وصلت أول رحلة تجارية إسرائيلية متوجهة إلى مطار مغربي، بعد مرور 7 أشهر على تطبيع العلاقات بين الرباط وتل آبيب. طائرة حملت معها وفداً يضم 100 سائح، جرى استقبالهم بمراكش بالتمر والحلوى والشاي بالنعناع، والأهازيج الموسيقية الفولكلورية في حفل استقبال أقيم على شرفهم.
فيما هذا الاحتفاء لا يعدو أن يكون موقف الأقلية من مهنيي القطاع السياحي، المتأثرين بالأزمة الحاصلة جراء انتشار كوفيد، والمتأملين في هذا الطلب الإسرائيلي أن ينقذ السنة السياحية الكاسدة. اختارت بالمقابل أصوات غالبية المغاربة الاحتجاج على هذه الزيارة بإطلاق حملة واسعة على السوشيال ميديا منددين بالتطبيع ورافضين للسياحة الإسرائيلية، في ما أطلقوا عليه اسم "لا للغزو السياحي الصهيوني" للمغرب.
لا للغزو السياحي للمغرب!
رافقت وصول الطائرة الإسرائيلية المذكورة إلى مطار مراكش حفلات استقبال وبهرجة إعلامية استهجنها المغاربة، هذا ما ندد به عزيز هناوي، الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، مؤكداً أن اتفاق التطبيع على مستوى قطاع السياحة جريمة، وأن "الإخراج الإعلامي لما سمي بوصول أول فوج سياحي صهيوني الى مراكش، هو عملية إخراج مكشوف بشكل جد رديء لجريمة تطبيعية".
وأضاف الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أنه "بالنسبة للراقصة المستأجرة التي ترتدي لون العلم الصهيوني الإرهابي وترقص به و هي توزع الورد على الإرهابيين الصهاينة فهي مجرد راقصة مستخدمة ولا تمثل في شيء المرأة المغربية الأصيلة التي تؤمن بالمغرب وبفلسطين وبالقدس وترفض الصهيونية والاحتلال والقتل والعنصرية"، مؤكداً أن "الشعب المغربي يرفض هذه الحقارة المتعفنة".
صحيح أن هذه "الحقارة"، على حد وصف المتحدث، أثارت غضب الشعب المغربي المناهض للتطبيع، هذا ما ترجمته "الجبهة المغربية لدعم فلسطين" في حملة ميدانية وإعلامية واسعة، تحت شعار: لا مرحباً بالصهاينة في بلدي. وتأتي هذه الحملة "تنديداً بالغزو السياحي الصهيوني المرتقب صيف هذه السنة"، يقول بيان الجبهة مضيفاً: "تدعو (الجبهة) سائر المواطنين والمواطنات إلى الانخراط في الحملة" كما "تصديق الرواية الرسمية حول الأصول المغربية للمجرمين المعنيين فقد تحوَّلوا إلى مجرمي حرب".
غضب شعبي ومحاولات التبرير
كتبرير لهذه الخطوة أمام الرفض الشعبي لها، ربطت وسائل الإعلام المغربية بينها وبين حاجة قطاع السياحة إلى إنعاش بعد الركود الذي أصابه طوال فترة كورونا. وقال نقلاً عن مهنيي القطاع إنهم "سيساهمون بشكل كبير في انتعاش المنتجعات السياحية في المدن الشهيرة باحتضانها للأضرحة الدينية اليهودية، والتي تستقطب اهتمام شريحة واسعة من اليهود المغاربة المقيمين في إسرائيل" حسب ما تداولته مواقع إعلامية مغربية.
بالمقابل لقيت دعوة "الجبهة المغربية لدعم فلسطين" وفرع حركة المقاطعة BDS بالمغرب، استجابة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث غرَّد مغاربة عقب فيديوهات استقبال السياح الإسرائيليين معبرين عن غضبهم باستعمال وسم #لا_مرحباً_بالصهاينة_في_بلدي. مثل الدكتورة صباح العمراني، التي كتبت على صفحتها بتويتر: "شاهدت فيديوهات لاستقبال فوج السياح القادمين من"دولة "الكيان المغتصب للأرض والغاصب لحياة الفلسطينيين والمدنس لمقدسات الأمة. فقط لمن أسعدتهم هذه الاحتفالية المبالغ فيها: ما إحساسكم أمام مئات الضحايا من الأطفال والنساء والدمار الذي لحق الشجر والحجر؟"
وغرد الناشط محمد بوستاتي قائلاً: "اليهودي المغربي الحر يقول للصهاينة: المغرب ليس مركباً سياحياً لراحة مجرمي الحرب الصهاينة". في إشارة إلى المناضل المغربي، وأحد أبرز وجوه حركة مقاطعة إسرائيل ومناهضة التطبيع بالمغرب، السيد سيون أسيدون. وعلّق الناشط علاشي سعيد على صورة تُظهر الاحتفال بالوفد الإسرائيلي في المطار، بالقول إن ما يحصل لا يمثل إرادة الشعب المغربي، ولا يشرّفه هو وأولاده وأجداده، ووصف المسؤولين عن هذه الرحلة، بالخدم والعبيد لدى إسرائيل. فيما استحوذ تداول وسم #لا_مرحباً_بالصهاينة_في_بلدي على تريند في تويتر المغربي، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما هو رسالة بأن "المغاربة يرفضون استقبال قتلة الأطفال" حسب ما غرد به ناشط آخر.