كشفت شركة الصناعات الدفاعية التركية أسيلسان (ASELSAN)، عن نظام الاتصالات العسكري المتطور T-Link، الذي يتيح ربط عناصر القوات المسلحة التركية في الجو والبر والبحر والفضاء والفضاء السيبراني عبر شبكة فورية وآمنة، وبصورة مستقلة تماماً عن حلف الناتو أو أي جهات خارجية.
ويأتي هذا التطوير، حسب TRT HABER، في ظل الحاجة المتزايدة للأنظمة العسكرية الحديثة إلى التواصل اللحظي بين مختلف المنصات، بحيث يتمكن صانع القرار من إدارة أي عنصر ميداني بغضّ النظر عن موقعه أو نوع المنصة التي يعمل عليها.
وبفضل هذه التقنية، يمكن، على سبيل المثال، لقائد على متن سفينة حربية إصدار أوامر مباشرة لمسيّرة جوية (SİHA) تحلّق في الجو، أو لطيّار في طائرة التحكّم حتى اللحظة الأخيرة بصاروخ أُطلق من مركبة بحرية غير مأهولة، مع إمكانية تغيير الهدف في أثناء التحليق.
ويعيد هذا الابتكار، وفق TRT HABER، إلى الأذهان نظام Link-16 المعتمد في دول الناتو، والذي تعد تركيا من أبرز مستخدميه، إلا أن T-Link يختلف في جوهره بكونه منظومة اتصال وطنية بالكامل، تتيح لأنقرة إنشاء شبكة خاصة بها لا يطّلع عليها الحلفاء أو أي أطراف أخرى، ما يمنحها استقلالية استراتيجية وحماية أكبر لبياناتها العسكرية.
ما هو نظام ASELSAN T-Link؟
في تصريح لقناة TRT HABER، قدّم باحث الصناعات الدفاعية أحمد علمدار شرحاً مبسطاً لمفهوم نظام T-Link، موضحاً أن تطويره جاء بهدف تمكين عناصر القوات المسلحة التركية في مجالات الجو والبر والبحر والفضاء والفضاء السيبراني من تبادل البيانات بشكل فوري وآمن ومشفّر.
وأشار علمدار، إلى أن النظام يوفّر شبكة رقمية موحّدة تمكّن جميع المنصات العسكرية من التواصل اللحظي والاطلاع على المشهد العملياتي التكتيكي بشكل مشفّر، ما يعزز التنسيق وفعالية العمليات المشتركة.
كما لفت إلى أن T-Link لا يهدف إلى استبدال نظام Link-16 المعتمد في حلف الناتو، بل يشكّل بديلاً استراتيجياً ومكمّلاً وطنياً له، موضحاً أن الفارق بين النظامين يتجاوز النواحي التقنية ليتركّز على ضمان السيطرة الاستراتيجية والعملياتية.
وأكد أن هذه المنظومة ستحافظ على القدرات الاستراتيجية لتركيا ضمن بيئة اتصال مشفّرة، مع إنشاء شبكة محصّنة في مواجهة تهديدات الحرب الإلكترونية.
ماذا يمكن أن يفعل T-Link؟
ولتبسيط فهم قدرات T-Link، يقدّم علمدار مثالاً من خلال سيناريو افتراضي لمعركة محتملة: "T-Link ليس منتجاً واحداً، بل هو عائلة من الأنظمة ذات قدرات مختلفة".
ويضيف: "لنتخيل السيناريو التالي: سفينة حربية تركية تنفذ مهمة ضمن نطاق “الوطن الأزرق” وتكتشف سفينة معادية، لكنها لا ترغب في تنفيذ أي إجراء مباشر حتى لا تكشف موقعها. في هذه الحالة، يمكنها إرسال بيانات السفينة المعادية إلى مسيّرة جوية مثل KIZILELMA أو ANKA-3 كانت تحلّق في الجو، وذلك عبر شبكة T-Link".
ويشير إلى أن النظام "يمكن لقائد السفينة الاحتفاظ بالتحكم الكامل في صاروخ متطور يجري إطلاقه من تلك المسيّرة حتى اللحظة الأخيرة، بل وحتى تغيير الهدف أثناء تحليق الصاروخ لضرب هدف آخر."
ويختتم الباحث التركي حديثه بالقول إن هذا المثال يوضح أن الحرب الشبكية المركزية تصبح ممكنة بالكامل من خلال منظومة اتصالات وطنية، إذ تستطيع جميع العناصر في الشبكة التواصل مع بعضها البعض، بما يرفع من الكفاءة العملياتية إلى أعلى مستوى.
"سيمنحنا مرونة كبيرة في مواجهة قيود التصدير"
يوضح الباحث في الصناعات الدفاعية علمدار أن تركيا خلال السنوات الأخيرة لم تعد مجرد دولة تبيع منصات عسكرية، بل تحوّلت أيضاً إلى مُصدّر للأنظمة الفرعية والفوقية المتطورة.
ويشير أولاً إلى أن عدد الدول القادرة على تطوير مثل هذه الأنظمة محدود للغاية، وأن الدول التي تمتلك حلولاً وطنية لروابط البيانات غالباً ما تكون أيضاً من أبرز اللاعبين في سوق تصدير السلاح عالميًا، مضيفاً: "امتلاك رابط بيانات وطني يزيل كذلك قيود التصدير".
ويلفت أحمد الانتباه إلى أن "أحد أكبر التحديات التي واجهتها تركيا في الماضي عند بيع منصاتها المنتجة محلياً كان اضطرارها للحصول على إذن تصدير من الدولة المصنعة للمكونات الحيوية ذات المنشأ الأجنبي الموجودة على تلك المنصات. على سبيل المثال، المنصة التي تستخدم نظام Link-16 الأمريكي كانت تحتاج إلى موافقة الولايات المتحدة لبيعها، أما T-Link فسيلغي تماماً شرط الحصول على موافقة ‘دولة ثالثة’".
ويتابع: "هذا الأمر ذو قيمة كبيرة أيضاً للدول المستوردة، فهي لن تشتري منصة فحسب، بل ستحصل على حل متكامل يشمل البنية التحتية للاتصالات الخاصة بتلك المنصة. وعند جمع هذه النقاط معاً، يتضح أن T-Link سيعزز القوة الاستراتيجية لتركيا في ميدان المعركة، وسيمنح أنقرة ورقة رابحة إضافية في سوق التصدير ذات قيمة تعادل الذهب".