لقاح كورونا.. مخاوف من المخاطر وآمال بقرب الخلاص من الوباء
تتزايد مخاوف الناس مع اقتراب توزيع لقاحات كورونا في عدد من الدول، بسبب المدة الزمنية القصيرة لإنتاج اللقاح، كما تتعلّق الآمال بإنهاء جائحة يعاني العالم بأكمله من تداعياتها، فهل لقاح كورونا آمن؟
سبّب ظهور اللقاح خلال أقلّ من عام قلقاً من مدى سلامته على مختلف الشرائح والفئات المجتمعية، إلا أن لظهوره سريعاً أسباباً منطقية (AFP)

مع دخول لقاحات كورونا مرحلة التوزيع في عدد من البلدان واقترابها من التوزيع في بلدان أخرى، تكثر التساؤلات بين الناس عن مدى فاعليتها وأمانها، بعيداً عن تجاذبات شركات الأدوية وصراعاتها، أو مصالح الحكومات في إعادة الحياة إلى طبيعتها.

وبينما يحاول الناس استشفاف الحقيقة للعودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، التي تتأثر يوماً بعد يوم بتفشي الوباء وارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، تكثر أيضاً الشائعات والأخبار المضللة حول طبيعة اللقاح ومدى فاعليته.

أسباب القلق

من أهمّ مسببات القلق لدى قطاع عريض من الناس بشأن اللقاح، أولاً أزمة الثقة التي خلقتها الجائحة، فقد تضاربت المعلومات، وكثرت الدراسات حول طبيعة الفيروس، ومدى خطورته، وكيف يمكن تجنُّبه، وصولاً إلى اختلاف طريقة كل بلد في التعامل مع الوباء، وهي أزمة مفهومة تزامن ظهورها تاريخياً مع الأوبئة وخوف الناس من مواجهة مرض غامض وتداعياته غير المعروفة.

النقطة الثانية، أن إنتاج اللقاحات يستغرق عادة من 4 أعوام إلى 15 عاماً أو أكثر، وبعض الفيروسات بلا لقاح مضاد حتى الآن، والمدة الطويلة لازمة لإنهاء جميع المراحل التجريبية والتحقق من نتائجها وسلامتها، وفحص آثارها الجانبية على مختلف الفئات والشرائح العمرية.

في حالة وباء كورونا، ظهر اللقاح بعد أقل من عام، وهي فترة زمنية قصيرة وغير مسبوقة، ما يبرر حالة القلق المصاحبة لها، إلا أن لها تفسيرات منطقية.

كيف ظهر اللقاح في مدة زمنية قصيرة؟

تبرّر عوامل هامة وحاسمة ظهور لقاح كورونا خلال عام، دون تقليل نسب فاعليته وأمانه.

فيروس كورونا المستجد ينتمي إلى فصيلة فيروسات كورونا التي ظهرت منذ نحو 50 عاماً، ومنذ تفشي فيروس "سارس" في الصين عام 2003، وهو إحدى سلالات كورونا، بدأت الأبحاث والتجارب العلمية الخاصة بتطوير لقاح تأخذ شكلاً أكثر جدية، لكن أعاقها عامل هامّ، هو عدم وجود تمويل كافٍ لتطويرها واستمرارها، بسبب محدودية انتشار المرض عالمياً حينها، لذا بدأت شركات الأدوية منذ سنوات طويلة تصميم لقاحات يمكنها التكيف بسرعة مع سلالات الفيروس، وذلك قبل تفشي الوباء العام الماضي.

حينما ظهر فيروس كورونا المستجد، وبالنظر إلى حجم انتشاره السريع إذ وصلت أعداد الإصابات حتى الآن إلى نحو 80 مليون إصابة والوفيات إلى نحو مليونين حول العالم خلال عام واحد، حسب موقع WorldoMeter، فإن الحاجة إلى تمويل اللقاح أصبحت ضرورية وملحّة، إذ تأثر الاقتصاد العالمي بأكمله بسبب تداعيات الوباء وقيود الإغلاق في جميع الدول.

لذلك وصل مقدار التمويل العالمي للقاح كورونا مع ظهور النتائج الأولية في شهر مايو/أيار الماضي، إلى 22مليار دولار، ثم تضاعف إلى 40 مليار دولار في شهر أغسطس/آب الماضي، وكان هذا الرقم كافياً جداً لاختبار اللقاح وتطويره خلال مدة زمنية قصيرة، إذ لم يتوhفر تمويل بهذا القدر في مواجهة فيروسات سابقة.

أنواع اللقاحات المتاحة

من اللقاحات التجريبية ثلاثة أنواع أساسية ثبتت فاعليتها حتى الآن، هي لقاح "فايزر-بيونتك" الذي طوّرته شركتا أدوية أمريكية وألمانية، ولقاح "مودرنا"، ولقاح "سبوتنيك V" الروسي، بالإضافة إلى لقاح "سينوفارم" الصيني.

وقد بدأ بعض الدول شراء اللقاحات بالفعل، وتعتزم توزيعها خلال الفترة المقبلة، لكن منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لم تعتمد أي لقاح منها رسمياً حتى اليوم، لأن عملية الاعتماد تأخذ عدة أشهر عادةً لاستيفاء المتطلبات كافة.

وبسبب تداعيات وباء كورونا عالمياً والحاجة الملحة إلى إنهائه في أسرع وقت ممكن، فقد قررت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية منح موافقات على الاستخدام الطارئ للقاحات كوفيد-19، بعد إصدار الجهات المختصة بكل لقاح موافقة على استخدام اللقاح بعد فحص بيانات السلامة وتقديمها للإدارة الأمريكية.

وبسبب هذا الإجراء غير المعتاد يتشكك كثير من الناس بشأن اللقاحات، وتتزايد المخاوف من تداخل العوامل الاقتصادية والسياسية المعقدة على حساب الأمان، وهو ما ستثبته التجربة وحدها قريباً.

TRT عربي - وكالات