إعلام عبري: نتنياهو يطلب بقاء سجن "سدي تيمان" لأسرى غزة / صورة: AA (AA)
تابعنا

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية عن حادثة اعتداء مروعة تعرض لها أسير فلسطيني من غزة، إذ هاجمه عشرة جنود إسرائيليين بالضرب المبرح، مlا أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، بما في ذلك إصابات في فتحة الشرج. هذه الحادثة لم تكن منفصلة، بل تأتي في سياق سلسلة من التقارير التي تفيد بتعرض الأسرى الفلسطينيين لانتهاكات ممنهجة، بما في ذلك التعذيب والإهمال الطبي والاعتداءات الجنسية.

ووفقاً لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قُتل 48 أسيراً فلسطينياً داخل السجون الإسرائيلية منذ بدء الحرب على غزة، منهم 36 أسيراً من قطاع غزة قُتلوا في سجن "سدي تيمان". وتشير هذه الأرقام إلى تدهور الوضع الإنساني داخل السجون وتزيد من الحاجة إلى تدخل دولي لمراقبة الوضع وضمان حماية حقوق الإنسان.

فتح تحقيقات

وعقب الكشف عن اعتداء جنسي على أسير من غزة بسجن سدي تيمان، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة، أمس الاثنين، إنه تجب محاسبة الجنود الإسرائيليين في حال ثبت تورطهم في الاعتداء الجنسي على الأسير الفلسطيني.

وأفاد دوجاريك في تصريحات، بأن موظفي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة "يحققون في مناطق مختلفة بإسرائيل، حول طريقة معاملة الأسرى في السجون"، مضيفاً أنهم سيعلنون لاحقاً نتائج هذه التحقيقات.

من ناحية أخرى كشفت لجنة تحقيق إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، عن الظروف الصعبة التي يخضع لها المعتقلون الفلسطينيون من قطاع غزة في سجن "سدي تيمان"، وأوصت بإغلاقه ونقل المعتقلين إلى مصلحة السجون، وحسب هيئة البث العبرية طُلب من اللجنة دراسة أوضاع المعتقلين من قوات النخبة التابعة لحركة حماس، "بعد ضغوط دولية وادعاءات جدية بأن إسرائيل لا تمتثل للاتفاقيات الدولية مقارنةً بما يقتضيه القانون الدولي".

وقالت الهيئة: "تناولت الانتقادات الدولية بشكل رئيسي الظروف التي احتُجز فيها المعتقلون، إذ احتُجزوا في جميع الأوقات، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، في ظروف قاسية". وأضافت: "قررت اللجنة أنه لم يكن من المفترض أن يبقى المعتقلون في منشآت عسكرية مؤقتة مثل سدي تيمان لفترة طويلة، مسجونين في منشآت مؤقتة وحظائر دبابات تحولت حظائر اعتقال، عندما لا يملك الجيش الإسرائيلي القدرة والظروف على تأمينهم هناك".

وذكر تقرير اللجنة أن "المعتقلين مكبلو الأيدي وأعينهم معصوبة، ويحق لهم الاستحمام مرة واحدة في الأسبوع، والمراحيض موجودة في الزنازين، ويحصلون على طعام يتكون بشكل أساسي من ساندويتشات وتونة وجبن، ويأكلون وأيديهم مكبلة من الأمام".

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام عن عاملين طبيين في مستشفى ميداني أُقيم في سدي تيمان، قولهم إن المعتقلين كانوا معصوبي الأعين ومقيدين إلى أسرّتهم بشكل دائم، وأُجبروا على ارتداء الحفاضات بدلاً من السماح لهم بالوصول إلى الحمامات.

ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية الشهر الماضي، نقلاً عن أحد الأطباء في سجن سدي تيمان، أن عمليات بتر ساقين أُجريت لسجينين بسبب إصابات ناجمة عن تقييدهما بالأصفاد، ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من تلك المزاعم بشكل مستقل.

ردود الفعل الفلسطينية

طالبت حركة حماس بتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيون، ووصفت الانتهاكات بأنها تعكس طبيعة "الكيان الاحتلالي المارق عن القيم الإنسانية". وأكدت الحركة ضرورة توجيه أنظار العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية نحو معاناة الأسرى الفلسطينيين.

بدوره أدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، هذه الانتهاكات ودعا إلى تحقيق دولي مستقل. كما حمَّلت السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً نتنياهو ووزير الأمن القومي بن غفير، المسؤولية الكاملة عن حالات الإعدام والتعذيب التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون.

من ناحيته أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس، ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف الجرائم المستمرة بحق الأسرى. وشدد على أن هذه الجرائم ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، داعياً المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق القادة الإسرائيليين المسؤولين.

ووصف رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، ما يجري في سجون الاحتلال بأنه "حرب إبادة" ضد الأسرى الفلسطينيين، مؤكداً توثيق عديد من الشهادات التي تُثبت الانتهاكات.

وأدانت حركة فتح، عبر بيان صادر عن المتحدث باسمها عبد الفتاح دولة، الجرائم التي تمارَس بحق الأسرى والأسيرات، مشيرةً إلى أن هذه الانتهاكات تأتي بغطاء رسمي من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير. ودعت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتهم والتحرك الفوري لوقف جرائم التعذيب والإعدام والاغتصاب التي تُمارس بحق الأسرى الفلسطينيين.

من جانبه، أشار الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إلى أن اقتحام سجن "سدي تيمان" والمحاكم العسكرية في بيت ليد لمنع التحقيق مع السجانين المعتدين، يُظهر بوضوح "صعود الفاشية الصهيونية الأصولية في إسرائيل".

وانتقد البرغوثي محاولة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حماية نفسها من المحاسبة الدولية عبر إجراء تحقيقات شكلية. وأعرب عن عدم ثقته في القضاء الإسرائيلي أو المحاكم العسكرية، داعياً إلى إرسال لجنة تحقيق دولية للتحقيق في التعذيب والجرائم التي تُرتكب في السجون الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

بلبلة داخل إسرائيل

وشهدت إسرائيل حالة من الفوضى والاضطرابات الداخلية عقب الكشف عن حادثة الاعتداء الجنسي والجسدي على أسير فلسطيني في سجن "سدي تيمان". هذه الحادثة، التي تورط فيها تسعة جنود إسرائيليين، أثارت موجة غضب واستنكار واسع في المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً بين اليمين المتطرف.

واندلع الاحتجاج داخل إسرائيل عندما اقتحم عشرات المتظاهرين اليمينيين المتطرفين المحكمة العسكرية في بيت ليد، حيث كان الجنود المعتدون يمْثلون أمام القضاء. جاء هذا الاقتحام احتجاجاً على اعتقال الجنود المتورطين، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى التدخل لحماية المحكمة من المقتحمين. ونقل الجيش ثلاث كتائب كان من المقرر أن تدخل قطاع غزة إلى القاعدة لحمايتها.

وصباح اليوم الثلاثاء، قالت هيئة البث إن المحكمة العسكرية الإسرائيلية في بيت ليد، تنظر اليوم في تمديد توقيف 9 جنود بتهمة "الاعتداء الجنسي" على أسير فلسطيني من غزة في سجن "سدي تيمان". وأضافت أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمنع اقتحام يمينيين للقاعدة، بعد أن اقتحموها أمس الاثنين، واشتبكوا مع الشرطة.

وكان بين المقتحمين مسؤولون وجنود في الجيش، وهو ما قوبل باستنكار من الداخل الإسرائيلي ومطالبات باستبعاد اليمينيين المتطرفين من السلطة بما في ذلك الحكومة والكنيست، لأنهم يواجهون "دولة القانون" في إسرائيل ويهددون أمنها. وقالت الهيئة إن الجيش انتقد الشرطة "لعدم قدرتها على السيطرة على أعمال الشغب في سدي تيمان وبيت ليد".

وتزامناً مع هذه الأحداث، تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في التماس قدمته مؤسسات حقوقية إسرائيلية لإغلاق سجن "سدي تيمان"، الذي اشتهر بالمعاملة السيئة للأسرى الفلسطينيين. وتتضمن الادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاعتداءات الجنسية والإهمال الطبي. وتمنع السلطات الإسرائيلية زيارة أي وفود حقوقية؛ للوقوف على أوضاع المعتقلين، مما يثير مزيداً من القلق بشأن مدى شفافية التحقيقات الداخلية واحترام حقوق الإنسان.

وسدي تيمان"، تعني باللغة العربية "حقل اليمن"، وهي قاعدة عسكرية إسرائيلية بصحراء النقب جنوبي إسرائيل، اشتهر المحققون فيها بالتنكيل الجسدي والجنسي بالأسرى الفلسطينيين من غزة حتى بات يطلق عليها "غوانتانامو إسرائيل"، في إشارة إلى المعتقل الأمريكي سيئ السمعة.

وعاد المعتقل سيئ الصيت إلى واجهة الأحداث، بعدما ازدادت في الأشهر الأخيرة، التقارير المندِّدة بالاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون من قطاع غزة فيه، وعادةً تدّعي السلطات الإسرائيلية أنها تحقق في الأمر دون نتائج ملموسة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً