وحسب بيان صدر عن جيش الاحتلال يوم الاثنين، التقى قائد "سنتكوم"، الجنرال مايكل إريك كوريلا رئيسَ أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، كما زار مقر قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة صفد برفقة قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين، لتقييم التهديدات القائمة في الشمال وطُرحت عليه هناك الخطط العملياتية في لبنان.
زيارة بالتزامن مع تصعيد التصريحات الاسرائيلية
جاءت زيارة كوريلا للمنطقة العسكرية في إسرائيل في وقت ترتفع فيه وتيرة التهديدات الإسرائيلية لتوسيع رقعة الحرب في لبنان، إذ قال رئيس أركان جيش الاحتلال خلال جولة له في الجولان قبل الزيارة بيومين، إن قواته تستعد لاتخاذ خطوات هجومية داخل لبنان.
كما اعتبر عضو مجلس الحرب الإسرائيلي السابق ورئيس كتلة "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، أن على إسرائيل شن حرب على لبنان، في حال لم يُتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة "حماس" في الفترة القريبة.
وذكر غانتس خلال كلمة أمام مؤتمر الحوار الشرق أوسطي الأمريكي (MEAD) في واشنطن، الأحد الماضي، أنه "حان وقت التحرك في الشمال، تأخرنا في هذا الأمر، ويجب أن نسعى إلى التوصل إلى اتفاق لإخراج رهائننا حتى لو كان ذلك بثمن مؤلم جداً".
وأردف: لكن إذا لم نتوصل إلى ذلك خلال أيام أو عدة أسابيع قليلة، ينبغي التصعيد إلى حرب في الشمال وضمان إعادة السكان إلى بيوتهم، متابعاً أنه "بإمكاننا تحقيق هذه الغاية، حتى لو تطلب ذلك استهداف دولة لبنان نفسها، وأنا لا أرى طريقاً أخرى للأسف".
واستمر غانتس في تصعيد وتيرة تصريحاته قائلاً إنه "صحيح حزب الله يشكل تهديداً، لكن ينبغي أن نتذكر ما جذر المشكلة، وهو إيران. ينبغي الاستمرار في الضغط على إيران وليس عسكرياً فقط، وإنما اقتصادياً وسياسياً أيضاً وبقوة هائلة، وهذه مهمة عالمية".
وبالتزامن مع زيارة كوريلا والتي تعد الثالثة لإسرائيل منذ الحرب والعدوان على غزة، وأتت بعد زيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة تشارلز براون إلى الحدود مع لبنان في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون): "نراقب الوضع في المنطقة، ومستعدون لدعم إسرائيل وحماية القوات والأصول الأمريكية".
وفي السياق أكد بيان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي صدر عقب انتهاء الزيارة أن "جيش الدفاع سيستمر في ترسيخ علاقته مع الجيش الأمريكي انطلاقاً من التزامه بتعزيز الاستقرار الإقليمي والتنسيق بين كلا الجيشين".
لماذا لا تسعى أمريكا لوقف الحرب؟
يواصل المسؤولون الأمريكيون التعبير عن قلقهم الإنساني تجاه ما يحدث في غزة، لكن تلك التصريحات تتناقض مع سياسة الإدارة الامريكية التي تزود إسرائيل بالأسلحة اللازمة لشن هجومها على المدنيين الفلسطينيين، ورغم أن إسرائيل هي أكبر متلقّ للمساعدات العسكرية الأمريكية، ما يجعل للولايات المتحدة بعض النفوذ على سياسات الحرب الإسرائيلية، لكنها لا تستخدمه لوقف الحرب.
وبدلاً من فرض أي عقوبات استمرت إدارة بايدن بإرسال الأسلحة إلى إسرائيل، وتجاهلت الرقابة التي يفرضها الكونغرس لتسريع عمليات نقل الأسلحة، كما استمرت في استخدام حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة الرامية إلى وقف الحرب.
وعن سؤال لماذا لا تسعى أمريكا لوقف الحرب، يقول المستشار السابق لفريق التفاوض الإسرائيلي خلال عملية السلام في أوسلو، دانييل ليفي، في حوار له مع موقع "لوكال كول" العبري ، "إن الجواب بسيط للغاية، فواشنطن لا توقف إسرائيل، لأن هذه حربها أيضاً"، مشدداً على الحاجة لتخفيف التوقعات بشأن التحولات التي تحدث في السياسة والمجتمع الأمريكي تجاه إسرائيل.
وأشار ليفي في لقائه مع الموقع العبري المهتم بقضايا السلام والعدالة الاجتماعية، إلى التناقض بين إدارة بايدن التي ادعت عندما تعلق الأمر بأوكرانيا أنها "الداعمة للقانون الدولي والنظام الدولي القائم على القواعد"، ثم همّشت كل ذلك تماماً بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول عندما تعلق الأمر بالفلسطينيين.
ويؤكد هذا التقاعس الأمريكي اعتقاد ليفي بأن العنصر الأكثر أهمية في دعم الولايات المتحدة لإسرائيل لا يتلخص في الأسلحة التي ترسلها، بل في الغطاء السياسي الذي توفره لها، مثل حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد القرارات المناهضة لإسرائيل، بما في ذلك تلك التي قد تصدر عن محكمة العدل الدولية، وفق قوله.
واستكمل رئيس مشروع الولايات المتحدة-الشرق الأوسط بأن أمريكا تنظر إلى إسرائيل باعتبارها قوة عسكرية تخدمها لمنع هيمنة إقليمية معادية (إيران)، "لذا ربما لا يكون هذا نابعاً من نوع من الحب العميق تجاه إسرائيل، بل لأنها مفيدة إذا قاتلت حماس وحزب الله"، وأضاف: وفي حال دمر الإسرائيليون أنفسهم، فإن واشنطن سوف تجد حلاً آخر.
في المقابل أفاد تحليل لمجلة فورين بوليسي بأن عدم الضغط على إسرائيل يأتي من "اعتقاد بايدن بأن دعم إسرائيل قضية جوهرية، فهو وحده من بين رؤساء الولايات المتحدة يعتبر نفسه جزءاً من قصة إسرائيل"، وأردف أنه إذا وُجد عامل واحد يفسر الدعم الاستثنائي للرئيس الأمريكي الحالي لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، فهو تلك "الرابطة العاطفية".
ويستدرك المقال التحليلي أنه بصرف النظر عن الرابطة العاطفية التي تربط بايدن بإسرائيل، فإن القيد الأعظم الذي يمنعه من ممارسة ضغوط كبيرة عليها هو أن بايدن لا يستطيع تهدئة الحرب في غزة، ناهيك عن إنهائها، دون تعاون إسرائيل معه، فهو يحتاج إليها لإبرام صفقة للمحتجزين ووقف إطلاق نار مؤقت، كما يحتاج إلى إسرائيل لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وسوف يحتاج إليها في ترتيبات ما بعد انتهاء الحرب.
وأشار التحليل إلى أن بايدن كان لديه أربع نقاط ضغط محتملة على الأقل منذ بدء الحرب: المسايرة البطيئة، وتقييد المساعدات العسكرية، والتصويت لصالح أو الامتناع عن التصويت على قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تنتقد إسرائيل، والمطالبة بوقف الأعمال العدائية دون ربطها بأي مفاوضات تتضمن إطلاق سراح المحتجزين. لكن ليس من الواضح أن أيًا منها من شأنه أن يقرب إسرائيل من التعاون أو حتى يخلق صدعاً في الحكومة الحالية من شأنه أن يؤدي إلى استبدالها بواحدة تتبع خطى واشنطن.
وفي السياق قال بول روجرز، وهو أستاذ فخري لدراسات السلام في جامعة برادفورد البريطانية في مقال رأي نشر في صحيفة الجارديان، إنه بالإضافة إلى أن اللوبي الإسرائيلي قوي للغاية في واشنطن، "فالروابط بين وزارة الدفاع وإسرائيل عميقة، وقد تعززت إلى حد كبير عندما طُلبت المشورة الإسرائيلية بعد حرب العراق في عام 2003، وحتى الآن تتمركز القوات الأمريكية بشكل دائم في إسرائيل".
"علاقة خاصة"
وفقاً لتقرير نشره موقع vox الأمريكي فإن الولايات المتحدة دعمت إنشاء دولة يهودية بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1962جعل الرئيس جون كينيدي هذه العلاقة أكثر أهمية، ووصفها بأنها "علاقة خاصة " تقوم على التزام حق إسرائيل في الوجود بسلام التزاماً مشتركاً.
واستمرت الولايات المتحدة في تقديم مساعداتها غير المشروطة لإسرائيل، والتي بلغت 158 مليار دولار منذ الحرب العالمية الثانية وهو مبلغ أكبر مما قدمته الولايات المتحدة لأي دولة أخرى، وفق التقرير.
ويتابع التقرير أنه في البداية، كانت الولايات المتحدة تقدم في الغالب أسلحة للإسرائيليين، ولكنها كانت تبيعها لهم أيضاً، فضلاً عن السماح لهم بالاقتراض من البنوك الأمريكية بأسعار أقل من السوق لدعم جهود التنمية. وفي الثمانينيات والتسعينيات، بدأت الولايات المتحدة وإسرائيل التعاون في مجال البحث والتطوير وإنتاج الأسلحة. وفي 1999، وقعت الولايات المتحدة أول مذكرة من ثلاث مذكرات مدتها عشر سنوات تلتزم فيها بتقديم مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية سنوياً.
وفي الوقت الحالي، تتلقى إسرائيل 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة سنويًا بموجب مذكرة جرى توقيعها في عام 2019. ويمثل ذلك حوالي 16% من إجمالي الميزانية العسكرية لإسرائيل في عام 2022 ، حسب ما قاله التقرير.
كما تمتعت الولايات المتحدة بعلاقات تاريخية واقتصادية قوية مع إسرائيل وهي الشريك التجاري الأول لها، إذ يبلغ حجم التجارة الثنائية السنوية ما يقرب من 50 مليار دولار من السلع والخدمات.
وإلى جانب ذلك، ظل المسؤولون الأمريكيون يزعمون أن علاقة أمريكا بإسرائيل تحمل قيمة استراتيجية باعتبارها قوة استقرار في الشرق الأوسط، وفي عام 2013، قال نائب الرئيس جو بايدن عن علاقة البلدين: "إن هذا ليس مجرد التزام أخلاقي طويل الأمد، بل هو التزام استراتيجي. إن إسرائيل المستقلة، الآمنة في حدودها، والمعترف بها من قبل العالم، تشكل مصلحة استراتيجية عملية للولايات المتحدة الأمريكية. اعتدت أن أقول: "إن لم تكن هناك إسرائيل، فسيتعين علينا اختراع واحدة".