تحقيقات تكشف.. تغطية رويترز لغزة تخضع لرؤية إسرائيلية وتتجاهل صوت الضحايا
الحرب على غزة
6 دقيقة قراءة
تحقيقات تكشف.. تغطية رويترز لغزة تخضع لرؤية إسرائيلية وتتجاهل صوت الضحاياعندما أقدمت إسرائيل على اغتيال الصحفي الفلسطيني أنس الشريف في وقت سابق من هذا الشهر، نشرت وكالة رويترز تقريراً بعنوان: "إسرائيل تقتل صحفي الجزيرة وتقول إنه قائد في حماس".
تحقيقات تكشف.. تغطية رويترز لغزة تخضع لرؤية إسرائيلية وتتجاهل صوت الضحايا / TRT Arabi
22 أغسطس 2025

 أثار اختيار هذا العنوان موجة استياء واسعة، خصوصاً أن الشريف كان قد عمل سابقاً مع الوكالة، وكان جزءاً من فريقها الذي فاز بجائزة بوليتزر 2024. ووفقاً لما كشفه موقع Declassified، فقد اعتبر عدد من الصحفيين أن هذا الحادث يجسد نمطاً أوسع من التغطية المنحازة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

هذه الحادثة لم تقتصر على إثارة ردود فعل شعبية على الإنترنت، بل أثارت أيضاً قلقاً داخليّاً بين موظفي الوكالة. وتحدث عدد من صحفيي رويترز إلى Declassified عن ما وصفوه بانحياز واضح لإسرائيل لدى المحررين والإدارة العليا في الشركة، وأكدوا جميعاً أنهم فضلوا عدم كشف هوياتهم لتجنب أي عقوبات أو إجراءات انتقامية.

ويشير موقع Declassified في تقرير نشر الخميس، إلى أن أحد المحررين قدّم استقالته في أغسطس/آب 2024، موضحاً لزملائه في رسالة بريد إلكتروني أن قيمه لم تعد تتماشى مع قيم المؤسسة.

وكتب المحرر في رسالته: “أرفقت تقريراً ورسالة مفتوحة وجهناها للإدارة على أمل أن تتمسك رويترز بالمبادئ الصحفية الأساسية، لكنني أدركت أن القيادة العليا لا ترغب بالتغيير، بل تعمل على خنق الانتقادات”.

وفي رد على هذه الاتهامات، نفت هيذر كاربنتر، المديرة الأولى للاتصالات في رويترز، لموقع Declassified أن تكون الشركة قد تلقت تلك الرسالة.

لكن أحد المصادر داخل الوكالة أكد العكس، موضحاً أن مجموعة من الصحفيين توصلوا، بعد أسابيع قليلة من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى قناعة بأن تغطية رويترز لحرب إسرائيل على غزة كانت تفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية والمهنية.

وبحسب ما أورده Declassified، بادر هؤلاء الصحفيون -إلى جانب عملهم اليومي- إلى إعداد تحقيق داخلي شامل شمل تحليلات كمية ونوعية للتقارير المنشورة.

وشكّلت نتائج هذا التحقيق أساس رسالة مفتوحة جرى تداولها داخليّاً للتعريف بالصحفيين الذين يسعون إلى تحسين جودة تغطية الوكالة للأحداث في غزة.

التحقيق الداخلي شمل مراجعة 499 تقريراً نشرتها رويترز بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تحت وسم #إسرائيل_فلسطين. وكشفت المراجعة عن نمط ثابت يتمثل في تخصيص موارد أكبر لتغطية القصص التي تمس الإسرائيليين مقارنة بالفلسطينيين.

ففي ذلك الوقت، كانت التقديرات تشير إلى استشهاد أكثر من 11 ألف فلسطيني في غزة، أي ما يقارب عشرة أضعاف عدد القتلى الإسرائيليين، لكن هذا الفارق الكبير لم ينعكس على حجم التغطية أو أولويات العناوين التحريرية.

ويضيف Declassified أن الدراسة الداخلية تساءلت أيضاً عن سبب تجاهل رويترز لادعاءات خبراء حقوقيين بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، في حين تعاملت الوكالة مع اتهامات مشابهة ضد روسيا في أوكرانيا بجدية وتغطية واسعة.

كما لفتت الدراسة إلى تحيز في اللغة المستخدمة، إذ حظرت الإدارة التحريرية استخدام كلمة «فلسطين»، رغم أنها تشير إلى كيان جغرافي وتاريخي قائم ومعروف.

ورغم ما كشفه هذا التحقيق، إلا أن إدارة رويترز لم ترد على أسئلته بشأن ما إذا كانت قد تبنت أيّاً من التوصيات التي خرجت بها الدراسة.

ويعتبر مراقبون هذا الصمت مؤشراً إضافيّاً على وجود انحياز بنيوي راسخ في سياسات الوكالة التحريرية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

تغييرات في دليل الأسلوب التحريري تحت ضغط الانتقادات

بحلول مايو/أيار من هذا العام، ظهرت بعض المؤشرات على تغييرات في دليل الأسلوب التحريري داخل وكالة رويترز، عكست ولو جزئيّاً الانتقادات الداخلية السابقة.

ووفقاً لما أورده موقع Declassified، فقد بعث هوارد س.غولر، محرر الجودة والأسلوب في المكتب العالمي للأخبار بالوكالة، رسالة بريد إلكتروني بعنوان: "تحديث أسلوب رويترز في تغطية الصراع في الشرق الأوسط".

التحديث الجديد سمح لصحفيي الوكالة باستخدام كلمة "إبادة جماعية" شريطة نسبها إلى مصدر محدد، لكنه استمر في فرض قيود على استخدام مصطلح "فلسطين" ليقتصر فقط على الإشارات إلى فلسطين التاريخية حتى عام 1948.

غير أن تحليلاً أجراه Declassified أظهر أن هذه التغييرات لم تكن جوهرية؛ إذ استُخدم مصطلح «الإبادة الجماعية» في 14 تقريراً فقط من أصل 300 تقرير منشور على صفحة "إسرائيل وحماس في حرب" بين 21 يونيو/حزيران و7 أغسطس/آب، بينما فضّلت الوكالة مصطلحات أخرى مثل "حرب" و"حملة" و"تصعيد".

وبحسب التحليل فإن رويترز غالباً ما قرنت الإشارة إلى الإبادة بإنكار إسرائيلي رسمي، وهو ما لم تفعله في تغطية جرائم أطراف أخرى، واعتبر موظفون في الوكالة أن هذا يمثل معياراً مزدوجاً في التغطية.

وقالت الدكتورة عسل راد، الباحثة في تاريخ الشرق الأوسط والمعروفة بلقب "مصححة العناوين" على منصات التواصل، لموقع Declassified إن هذا النمط يمثل في جوهره "إنكاراً للإبادة الجماعية".

وأضافت: "رويترز تصوّر فظائع إسرائيل في غزة على أنها جزء من حرب أو حملة عسكرية، بدلًا من تسميتها إبادة جماعية، رغم الإجماع بين خبراء حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية".

وتُظهر المراجعة التي حصل عليها Declassified أن البريد الإلكتروني لغولر تضمن اقتباسات من أقسام جديدة في دليل الأسلوب بعنوان "حرب غزة (2023–الآن)" و"السياق الأوسع"، لكنها قدّمت تفاصيل تركز بالأساس على وجهة النظر الإسرائيلية، متجاهلة عناصر محورية مثل دور الولايات المتحدة وإسرائيل في إفشال مفاوضات وقف إطلاق النار.

كما لم يرد في هذه الأقسام أي ذكر لممارسات الاستعمار الاستيطاني غير القانوني أو نظام الأبارتهايد الإسرائيلي، في حين قلّلت التحديثات بشكل لافت من حجم الدمار في غزة.

على سبيل المثال، تجاهل تحديث 27 مايو/أيار ما نشرته مجلة The Lancet الطبية بشأن تقديرات الشهداء والوفيات، حيث أشارت إلى أنه «ليس من المستبعد أن يصل عدد القتلى المرتبطين بالصراع الحالي في غزة إلى 186 ألفاً أو أكثر». كما أغفل التحديث حقيقة أن غزة أصبحت أخطر منطقة نزاع على الصحفيين منذ الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861.

ويضيف Declassified أن الانتقادات لم تأتِ من الداخل فقط، بل لاقت صدى خارجيّاً أيضاً. ففي أغسطس/آب من العام الماضي، كتب المحامي الأممي السابق كريغ موخيبر في موقع Mondoweiss أن المؤسسات الإعلامية الغربية اتخذت "خيارات واعية لإخفاء الإبادة الجماعية، وتجريد الضحايا الفلسطينيين من إنسانيتهم، وحماية إسرائيل من المساءلة".

وفي مايو/أيار الماضي، قال الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس إن "مشهداً إعلاميّاً شجاعاً كان يمكن أن يمنع هذه العملية العسكرية، لكن ما لدينا لا يرقى إلى ذلك".

وفي رد رسمي، أكد متحدث باسم رويترز لموقع Declassified أن الوكالة تعتقد أن تغطيتها "عادلة ومحايدة، وتتماشى مع مبادئ الثقة لدى تومسون رويترز".

وأضاف أن التغطية كانت دائماً "خاضعة لتدقيق مكثف، بما في ذلك من صحفيينا أنفسهم، وقد تلقينا ملاحظات من عدة جهات".

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال منذ بداية الهجوم الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 237 صحفيّاً.

وتواصل إسرائيل، بدعم أمريكي، ارتكاب إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وقد أسفرت هذه الإبادة عن سقوط 61,430 شهيداً و153,213 مصاباً من الفلسطينيين، إضافة إلى أكثر من 9,000 مفقود، ومئات آلاف النازحين، فضلاً عن المجاعة التي أودت بحياة عدد كبير من المدنيين، بينهم عشرات الأطفال.

مصدر:TRT عربي - وكالات
اكتشف
رئيس الاستخبارات السابق في تسجيلات مسرّبة.. ماذا قال عن 7 أكتوبر وقيادة الجيش؟
توماس باراك: لبنان اتخذ الخطوة الأولى بقرار حصر السلاح بيد الدولة وعلى إسرائيل اتخاذ خطوة في المقابل
شهداء وجرحى في مجازر جديدة للاحتلال بقطاع غزة.. والعفو الدولية: إسرائيل تطبق سياسة تجويع متعمدة
لسد نقص الجنود.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يخطط لاستقدام مُجندين من اليهود في الخارج
أكثر من مليون إسرائيلي يشاركون في إضراب عامّ ومظاهرات ضد نتنياهو
أكثر من 40 مفقوداً بعد غرق قارب في ولاية سوكوتو بنيجيريا
رئيس الأركان الإسرائيلي يصدّق على خطة احتلال غزة و"الكابينت" يعقد اجتماعاً نهاية الأسبوع لإقرارها
رئيس الوزراء الفلسطيني يبحث في مصر حرب غزة قبيل توجهه لزيارة معبر رفح
إضراب عام واحتجاجات حاشدة في تل أبيب بمشاركة غالانت واعتقال عشرات المتظاهرين
"لمخالفتها القوانين".. الحكومة الليبية تقرر منع أنشطة شركة "هواوي" داخل البلاد
قادة أوروبا يجتمعون من أجل أوكرانيا.. وزيلينسكي يستعد للقاء ترمب
"لإصابته بالجرب"..  تدهور صحة معتقل فلسطيني داخل سجن النقب الإسرائيلي
258 شهيداً بسبب التجويع في غزة وممرضة أمريكية: سوء التغذية يضرب الطواقم الطبية
ثلاثة قتلى و8 مصابين في عملية إطلاق نار بمدينة نيويورك الأمريكية
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات واسعة ومستوطنون يقتحمون الأقصى ويعتدون على فلسطينيين بالضفة