الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره الإماراتي في باريس / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

يحظى الذكاء الصناعي وتطبيقاته باهتمام متزايد عالمياً، حيث تتسابق الدول والشركات التقنية لتعزيز قدراتها في هذا المجال. وتسعى الإمارات إلى ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للتكنولوجيا من خلال التعاون مع عدة دول، من بينها فرنسا.

يأتي الاهتمام الإماراتي بالتعاون مع فرنسا نتيجة تلاقي المصالح بين البلدين، إذ تتطلع باريس إلى تعزيز قدراتها في الذكاء الصناعي لمواكبة التطورات العالمية، فيما تسعى أبوظبي للاستفادة من الفرص الاستثمارية والتكنولوجية المتاحة في فرنسا.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن البلدين وقَّعا، الخميس الماضي، اتفاقاً إطارياً لإنشاء مركز بيانات بطاقة غيغاوات واحدة، مخصص للذكاء الصناعي، باستثمارات تتراوح بين 30 و50 مليار دولار.

جاء توقيع الاتفاقية الإماراتية-الفرنسية قبيل انعقاد قمة العمل الدولية للذكاء الصناعي في باريس، التي استمرت يومي الاثنين والثلاثاء، بمشاركة عدد من السياسيين ورؤساء الشركات وخبراء التكنولوجيا.

وقبيل القمة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستشهد استثمارات خاصة بقيمة 109 مليارات يورو (112.5 مليار دولار) في قطاع الذكاء الصناعي. كما كشف مكتب ماكرون أن الاستثمارات تشمل خطة لشركة بروكفيلد الكندية لاستثمار 20 مليار يورو في مشاريع الذكاء الصناعي في فرنسا، إلى جانب استثمارات إماراتية قد تصل إلى 50 مليار يورو خلال السنوات المقبلة.

جهود فرنسية لتعزيز التعاون مع الإمارات

خلال الأشهر الماضية، كثفت باريس جهودها لتعزيز التعاون مع شخصيات إماراتية بارزة في قطاع الذكاء الصناعي. وذكرت مجلة إنتلجنس أونلاين أن فرنسا تركز على شخصيات مثل خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ورئيس مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة (ATRC)، الذي تأسس عام 2020 لتعزيز مكانة أبوظبي عالمياً في التكنولوجيا المتطورة.

إلى جانب ذلك، عززت فرنسا شراكتها مع الصندوق الاستثماري "MGX"، المقرر أن يمول جزءاً كبيراً من الصفقة الإماراتية-الفرنسية. ووفقاً للمجلة، أسست مجموعة G42 وصندوق مبادلة السيادي، الذي يدير أصولًا بقيمة 302 مليار دولار، صندوقاً استثمارياً مشتركاً مخصصاً للذكاء الصناعي يحمل اسم MGX، ويرأسه طحنون بن زايد آل نهيان.

يحظى MGX باهتمام واسع نظراً إلى إمكاناته التمويلية الكبيرة، إذ شارك في تمويل مشروع Stargate، وهو مبادرة تقودها سوفت بنك وأوبن إيه آي لاستثمار 500 مليار دولار في مراكز البيانات بالولايات المتحدة. وحسب تقرير لبلومبرغ نيوز، يستهدف المشروع إنشاء 12 منشأة، تبلغ سعة كل منها غيغاوات واحدة.

مقاتلات ومراكز بيانات

وفق موقع بلومبرغ، تشكل مراكز البيانات والذكاء الصناعي محوراً أساسياً في استراتيجية الإمارات لتنويع اقتصادها وتعزيز نفوذها السياسي. فقد بدأت أبوظبي بناء مراكز بيانات منذ أكثر من عشرين عاماً في إطار مبادرة مدينة دبي للإنترنت، التي تضمنت مراكز للابتكار ومساحات مكتبية.

وتشير بيانات DC Byte إلى أن الإمارات تمتلك حالياً 52 مركز بيانات قيد التشغيل. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تعهد أحد مليارديرات دبي بإنفاق 20 مليار دولار على مراكز بيانات في الولايات المتحدة، كما أعلنت مجموعة G42 عن مشاريع حوسبة ضخمة في الشرق الأوسط وإفريقيا.

إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية الرقمية داخل البلاد، تتوسع الإمارات في الاستثمار في مراكز البيانات عالمياً، مما يعزز حضورها في سوق التكنولوجيا المتقدمة.

العلاقات الإماراتية-الفرنسية: تحالف متنامٍ

منذ توليه رئاسة الدولة في 14 مايو/أيار 2022، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان فرنسا مرتين، في يوليو/تموز 2022 ومايو/أيار 2023، في إطار تعزيز التعاون الثنائي.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات متنوعة، تشمل الدفاع، والاقتصاد، والثقافة، والبيئة، مما عزز التعاون المشترك. وتزامنت زيارة رئيس الإمارات الأخيرة مع إعلان وزارة الدفاع الإماراتية، في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، دخول أول مقاتلة رافال الخدمة، ضمن الدفعة الأولى من الصفقة الدفاعية الكبرى مع فرنسا، التي تبلغ قيمتها 16.6 مليار يورو، وتشمل إنتاج 80 مقاتلة رافال بأحدث التقنيات الدفاعية، مما يجعلها من أبرز الصفقات العسكرية في تاريخ العلاقات بين البلدين.

تُعد فرنسا رابع أكبر شريك تجاري للإمارات بين دول الاتحاد الأوروبي، وتحتل المرتبة السادسة في استقبال الصادرات الإماراتية غير النفطية، فيما تأتي في المرتبة الثالثة بين أكبر مصدري الواردات إلى الإمارات داخل الاتحاد الأوروبي، وفق بيانات نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية "وام" في عام 2023.

أما على صعيد الاستثمار، فتُعد فرنسا أكبر مستثمر أوروبي في الإمارات، بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 4.4 مليار دولار بنهاية عام 2020، ما يعادل 20% من إجمالي استثمارات الاتحاد الأوروبي في الدولة.

في المقابل، بلغت الاستثمارات الإماراتية في فرنسا 3.3 مليار دولار بنهاية عام 2021، وفق البيانات الرسمية، ما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً