غذت الحرب الأوكرانية نمواً سريعاً في صادرات الأسلحة في كوريا الجنوبية حيث تلجأ الدول التي تدعم كييف إلى سيول لتجديد إمداداتها من الذخائر والأسلحة، الأمر الذي يدعم خطط البلاد لتصبح واحدة من أفضل أربعة من مصدّري الأسلحة في العالم بحلول 2027.
وخلال الحرب الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من عام تحركت قلة من الدول بالسرعة التي تحركت بها كوريا الجنوبية لإنتاج مزيد من الصواريخ والدبابات وقذائف المدفعية وغيرها من الذخائر، حسبما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن صادرات كوريا الجنوبية من الأسلحة ارتفعت العام الماضي بنسبة 140% إلى مستوى قياسي بلغ 17.3 مليار دولار، بما في ذلك صفقات بقيمة 12.4 مليار دولار لبيع دبابات ومدافع هاوتزر وطائرات مقاتلة وقاذفات صواريخ متعددة إلى بولندا، أحد أقرب حلفاء أوكرانيا.
صادرات قياسية
ارتفعت شهية الدول للتسلح نتيجة للحرب، ما شكل فرصة ذهبية للدول التي تسعى لزيادة حصتها من سوق السلاح العالمي. ومع تسابق دول أوروبا الشرقية لإعادة تجهيز جيوشها وتحديثها بعد إرسال أسلحتها من الحقبة السوفيتية إلى أوكرانيا، أصبحت كوريا الجنوبية خياراً مغرياً.
ونهاية أغسطس/آب الماضي وقعت كوريا الجنوبية أكبر صفقة تصدير عسكرية بتاريخها العام الماضي لتزويد بولندا بدبابات قتالية من طراز K2 Black Panther ومدافع هاوتزر كورية جنوبية من طراز K9، بالإضافة إلى مقاتلات الجيل الخامس من طراز KF-21.
اشترت بولندا أيضاً المدفعية والذخيرة من كوريا الجنوبية حيث تندفع لبناء دفاعاتها، بينما استغرق وصول الشحنة الأولى أكثر من ثلاثة أشهر بقليل، سرعة التسليم هذه إلى جانب الأسعار وبرامج الإنتاج المشترك على الأراضي البولندية من أهم الأمور التي تقدرها وارسو حالياً.
وكانت كوريا الجنوبية الأسرع نمواً بين أكبر 25 دولة مصدرة للأسلحة في العالم بين عام 2017 و2021 قبل أن تحصل على عقود مع بولندا ومصر والإمارات العربية المتحدة العام الماضي، حيث احتلت المرتبة الثامنة بحصة 2.8% من السوق العالمية، وفقاً لمجلة استوكهولم الدولية للسلام.
سدة الفجوة العالمية
على عكس الحلفاء الأمريكيين في أوروبا الذين قلصوا جيوشهم وقدراتهم على إنتاج الأسلحة نهاية الحرب الباردة احتفظت كوريا الجنوبية بسلسلة توريد دفاعية محلية قوية لتلبية الطلب من قواتها المسلحة وللحماية من كوريا الشمالية.
وبينما صنعت الولايات المتحدة أسلحة متطورة مثل حاملات الطائرات والغواصات النووية والطائرات الحديثة وسط المنافسة المحتدمة مع روسيا والصين، ركزت كوريا الجنوبية على "أسلحة متوسطة المستوى" مثل المدفعية والمدرعات والدبابات، وفقاً للخبراء الذين تحدثوا إلى نيويورك تايمز.
وفي حين أن الصراع في أوكرانيا قد يكون خلق فرصاً لكوريا الجنوبية لتوسيع صادراتها من الأسلحة، فإن صعود سيول كلاعب رئيسي في سوق السلاح العالمي نتيجة مجموعة عوامل تطورت على فترة زمنية أطول، منها: الإنفاق الدفاعي المتزايد والتقدم التكنولوجي والشراكات الاستراتيجية والأسعار التنافسية.
لماذا أسلحة سيول لا تصدر إلى أوكرانيا؟
مع توسع كوريا الجنوبية في مبيعات الأسلحة على مستوى العالم، فقد رفضت إرسال أسلحة هجومية قاتلة إلى أوكرانيا نفسها. وبدلاً من ذلك ركزت على سد فجوة إعادة التسلح بالعالم مع مقاومة أي دور مباشر بتسليح أوكرانيا، وفرض قواعد صارمة لمراقبة الصادرات على جميع مبيعاتها.
ينبع حذر كوريا الجنوبية جزئياً من إحجامها عن استعداء موسكو علناً، والتي تأمل منها التعاون في فرض عقوبات جديدة ضد كوريا الشمالية التي تزداد عدوانية. ومع ذلك شجبت سيول الهجوم على أوكرانيا وتعهدت بحماية قيم مثل "الحرية" والنظام الدولي "القائم على القواعد".
ورغم مناشدات كييف وحلف الناتو إرسال أسلحة إلى أوكرانيا واصلت سيول السير على حبل مشدود وتحقيق التوازن بين تحالفها الراسخ مع واشنطن ومصالحها الوطنية والاقتصادية. لكن حرص كوريا الجنوبية على زيادة صادرات الأسلحة وسط الحرب سلط الضوء على صعوبات تحقيق التوازن هذا.
وعندما وافقت سيول على بيع قذائف المدفعية لمساعدة الولايات المتحدة على تجديد مخزوناتها أصرت على شرط صريح للتحكم في الصادرات بأن "المستخدم النهائي" هو الولايات المتحدة، وهي القاعدة التي طبقتها على صفقات الأسلحة العالمية، بما في ذلك عقودها مع بولندا.