الإمارات تستمر في إنشاء سجون سرية لها باليمن ترتكب فيها العديد من الانتهاكات (AA)
تابعنا

كشفت عشرات التقارير الحقوقية الانتهاكات الإماراتية في اليمن، وسلطت الضوء على السجون السرية لأبو ظبي هناك ومدى معاناة المعتقلين فيها والانتهاكات التي تحدث بحقهم، وسط معاناة مستمرة منذ سنوات من حرب طاحنة أدخلت أكثر من 20 مليون إنسان في أسوأ أزمة إنسانية.

وأنشأت القوات الإماراتية بعد سيطرتها على مناطق في جنوب اليمن سجوناً غير رسمية، أُخفي فيها قسراً مدنيون يُعتقد أنهم معارضون لها، بحجة محاربة الإرهاب، ودعمت الإمارات جماعات مسلحة محلية تدين لها بالولاء تحت أسماء مختلفة كالحزام الأمني والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية التي ساهمت في إدارة تلك السجون.

أما هذه المرة بدأت الإمارات بعرقلة تشغيل ثالث أكبر مطار في اليمن واستخدامه "سجناً غير شرعي"، حسب اتهامات مسؤول يمني الاثنين، إذا قال مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي إن القوات الإماراتية رفضت توجيهات الحكومة اليمنية بإعادة تشغيل مطار الريان في مدينة المكلا.

وقال في تغريدة له على تويتر: "تستمر القوات الإماراتية باستخدام المطار كسجن غير شرعي تمارس فيه أبشع أنواع التعذيب بحق اليمنيين".

ويعد مطار الريان الدولي ثالث أكبر مطار في اليمن بعد مطارَيْ صنعاء بالعاصمة وعدن، وتوقفت الملاحة به في نيسان/أبريل 2015 جراء سيطرة عناصر تنظيم "القاعدة" على المكلا، وللمطار أهمية كبيرة للمواطنين من جانب اقتصادي.

سجن مطار الريان

وترفض الإمارات فتح مطار الريان الذي تتخذ منه مقراً وقاعدة عسكرية لها منذ 2016 لدواعٍ أمنية، حسب ادعائها الذي يعتبره البعض حجة غير مقبولة، لأن قوات ما يسمى "النخبة الحضرمية" التابعة لها بسطت سيطرتها المطلقة على كل مدن ساحل حضرموت وقراه.

ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019 استأنف مطار الريان نشاطه في الرحلات المدنية بعد توقُّف دام قرابة 5 سنوات، إلا أنه توقف حينها عقب بضعة رحلات على الرغم من مطالبات متكررة بإعادة تشغيله لإنهاء معاناة السكان والمرضى.

وحولت القوات الإماراتية مطار الريان عقب طرد مسلحي القاعدة إلى مقر عسكري، ووجهت منظمات حقوقية دولية اتهامات إليها بإنشاء سجن سري فيه وإخفاء عشرات اليمنيين وارتكاب انتهاكات جسمية بحقهم، وهو ما تنفيه أبو ظبي.

وتحققت منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 38 واقعة احتجاز تعسفي و10وقائع تعذيب في هذا المركز.

وقال محتجزون سابقون للمنظمة إنهم احتُجزوا في مستودعات ضيقة ومظلمة ولاقوا ضروباً من التعذيب والمعاملة المسيئة، منها الحرمان من الطعام والماء والصعق بالكهرباء والركل والضرب بالسياط والحرق بأعقاب السجائر.

وقال آخرون إنهم تعرَّضوا لأشكال مهينة من المعاملة القاسية كالحرمان من أداء الشعائر الدينية والإجبار على التعري والسجود لعلم دولة الإمارات.

سجون غير رسمية

أنشأت الإمارات عشرات السجون السرية عبر قوات تموّلها وتديرها، كـ"ألوية العمالقة" في الساحل الغربي، وقوات"الحزام الأمني"في محافظات عدن وأبين ولحج (جنوب)، والنخبتين "الشبوانية" و"الحضرمية"، حسب بيان لمنظمة "سام للحقوق والحريات" في جنيف.

وقالت المنظمة إن تلك القوات تعمد إلى إخفاء آلاف اليمنيين من معارضين سياسيين وأصحاب رأي، بل وحتى مدنيين، من دون توجيه أي تهمة أو عرض على السلطات القضائية.

وقالت "سام" إن التطور الأخطر هو إنشاء الإمارات عشرات السجون في مدن ومناطق مختلفة بالبلاد.

رصدنا سجوناً عديدة في المكلا عاصمة حضرموت، وعزان في شبوة، وسجون في أبين ولحج، والمخاء والخوخة في الساحل الغربي

منظمة سام للحقوق والحريات

من جانبها قالت منظمة "هيومنرايتسووتش" إن الإمارات العربية المتحدة تقدم الدعم لقوات يمنية احتجزت تعسفاً وأخفت قسراً عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية.

وأكدت المنظمة أن الإمارات تُسلِّح وتدرب هذه القوات التي تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش الإرهابي، كما تدير مركزَي احتجاز غير رسميين على الأقل، ويبدو أن مسؤوليها أمروا بالاستمرار في احتجاز الأشخاص على الرغم من صدور أوامر بإطلاق سراحهم، وأخفوا أشخاصاً قسراً، وأفادت تقارير بأنهم نقلوا محتجزين مهمين خارج البلاد.

وفي عدن يوجد مركزان رسميان للاحتجاز هما "السجن المركزي" و"إدارة البحث الجنائي"، حسب "هيومن رايتس ووتش"، وعلى الرغم من أن نظام المحاكم في عدن معطل إلى حد كبير، فإن النيابة العامة تواصل إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص إذا لم تكن هناك أدلة كافية لاحتجازهم.

وتقول المنظمة: "كثيراً ما لا تُحترم أوامر النيابة العامة، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الإرهاب" إذ تتوقف سلطة المدعي العام"، حسب وكلاء النيابة".

وأفادت عائلات ومحامون ومسؤولون حكوميون مراراً بأنه من المرجح استمرار احتجاز الأشخاص الذين اعتقلتهم "قوات الحزام الأمني" وكانت ملفاتهم "لدى التحالف"، على الرغم من أوامر الإفراج الصادرة عن النيابة حتى في مراكز الاحتجاز الرسمية.

وصورت خريطة مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي وثقت فيها "هيومن رايتس ووتش" حالات احتجاز أشخاص تعسفاً أو إخفاءهم قسراً منذ 2016، وحيث تمكنت هيومن رايتس ووتش من تحديد أماكنها عبر نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، وأشارت إلى أنها لا تصور جميع المواقع المستخدمة حالياً كمراكز احتجاز في عدن.

خريطة مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي جرى فيها توثيق حالات احتجاز أشخاص تعسفاً أو اختفائهم قسراً منذ 2016 (هيومن رايتس ووتش)

معسكر الجلاء ومعسكر التحالف

أيضاً يوجد في محافظة عدن معسكر الجلاء الذي يتبع اللواء الأول دعم وإسناد، وهو أحد الألوية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً ويقع في مديرية البريقة بمدينة عدن.

وبداخل معسكر الجلاء منطقتان على الأقل يحتجز فيهما المعتقلون، أحدهما مبنى من الصفيح والآخر يقع في قبوٍ تحت الأرض، حسب منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان التي تحققت مما لا يقل عن 13 واقعة احتجاز تعسفي و17 واقعة تعذيب في هذا المعسكر خلال الفترة من مايو/أيار 2016 إلى أبريل/نيسان 2020.

أما معسكر التحالف في محافظة عدن الذي يسمى أيضاً مقر القوات الإماراتية وقاعدة التحالف، فيعتبر مركز احتجاز غير رسمي يدار من قبل القوات الإماراتية، وجرى استبدالها بقوات سعودية حالياً، ويقع في مديرية البريقة بمدينة عدن.

سجن سري مُقام على حقل للغاز

وسبق أن كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن وجود سجن سري في قاعدة عسكرية أقامتها الإمارات منتصف عام 2017 على جزء من حقل للغاز جنوبي اليمن في مدينة بلحاف جنوب اليمن، الذي جرت السيطرة عليه بطلب من الحكومة اليمنية متسترة بمجموعة توتال الفرنسية لتكون جزءاً منه.

واستعرضت المنظمة شهادات لأشخاص قالوا إنهم تَعرَّضوا للتعذيب والتوقيف في أحد السجون السرية بمدينة الخوخة الخاضعة لسيطرة "اللواء التاسع عمالقة" المُموَّل إماراتيّاً.

وأكد تقرير صدر عن ثلاث منظمات غير حكومية (مرصد التسلح وسموفاس وأصدقاء الأرض) أن الموقع يضم مصنعاً للتسييل ومحطة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، ولكنه توقف عن العمل في 2015 بسبب الحرب في اليمن.

سجن أبين

في سجن 7 أكتوبر/تشرين الثاني في منطقة الرواء بمديرية خنفر بمحافظة أبين الذي تسيطر عليه قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات يتعرض المعتقلون لأبشع الظروف، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية كشف عن حجم الانتهاكات التي يتعرض لها اليمنيون في مراكز الاحتجاز والسجون غير الرسمية، لا سيما تلك التي تديرها جماعات مسلحة مدعومة من دولة الإمارات، إذ أُجبروا على شرب البول وتعرضوا للضرب بالمطارق وللتعذيب الجنسي.

وفي هذا السجن قال شهود عيان إن جثث بعض المعتقلين ألقيت في فناء مستشفى قريب من السجن.

وكشف تقرير أعدته منظمة "مواطَنة" اليمنية كيف ارتفعت وتيرة الاعتقالات والقتل خارج نطاق القانون خلال النزاع المستمر منذ أكثر من خمس سنوات، مشيراً إلى مسؤولية القوات الإماراتية والجماعات المسلحة الموالية عن أكثر حالات المعاملة الوحشية للسجناء، بما فيها تعليقهم رأساً على عقب لساعات والانتهاكات الجنسية.

وثَّقت المنظمة في الفترة بين مايو/أيار 2016 وأبريل/نيسان 2020 أكثر من 1600 اعتقال تعسفي و770 اختفاء قسرياً و344 حالة تعذيب، منسوبة إلى جميع الأطراف المتحاربة في اليمن

منظمة "مواطَنة" اليمنية

وخلال الفترة من يناير/أيار 2016 إلى أبريل/نيسان 2020 تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 50 واقعة احتجاز تعسفي و29 واقعة تعذيب منها 4 وقائع وفاة في مكان سجن أبين.

اعتداءات جسدية واغتصاب

وكانت وكالة ”أسوشيتد برس” الأمريكية كشفت حالات التعذيب التي يتعرض لها السجناء داخل معتقل يمني بإدارة إماراتية تصل إلى حد الاعتداءات الجسدية والاغتصابات.

وحسب التقرير كان التعذيب المنهجي داخل المعتقل مربوطاً بجدول زمني محدد، وهي انتهاكات أسبوعية بحق المعتقلين تتضمن الضرب أيام السبت والتعذيب أيام الآحاد والاثنين استراحة. في الأيام الثلاثة الأخرى تعاد الكرَّة ذاتها. في أيام الجمعة يحين وقت الحبس الانفرادي.

وأشار التقرير إلى رواية أحد السجناء اليمنيين الذين احتُجزوا من دون تهم، رسّام استطاع تفصيل سبل التعذيب والاعتداء الجنسي الذي تعرض له من خلال رسوماته.

أحد السجناء اليمنيين الرسامين استطاع رسم سبل التعذيب بالسجون الإماراتية في اليمن (AP)

وهُربت هذه الرسومات من سجن “بير أحمد” في مدينة عدن جنوبي البلاد، حاملة معها لمحة قاتمة لعالم خفي من انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة يرتكبها ضباط إماراتيون بمنأى عن المحاسبة والعقاب.

ونقل المعتقل شهادته إلى الوكالة، قائلًا إن العنف الجنسي هو الأداة الأساسية التي استخدمها الضباط الإماراتيين لإلحاق العقوبة بالمعتقلين لاستخلاص“الاعترافات“.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً