الهجمات على إدلب دفعت أكثر من مليون مدني إلى ترك منازلهم والنزوح نحو الحدود مع تركيا (TRT Arabi)
تابعنا

تثير موجة التهجير التي ينفذها النظام السوري في المناطق الشمالية مخاوف من أن يكون أطلق حملة تغيير ديموغرافي، وهي "الخطة البديلة" التي لطالما حذر منها مراقبون ومحللون.

وتواصل قوات النظام السوري عمليات القصف مدعومة بضربات جوية روسية، دافعةً السكان صوب الحدود التركية، في إطار محاولاتها لاستعادة آخر معاقل قوات المعارضة السورية قرب إدلب وحلب، على الرغم من التوصل إلى اتفاق "منطقة خفض التصعيد" في إدلب في مايو/أيار 2017، في إطار اجتماعات أستانا بين أنقرة وموسكو وطهران.

وإلى جانب قرابة 4 ملايين سوري هُجّروا إلى داخل تركيا منذ بداية الأزمة في سوريا، يُتوقع تهجير قرابة 3 ملايين آخرين من إدلب ومحيطها إلى الداخل التركي في حال استمرار هجمات النظام السوري ووصول قواته إلى وسط إدلب؛ حيث تؤكد تقارير دولية أن قرابة مليون نازح وصلوا بالفعل إلى الحدود التركية، هرباً من هجمات النظام.

ومنذ بدء الأزمة السورية، وفكرة التغيير الديموغرافي قائمة وتُنفذ على أرض الواقع، تارة من النظام السوري وداعميه، وتارة من التنظيمات الإرهابية المتمثلة في داعش وPKK، مستخدمة بذلك العنف بالقتل، ومستهدفة مناطق بعينها، ما إن تفرغ من واحدة حتى تنتقل إلى الأخرى.

من يقف وراء التغيير الديموغرافي

في الوقت الذي تشير كل المؤشرات على الأرض إلى الحرب الديموغرافية التي يسعى لإنجازها النظام السوري وداعموه في روسيا وإيران، تعمل تركيا على حماية الأهالي والمدنيين بعد أن خاضت عدداً من المعارك في الشمال السوري لأجل ذلك، كما تستقبل ملايين اللاجئين السوريين على أراضيها.

ومنذ سنوات تحاول تركيا إقامة المنطقة الآمنة بهدف القضاء على العناصر الإرهابية لحماية الحدود التركية، وتوفير عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم وأرضهم، وهو ما لا يريده النظام السوري الذي "يسعى بتهجيره للمدنيين إقامة دولة علوية ساحلية تضم أكثر المناطق أهمية، يلجأ إليها حال عدم السيطرة الكاملة على سوريا"، بحسب تصريحات مراقبين لوكالة الأناضول.

وأوضح تقرير صادر عن مركز "حبر" السوري للدراسات، ما أشار إليه مسؤولون أتراك سابقاً، إذ قال التقرير إن تنظيم PKK/YPG الإرهابي ارتكب مذابح ضد مدنيين ونفذ أعمال تهجير واعتقال تعسفي ونهب وتجنيد أطفال، بهدف إجراء تغيير ديموغرافي شمالي سوريا.

ووفقاً للتقرير، هجّر التنظيم الإرهابي الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية وتربطه علاقات وطيدة بنظام بشار الأسد السكان التركمان والعرب والسريان والإيزيديين من مناطقهم شمالي سوريا، بهدف إجراء تغيير ديموغرافي في المنطقة، كما ارتكب التنظيم مذابح ضد مدنيين، واعتقل الآلاف تعسفياً، وجنّد أطفالاً، ومارس عمليات نهب وسرقة في المنطقة.

"محصلة الانتهاكات التي نفذها التنظيم منذ بدء عملياته في سوريا وحتى سبتمبر/أيلول 2019، بلغ 1157 قتيلاً، بينهم 203 أطفال، و47 قتيلاً تحت التعذيب،فضلاً عن اعتقال 2907 أشخاص، منهم 631 طفلاً، كذلك اختفاء 877 شخصاً بينهم 52 طفلاً في المناطق التي يحتلها التنظيم"

مركز "حبر" السوري للدراسات

من جانبه، أفاد الصحفي عمر الشيخ إبراهيم، عضو المجلس الوطني السوري، في تصريحات لوكالة الأناضول أن "الإحصائيات الرسمية تتحدث عن 7 ملايين لاجئ، وهم يشكلون قوة تصويتية تعادل مليون صوت ناخب، وهو ما يعني أن أي انتخابات قادمة مع التهجير المستمر للقوة التصويتية المعارضة للأسد ستكون لصالحه".

ويتعمد النظام السوري قتل السوريين من الطائفة السنية وتهجيرهم وتدمير منازلهم لإرغامهم على النزوح من تلك المناطق التي يخطط للسيطرة عليها، وبالتالي يسهل عليه تنفيذ خطته وتحقيق التغير الديموغرافي، حسب ما أكدته المفاوضات التي جرت بين حركة أحرار الشام المعارضة من جانب والوفد الإيراني من جانب آخر، حيث اشترط الطرف الأخير "تفريغ مدينة الزبداني"، وهو ما أكدته الحركة في بيان لها آنذاك.

بدوره، قال الكاتب الأكاديمي محمد الحضيف في تصريح سابق لوكالة الأناضول "يعتمد النظام، مستغلاً سكوتاً وتواطؤاً دوليّاً، آلية قتل السكان العرب السُّنّة وتدمير مناطقهم باستخدام البراميل المتفجرة، لإرغامهم على النزوح منها".

ويضيف "كما أنه يدفع باتجاه عملية تهجير جماعي للسوريين خارج بلادهم، لتحويلها إلى بلد أقليات، بدل أن تكون ذات أكثرية عربية سُنّية".

وحول مدى إمكانية نجاح الأسد في عملية التهجير، اعتبر الحضيف "مخططات النظام تبدو غير فعالة على المدى القصير في إحداث خلل سكاني"، معللاً ذلك بسببين "الأول أن السُّنة أكثرية غالبة، والثاني أن الشيعة الذين يراد توطينهم غرباء، عرقيّاً وثقافيّاً عن الديموغرافيا، ولن يذوبوا بسهولة في تكوين سوريا العرقي والديني".

التهجير.. أساس التغيير الديموغرافي

كشف وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، الأربعاء، أن الهجمات على إدلب دفعت أكثر من مليون مدني إلى ترك منازلهم والنزوح نحو الحدود مع تركيا.

كما أوضح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "ستيفان دوغريك"، الثلاثاء، أن أعداد النازحين تعدت الـ 700 ألف شخص منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو أكبر رقم تسجله أعداد النازحين في فترة واحدة منذ بدء الصراع الحالي في سوريا.

وأوضح دوغريك، أن "غالبية هؤلاء النازحين نتيجة غارات جوية وأعمال قصف شمال غربي سوريا، ومعظمهم من النساء والأطفال، يستقرون في مناطق مكتظة بالفعل بالقرب من الحدود السورية التركية".

"يقيم 5.5 مليون من بين 17 مليون سوري كلاجئين في المنطقة أغلبهم في تركيا، كما نزح ستة ملايين آخرين من ديارهم إلى مناطق أخرى داخل سوريا"

إحصائية وكالات تابعة للأمم المتحدة

ويواجه المدنيون صعوبات في إيجاد مأوى وسط ظروف طقس الشتاء القارس والثلوج والأمطار والرياح التي أتت بها العاصفة "كيارا"، إذ قال أندريه ماهيسيتش المتحدث باسم مفوضية اللاجئين، إن المساجد امتلأت والمخيمات تكدست.

وأضاف للصحفيين في جنيف: "حتى إيجاد مكان في مبنى تحت الإنشاء أصبح شبه مستحيل"، وقال إن الأزمة الإنسانية هناك تتفاقم.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً