جاء ذلك في جلسة "الشراكات الاستراتيجية بين تركيا والعراق: دور البناء والتجارة بتعزيز التنمية المستدامة"، التي عقدت ضمن المنتدى بتنظيم من جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك "موصياد" ضمن فاعليات "موصياد إكسبو 2024".
وتناولت الجلسة فرص التعاون الكبيرة بين البلدين، وخاصة "طريق التنمية" الذي يفتح آفاقاً لشركات البلدين من أجل القيام بأعمال استثمارية وتجارية، قبل أن ينتقل المجتمعون لعقد لقاءات ثنائية بهدف تطوير الأعمال والشراكات.
ومشروع "طريق التنمية" عبارة عن طريق برية وسكة حديد تمتد من العراق إلى تركيا وموانيها، يبلغ طوله 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.
18 مليار دولار
وخلال الجلسة قال رئيس مجلس الأعمال التركي-العراقي جعفر رسول الحمداني: "إمكانيات الشعب العراقي وطاقاته كبيرة، حجم التجارة بين البلدين كان 900 مليون دولار بالعام 2003، وبحلول العام 2023 بلغ أكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم مثالي يجب الحفاظ عليه".
وشدد أن "طريق التنمية انطلاقة ثانية للعلاقات التركية العراقية لما يحققه هذا الطريق من فتح مدن جديدة سكنية تجارية وتبادل تجاري، وتكون منطلقاً لنقل البضائع بين تركيا وأوروبا والخليج وصولاً لجنوب شرق آسيا".
وأضاف الحمداني: "نسعى دائماً أن يكون الطريق في أولوية العلاقات لأن المستفيد الأكبر هما الدولتان وينعكس على القطاع الخاص بينهما، العراق لديه ثروات وأراض زراعية المستصلح منها لا يتجاوز 25%".
"بينما يبلغ احتياطيات الغاز في العراق 135 تريليون قدم مكعب، واحتياطي النفط 145 مليار برميل من الخام، وهذا ما هو مستكشف بنسبة 45 بالمئة أي لدينا 55 بالمئة غير مستكشف"، وفق الحمداني.
إقليم كردستان
من ناحيته، قال دارا الخياط، الرئيس السابق لغرفة صناعة وتجارة أربيل: "العلاقات التركية مع إقليم كردستان (شمالي العراق) تبدأ من التسعينيات، شهدنا شركات عديدة باشرت الأعمال والمقاولات وتطورت لنتيجة جيدة".
وأضاف: "الشركات التركية داخلة في العمق بالعراق، وأعتقد أن العلاقات التجارية تبلغ مستوى كبيراً، وخاصة مع إضافة عدد السياح" بين البلدين، وأكد أن "توسيع التجارة ضروري ويستوجب إتمام إجراءات أخرى من ناحية تسهيل منح تأشيرات الدخول والتعاقدات وتعيين وكلاء للشركات التركية، أو الوجود المباشر في السوق لتوسيع التجارة".
وختم قائلاً: "الزيارات الرسمية والعلاقات بين المنظمات لها دور في زيادة العلاقات والارتباطات التجارية وزيادة الأعمال، ويجب تحسين نوعية المنتوج، إذ نخضع لمنافسة قوية".
التطوير اللوجستي
فيما قال خالد آجار، رئيس مجلس الأعمال التركي-العراقي بمجلس العلاقات التركية الخارجية DEİK: "لدينا استراتيجيات لتطوير العلاقة منها اللوجستي وتطوير سلاسل التوريد بهدف رفع التبادل التجاري وتسهيل المعاملات الجمركية".
وأردف: "أيضاً الزيارات المتبادلة وتبادل المعلومات، كما يجب التوجه لحل المشكلات المحلية، هناك تشجيع للشركات ومن أجل وصولها للعمل في العراق نسعى للقائها مع السلطات العراقية لتسهيل عملها وتجارتها".
وشدد قائلاً: "المشاريع الموجودة تساهم في التنمية، ولتطوير الأعمال نطور الشراكات بين القطاع العام والخاص، ما يساهم في تمويل المشاريع وتقاسم المخاطر، والتدريب وتطوير الإمكانيات وتنمية المواهب، وتطوير تمويل المشاريع من أجل المنافسة".
وأكد "والأهم طريق التنمية له استراتيجية مهمة للتطوير والتنمية في العراق والتجارة، إذ يساهم بتقديم الخدمات والعمل للشركات التركية والعراقية، وخاصة خبرات المتعهدين (المقاولين) الأتراك تساهم بسرعة إنجاز الطريق ونحن نتابع تنفيذ المشروع بأقرب وقت".
"التعاون المبتكر"
وفي السياق، ناقش منتدى الأعمال التركي-العراقي، "بناء المستقبل من خلال التعاون المبتكر"، على هامش معرض "موصياد إكسبو 2024"، بحضور مسؤولين من البلدين ورجال أعمال ومستثمرين.
وانعقد المنتدى بمدينة إسطنبول على هامش موصياد إكسبو، وتضمن جلسة افتتاحية، وندوة تناولت "الشراكات الاستراتيجية بين تركيا والعراق: دور البناء والتجارة في تعزيز التنمية المستدامة".
"الحدود كُسرت"
رئيس جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك "موصياد" محمود أصملي، قال في كلمته بافتتاح أعمال المنتدى: "كنا وعدنا باستضافة الضيوف العراقيين في تركيا والاستماع لمشكلاتهم، وسعيد اليوم بتلبية الدعوة، نحن إخوة في الدين والتاريخ والأهم أننا جيران ويجب أن ندرك أن هناك من يحاول أن يبث الفتن بيننا".
وأكمل: "وضعت الحدود، ولكن نرى الآن أن هذه الحدود كُسرت أولاً في القلوب ونأمل أن تكسر أيضاً في التجارة، والدولتان يمكنهما تطوير التجارة ولديهما الإمكانيات الكبيرة وبالتالي هذا المنتدى يساهم في تحقيق ذلك".
إعادة الإعمار بالعراق
بدوره، قال نائب وزير التجارة التركي مصطفى طوزجو، إن "الحكومة والشركات التركية كانت دائماً موجودة بالعراق، وساهمت بجد في إعادة إعماره"، وأضاف: "أدرك تماماً الفرص الاقتصادية في العراق وأنها أكبر مما هو مذكور، العراق لديه فرص كبيرة، تشمل مخزونات طاقة مثل الغاز والزراعة والسياحة، إذ يفوح عبق التاريخ والحضارات القديمة".
ونوّه بأن "العراق يحتل في كثير من المجالات مراكز متقدمة في التجارة مع تركيا بحجم يقدر بـ20 مليار دولار"، وأكد أن "طريق التنمية يبدأ من ميناء الفاو في البصرة ويصل أوروبا، وهو ليس مجرد طريق بل تنمية لكل المحافظات التي تمر بها ستكون مكسباً مهماً تاريخياً، وستكون تركيا أهم أطراف الطريق".
وختم طوزجو بالقول: "كانت هناك زيارات مستمرة لوزير التجارة (التركي) عمر بولاط إلى العراق من أجل استشراف الفرص، وهناك خطط لزيارة الموصل قريباً".
"تعزيز العلاقات"
من ناحيته، قال أنور عبد الله دزاي ممثل "موصياد" في العراق: "يهدف المنتدى إلى تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها، والعراق يحتل المرتبة الأولى أو الثانية في استيراده من تركيا ما يعكس القوة التجارية بين الجارين العزيزين".
ومن الجانب العراقي، تحدث آنو جوهر عبد المسيح أبدوكا وزير المواصلات والاتصالات بحكومة إقليم كردستان شمالي العراق، قائلاً: "موصياد ليست فقط عبارة عن معرض أو تجمع تجاري، بل هي مركز مهم لمد الجسور و ربط الأمم ببعضها بعضاً وتبادل الأفكار والخبرات".
وأضاف: "اليوم نحن قادمون من إقليم كردستان شمال العراق والعراق، من بلد يربطه علاقة تاريخية مع الجارة التركية، نستطيع أن نبني عليها مستقبلاً مزدهراً الآن وللأجيال القادمة"، وأكد "مشاركتنا ليست كوفد حكومي، بل رجال أعمال من أجل بناء جسور للأجيال القادمة، وهذه الجسور مدت من قادة البلدين بزياراتهم التاريخية، ونسير وفق مسيرة القادة التي بدؤوها".
وأردف: "بالتأكيد في العراق الكثير ليقدموه، فغرف التجارة من أربيل والسليمانية ونينوى والموصل وكل المحافظات العراقية، تمثل الطاقة العراقية والفرص الاستثمارية الموجودة في بلدنا".
وتابع: " اليوم العراق وإقليم كردستان وتركيا يعملون على مشروع استراتيجي كبير سيربط الخليج عبر العراق بإقليم كردستان وتركيا بأوروبا، هو مشروع طريق التنمية، صحيح لم يجرِ الاتفاق على المسار الأخير، ولكن سنذلل كل العقبات ليكون المشروع في إطار الدستور العراقي ومصلحة الشعب جسراً لربط الخليج بتركيا وأوروبا".
"مخرجات جيدة"
وتحدث آيدن معروف، وزير شؤون المكونات العرقية والدينية في حكومة الإقليم، قائلاً: "نأمل أن الأعمال التي يشهدها المنتدى أن تخرج بقرارات مهمة ومخرجات جيدة"، وأضاف: "اليوم العلاقة بين تركيا والعراق قوية، ونعمل دائماً على تطويرها، وتركيا باعتبارها دولة مهمة في الشرق الأوسط وتقف دائماً إلى جانب الإنسانية، على العراق الاستفادة منها ومن خبراتها".
والثلاثاء، افتتحت جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك "موصياد" فاعليات معرض "موصياد إكسبو 2024" بنسخته العشرين وسط مشاركة عالمية.
ويقام المعرض بين 26-29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بمركز "توياب" للمعارض والمؤتمرات بإسطنبول، بمشاركة رجال أعمال وصناعيين ومستثمرين من 88 دولة، فضلاً عن أكثر من 300 شركة من 24 قطاعاً.
وتضم نشاطات المعرض الذي تشارك فيه وكالة الأناضول شريكاً إعلامياً، جلسة لممثلي دول مجموعة العشرين، ومنتدى الأعمال التركي-العراقي، وفاعلية التشبيك الاستثماري الثالث، ولقاءات ثنائية بين المستثمرين ورجال الأعمال المشاركين.