ورغم إثارة هذه الخطوة، غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووصفه بأنه قرار "مخزٍ" فإن القرار تعرّض أيضاً لانتقادات، إذ تساءل الخبراء وجماعات حقوق الإنسان عن نطاق القرار وتأثيره الفعلي في القدرات العسكرية لإسرائيل.
ومنذ الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سارع بعض الدول إلى اتخاذ خطوات أبعد من حظر جزئي للأسلحة إلى إسرائيل، ووصلت هذه الدول إلى تعليق كامل، بينما استمرت أخرى بتزويد الأسلحة شريطة ألا تستخدم ضد المدنيين. على حين استمر بعض الدول، منها الولايات المتحدة وألمانيا في تزويد الأسلحة رغم حرب الإبادة.
قرار "محدود ومملوء بالثغرات"
ورداً على إعلان ديفيد لامي أن المملكة المتحدة ستعلق قرابة 30 من نحو 350 ترخيصاً لتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل، قال ساشا ديشموك، الرئيس التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، إنه "في حين يبدو أن هذا القرار يثبت أن المملكة المتحدة قبلت أخيراً الأدلة الواضحة والمزعجة للغاية بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، إلا أنه للأسف محدود للغاية ومملوء بالثغرات".
وأضاف: "إعفاء برنامج طائرات F-35 المقاتلة، وهو ما يعني في الأساس منح هذا البرنامج شيكاً مفتوحاً للاستمرار، على الرغم من العلم أن تلك الطائرات تستخدم على نطاق واسع في غزة، هو قرار كارثي للغاية لمستقبل ضبط الأسلحة، ويتجاهل ضرورة التزام محاسبة إسرائيل على جرائم الحرب واسعة النطاق وغيرها من الانتهاكات".
وشدّد على الحاجة لوقف التصدير كاملاً من دون ثغرات، بما في ذلك مكونات طائرات F-35 الموردة للولايات المتحدة من أجل تصديرها لاحقاً لإسرائيل و"لجميع عمليات نقل الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل"، حسب قوله.
بدورها، رحبت حليمة بيجوم، الرئيسة التنفيذية لمنظمة أوكسفام، باعتراف بريطانيا "بالخطر الواضح" المتمثل في استخدام أسلحتها "في انتهاكات خطيرة" للقانون الإنساني الدولي. لكنها قالت في بيان يوم الاثنين، إن "تعليق 30 ترخيصاً فقط من أصل 350، وترك ثغرات للمكونات في طائرات F-35 المقاتلة التي كانت تسقط قنابل تزن 2000 رطل على الفلسطينيين منذ أشهر، ليس كافياً على الإطلاق".
أما زارا سلطانة النائبة المسلمة عن حزب العمال البريطاني، والتي عُلّقت عضويتها حالياً في الحزب الحاكم، قالت إن هذه الخطوة "تترك 320 ترخيصاً للأسلحة سليمة، بما في ذلك تلك التي توفر أجزاء لطائرات مقاتلة من طراز F-35، ودعت إلى فرض حظر كامل على مبيعات الأسلحة لإسرائيل".
بينما أكد إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة العمل ضد العنف المسلح، أهمية النظر في السياق الإنساني الأوسع. وقال لوكالة الأناضول: "خسارة الأرواح على جانبي الصراع أمر مأساوي للغاية، لكن العدد غير المتناسب من الضحايا في غزة يتطلب إعادة تقييم دعمنا لضمان توافقه مع القانون الدولي والتزاماتنا الأخلاقية".
من جهتها، أشارت سيرين كينار، مستشارة الشؤون الخارجية البارزة في لندن، إلى أن وزارة الخارجية زعمت منذ فترة طويلة أن موقف المملكة المتحدة بشأن مبيعات الأسلحة لإسرائيل أصبح "غير قابل للدفاع عنه على نحو متزايد، ما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بمصداقية البلاد الدولية".
وقالت: "قرار حكومة حزب العمال قد يتأثر أيضاً بالمخاوف السياسية المحلية، إذ فقد الحزب الدعم داخل المجتمع المسلم، ويواجه ضغوطاً من نواب حزب العمال وناخبيهم"، حسب ما نقلته الأناضول.
وتساهم المملكة المتحدة في تصنيع طائرات F-35 وF-35 المقاتلة التي تستخدمها إسرائيل، إذ يجري تصنيع نحو 15% من مكونات كل طائرة F-35 بواسطة الصناعة البريطانية، وفقاً للبيانات التي قدمتها منظمة العمل ضد العنف المسلح.
دول حظرت أو قيدت مبيعات الأسلحة لإسرائيل
وفي يناير/كانون الثاني، أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن إسبانيا لم تبع أسلحة لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وفي مايو/أيار، ذهبت الحكومة إلى أبعد من ذلك، إذ أعلنت أنها ستمنع السفن التي تحمل أسلحة إلى إسرائيل من الرسو في المواني الإسبانية. وكانت مدريد واحدة من أكثر الأصوات الأوروبية انتقاداً للعدوان على غزة .
وبالإضافة إلى إسبانيا، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في يناير/كانون الثاني الماضي أن روما قررت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول عدم إرسال المزيد من الأسلحة إلى إسرائيل. ولكن الحكومة اعترفت منذ ذلك الحين باحترام الاتفاقات الموقعة سابقاً.
وتعد إيطاليا ثالث أكبر مورد للمعدات العسكرية لإسرائيل، لكنها تساهم بأقل من 1% من إجمالي واردات إسرائيل من الأسلحة، وفقاً لمنظمة الأبحاث الخيرية "العمل ضد العنف المسلح" ومقرها لندن.
وفي بلجيكا، فرضت السلطات المحلية قيوداً على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل. كما شنت الحكومة البلجيكية حملة من أجل فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل على مستوى الاتحاد الأوروبي، وفق ما نقلته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفي مارس/آذار الماضي، وافق البرلمان الكندي في تصويت غير ملزم على وقف مبيعات الأسلحة المستقبلية إلى إسرائيل . وقالت وزيرة الخارجية ميلاني جولي لصحيفة تورنتو ستار في ذلك الوقت، إن شحنات الأسلحة سوف تتوقف: "إنه أمر حقيقي".
وفي فبراير/شباط الماضي، أمرت محكمة هولندية الحكومة بوقف توريد أجزاء من طائرات إف-35 المقاتلة إلى إسرائيل بسبب الخطر الواضح المتمثل في حدوث انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي. ومع ذلك، لم يشمل الحكم المكونات المرسلة إلى دول مثل الولايات المتحدة، التي يمكن تسليمها بعد ذلك إلى إسرائيل.