الذي تعلن فيه فلسطين استقلاليتها من الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بها كدولة مستقلة لها هويتها الخاصة بها.

TRT عربي