كل يوم تطالعنا أخبار جديدة لعمليات احتيال أخرى تخصّ العملات المشفرة، إلا أن أمس الاثنين شهد عملية احتيال من نوع جديد كان بطلها مسلسل "لعبة الحبار" الذي يلاقي رواجاً كبيراً منذ عرضه على منصة "نيتفليكس" اعتباراً من شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
فعلى غرار "لعبة الحبار"، أطلق مجهولون في 20 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم التداول على عملة رقمية أطلقوا عليها اسم "الحبار (SQUID)"، مستفيدين من التغطية الإعلامية الواسعة للمسلسل ذائع الصيت وكل ما يخصه.
ومع حلول صباح يوم الاثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني، وبعد أن بلغ سعر العملة المشفرة ذروته بوصوله إلى 2861 دولار، واقتربت قيمتها الإجمالية من نحو 30 مليار دولار، قرّر مطورو العملة بيع جميع ممتلكاتهم من "عملة الحبار" ووقف التداول عليها. وعقب سرقتهم ما يزيد على مليونَي دولار، أعلنوا أنهم مكتئبون ولم يعودوا يريدون العمل على المشروع.
أصل الحكاية
تزامناً مع نجاح مسلسل "لعبة الحبار (Squid Gam)"، وتربُّعه على عرش قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة على منصة "نيتفليكس"، طوّر مجهولون عملة رقمية أطلقوا عليها اسم "الحبار" مستغلّين التغطية الإعلامية الواسعة التي حظي بها المسلسل الكوري.
وفور اكتمال تطويرها وتطوير منصات تداولها، أعلن منشئو "عملة الحبار" أن عملتهم المشفرة ستُخصَّص للعب ألعاب مستوحاة من سلسلة "لعبة الحبار" التي يلعب فيها الأشخاص المثقلون بالديون إصدارات مميتة من ألعاب الأطفال لكسب النقود. لكن بعكس المسلسل الذي يلعب فيه الأبطال ألعاباً حقيقية، سيلعب المشاركون عبر الإنترنت على النظام الأساسي الذي كان من المقرَّر إكماله في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ووفقاً للمشروع المعلن عنه، فإن 90% من الأموال المحصلة في المسابقات سيفوز بها المشارك الفائز، فيما ستُتقاسم الـ10% الباقية بين مطوري اللعبة.
ومع تزايد شعبية سلسلة "لعبة الحبار"، زادت أيضاً قيمة عملة "الحبار"‘، إذ ارتفع سعرها من 0.012 دولار عند بدء التداول عليها يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتصل إلى نحو 37 دولاراً مساء الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول.
على القمة لـ5 دقائق فقط
أمس الاثنين قفزت عملة "الحبار" التي كان سعرها نحو 37 دولاراً في الساعة 9:00 صباحاً، إلى 2861 دولاراً في الساعة 12.35 ظهراً، لتسقط بعدها سقوطاً مدوّياً وصل إلى نحو 0.0008 دولار في غضون 5 دقائق فقط.
وبينما بلغت القيمة السوقية لشركة "SQUID" نحو 30 مليار دولار في وقت ذروتها، تتبخر هذه القيمة تماماً خلال 5 دقائق.
في غضون ذلك أُغلقَ موقع المشروع وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ووُقف التداول على منصة المشروع.
فبعد أن قفزت قيمتها بأكثر من 310.000% اعتباراً من ليلة الأحد، فقدت "عملة الحبار" كل قيمتها بعد أن وضع موقع تويتر علامة على حساب العملة المشفرة وقيّده مؤقتاً بسبب "نشاط مشبوه".
تحذيرات مبكرة
قبل يومين، وبعد ورود تقارير تفيد بأن الأشخاص لا يمكنهم بيع عملاتهم المشفرة، أطلقت منصات مختلفة متخصصة بالعملات المشفرة تحذيرات تفيد بأن المشروع قد يكون مجرد عملية احتيال.
في المقابل ادّعى منشئو المشروع أنه لا مشكلة في المبيعات وأنهم استخدموا "تقنية مبتكَرة" تقيّد المبيعات عندما لا يكون الطلب كافياً.
فيما كانت "الورقة البيضاء" (White Paper) الخاصة بالعملة المشفرة، التي تشرح للمستثمرين المعلومات الفنية وخارطة الطريق للمشروع، مليئة بالأخطاء اللغوية، وفقاً لتقارير متعددة أصدرها موقع GIzmodo.
وقبل انهيار العملة، حذر موقع CoinMarketCap، وهو موقع إلكتروني لتتبع أسعار العملات المشفرة، المشترين المحتمَلين من أن العملة المشفرة قد تكون عملية احتيالية، وأخبر المستثمرين بأنه "يُرجى بذل العناية الواجبة وتوخّي الحذر خلال التداول"، وحذّرهم من أن المستثمرين يواجهون مشكلة في بيع "عملات الحبار" الرقمية الخاصة بهم.
"سحب البساط"
يُطلق على عملية الاحتيال الرقمي هذه اسم "سحب البساط"، بما يعني أن منشئي العملات المشفرة يستفيدون من عملاتهم المشفرة مقابل أموال حقيقية، مما يقلّل سريعاً قيمة العملة المشفرة.
ووفقاً لموقع CoinMarketCap، كانت القيمة السوقية للعملات المشفرة تزيد قليلاً على مليونَي دولار قبل عملية "سحب البساط".
وبعد سحب البساط من تحت أقدام المستثمرين، خرج القائمون على مشروع "الحبار" ببيان من خلال حسابهم على "تليغرام"، جاء فيه: "في الآونة الأخيرة حاول شخص ما اختراق مشروعنا، ليس فقط حساب Twitter الخاص بنا، ولكن أيضاً عقودنا الذكية. بصفتنا مطوّرين لألعاب (Squid)، نشعر بالاكتئاب والارتباك بسبب ضغوط المحتالين، لهذا لم نعُد نريد العمل في المشروع".