تابعنا
يهدف المعرض إلى إبراز وتوثيق حقيقة ما يحدث في غزة، من خلال تجسيد معاناة أهلها ونقل مشاعر وظروف الأطفال الذين يعيشون في حرب مستمرة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

بلوحات فنية رسمها أطفال قطاع غزة، افتتحت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية بحضور أمينة أردوغان، عقيلة الرئيس التركي ورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخر الدين ألطون، في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، المعرض الفني "أحلام مضادة للرصاص: معرض رسامي أطفال غزة"، في ميدان تقسيم بإسطنبول.

ويهدف المعرض إلى إبراز وتوثيق حقيقة ما يحدث في غزة، من خلال تجسيد معاناة أهلها ونقل مشاعر وظروف الأطفال الذين يعيشون في حرب مستمرة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

وقالت السيدة أمينة أردوغان في حفل الافتتاح، إن اللوحات المعروضة التي رسمها أطفال غزة تعكس واقع آلامهم مشيرة إلى أن "ما يقرب من 9 آلاف طفل فقدوا حياتهم في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".

مدخل معرض "أحلام مضادة للرصاص: معرض رسامي أطفال غزة" بميدان تقسيم في إسطنبول. (TRT Arabi)

ودعت أردوغان العالم إلى الاستجابة لدعوة هؤلاء الأطفال الأبرياء من أجل السلام، معربة عن امتنانها لكل من ساهم في هذا المعرض.

ومن جانبه، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، "هذا المعرض يجمع صوراً رسمها أطفال غزة، وضعوا على الورق بأصابعهم الصغيرة ما يشعرون به في عالمهم الخاص".

وأكد ألطون أن "هذه الرسومات تُظهر من دون أدنى شك أن إسرائيل تستهدف مستقبل أطفال فلسطين بشكل متهوّر، وترتكب جرائم حرب خطيرة".

جزء من المعرض يحاكي قصف المدارس في غزة (TRT Arabi)

بذرة المعرض

"لقد اخترت أن تنظر هنا، والرؤية تقتضي بذل جهد.. من لم يُدِر ظهره لحقائق الحرب، فقد اتخذ الخطوة الأولى للمقاومة، مهما ظنّ أنه عاجز".

هكذا يُكتب بالتركية والإنجليزية على الحائط الأخير للمعرض، الذي ألقى الصحفي التركي عبد الله آيتكين بذرته الأولى منذ 15 عاماً من دون أن يدري حين وزع أدوات الرسم على طلاب مدارس في قطاع غزة لرسم عالمهم الداخلي، في أثناء تغطيته حرب 2008-2009.

تأثر آيتكين برسومات الأطفال الغزيين حينها، وخصوصاً لوحة الطفلة منى التي كانت تبلغ حينها 6 أعوام وفقدت 26 فرداً من عائلتها، من بينهم والدتها خلال معركة الفرقان (عملية الرصاص المصبوب الإسرائيلية) على غزة، وقرر الصحفي جمع اللوحات وعرضها لمشاركة تجارب أطفال غزة وواقعهم مع العالم.

"لقد اخترت أن تنظر هنا، والرؤية تقتضي بذل جهد.. من لم يُدِر ظهره لحقائق الحرب، فقد اتخذ الخطوة الأولى للمقاومة، مهما ظنّ أنه عاجز". (TRT Arabi)

وحاول آيتكين نقل اللوحات من غزة إلى تركيا، عن طريق مصر متغلباً في رحلته على العديد من العقبات، ومن بين ما يقرب من 1000 لوحة، وصلت 266 لوحة شكّلت اليوم معرض "أحلام مضادة للرصاص: معرض أطفال غزة للرسامين".

ويتضمن المعرض، المقام على مساحة 1350 متراً مربعاً قسماً رقمياً تُعرض فيه تلك اللوحات بالتناوب على شاشات كبيرة، بالإضافة إلى أصولها ومصادرها المكتوبة تحت كل واحدة منها، متضمنة اسم الطفل الذي رسمها وصفّه الدراسي ومدرسته التي درس فيها، ما يتيح تواصلاً أعمق بين الجمهور والطفل صاحب اللوحة.

تتشابك على جدران أحد أجنحة المعرض خيوط حمراء وعلى أرضه أنقاض وركام وبقايا متعلقات أطفال وصحفيين وأطباء، وتضجّ القاعة بمؤثرات صوتية كأصوات الصواريخ، ما يتيح محاكاة لساحة الحرب. (TRT Arabi)

تتشابك على جدران أحد أجنحة المعرض خيوط حمراء وعلى أرضه أنقاض وركام وبقايا متعلقات أطفال وصحفيين وأطباء، وتضجّ القاعة بمؤثرات صوتية كأصوات الصواريخ، ما يتيح محاكاة لساحة الحرب والدماء والدمار الذي تشهده غزة جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

توظيف الفن في نشر الوعي

يقول الفنان التركي، برك أوزبك، "لقد حطمت أحداث غزة الأخيرة قلوبنا، ما يحدث في غزة أمر لا يتناسب أبداً مع الأخلاق والضمير الإنساني" مشيراً إلى أنه منذ أربعينيات القرن الماضي، وفلسطين تعاني بشكل كبير "ومع ذلك يشاهد العالم في صمت".

تأثر آيتكين برسومات الأطفال الغزيين حينها، وخصوصاً لوحة الطفلة منى التي كانت تبلغ حينها 6 أعوام وفقدت 26 فرداً من عائلتها، من بينهم والدتها خلال معركة الفرقان (عملية الرصاص المصبوب الإسرائيلية) على غزة. (TRT Arabi)

ويوضح الفنان في حديثه مع TRT عربي أنه أب ولديه طفل قائلاً: "أشعر أن قلبي هرم عشر سنوات في ثلاثة الشهور الأخيرة، فما يحدث لأطفال غزة صعب للغاية، وأتمنى لو كان بيدي أن أفعل لهم شيئاً".

وشدد أوزبك على دور الفنانين في نشر الوعي بما يحدث في غزة باعتبارهم الأشخاص الذين يمكنهم فهم جوهر الأحداث بشكل أعمق قليلاً، ولهذا السبب لديهم القدرة على التعبير عن ذلك بالرسم والنحت والموسيقى والصوت، والتأثير في مشاعر الناس، مشيراً إلى أن الفنانين وخاصة الكتاب، والشعراء لديهم عبء كبير على أكتافهم في هذا الخصوص.

مجموعة من لوحات أطفال غزة على حائط المعرض (TRT Arabi)

ويعتقد الفنان التركي أن هناك عديداً من الأشياء المختلفة التي يمكن للفنانين اليوم القيام بها باستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم غزة، مثل تقديم المزيد من التصاميم والغرافيكس واللوحات والفنون البصرية لنشر الوعي في جميع أنحاء العالم، مؤكداً على أن دعم غزة مادياً أو معنوياً يجب أن يكون الأولوية عند الجميع، في هذه الفترة.

توثيق ما يحدث في غزة

وتعبر الزائرة زهراء قايا عن حزنها بقولها، إنها فقدت النوم منذ بدء أحداث غزة الأخيرة، لافتة إلى تأثرها بجميع اللوحات الموجودة بالمعرض وخصوصاً التي تُظهر افتقاد الأطفال لعائلاتهم.

لوحة للطفلة فاطمة مقات كُتب تحتها: "لا كهرباء لا ماء لا خبز لا حليب لا بنزين لا حطب" (TRT Arabi)

وتشير زهراء في حديثها لـTRT عربي إلى أنها تتابع بأسى بالغ الصحفيين الموجودين في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشعر بالعجز لعدم تمكنها من القيام بشيء تجاه ما يحدث، لافتة إلى أنها لا تملك سوى المشاركة في المسيرات والمظاهرات الداعمة لغزة في إسطنبول، والدعاء لهم، والمساعدة قدر المستطاع.

وفي أثناء تجول TRT عربي في المعرض قابلت زوجين مغربيين وطفلتهما الذين قدِموا للسياحة في إسطنبول، وعن كيف سمعوا بالمعرض، قال الزوج محمد إنهم عرفوا عنه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وقرروا زيارته واصطحاب صغيرتهم "حتى تعرف ما يتعرض له أطفال غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي ليترسخ في ذهنها".

يتضمن المعرض، المقام على مساحة 1350 متراً مربعاً قسماً رقمياً تُعرض فيه تلك اللوحات بالتناوب على شاشات كبيرة. (TRT Arabi)

أما يعقوب تشتين فيرى أن مثل هذه المعارض والصور مهمة جداً للتوعية بالمذبحة التي تحدث في غزة، ويتابع لـTRT عربي "ما يحدث في غزة يجب توثيقه، لكيلا يُنسى، وتبقى هذه القضية حية وفي الصدارة".

ويؤكد تشتين أن الأتراك ينظرون للشعب الفلسطيني كإخوة لهم في التاريخ والموروث المشترك، بالإضافة إلى ذلك، فهم بشر أبرياء يُقتلون أمام أعين العالم ولا أحد يتكلم، "لهذا السبب يعد هذا المعرض المرئي مهماً".

لوحات أطفال غزة على الحائط وأسفلها بقايا ومتعلقات صحفيين  (TRT Arabi)

ولإيصال صوت أطفال غزة، ستظل أبواب المعرض الفني الذي تنظمه دائرة الاتصال بالرئاسة التركية في ميدان تقسيم بإسطنبول مفتوحة أمام الزوار لمدة ثلاثين يوماً، حتى الـ29 من يناير/كانون الثاني الجاري.

TRT عربي
الأكثر تداولاً