ويعاني سكان هذه المخيمات البدائية من نقص حاد في إمدادات الطعام والمياه، مع مناخ شديد البرودة يزيد معاناتهم.
ولم يسمح جيش الاحتلال الإسرائيلي للنازحين بحمل أمتعتهم في أثناء النزوح، ما جعل حياتهم داخل الخيام ومراكز الإيواء غاية في الصعوبة، وتفتقر إلى أبسط مقومات العيش الإنساني. ورغم المبادرات الشعبية والخيرية، فإن الإمكانيات المحدودة لا تكفي سد احتياجات يومية.
وقبل بدء العمليات العسكرية في 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان يعيش في محافظة شمال القطاع نحو 200 ألف فلسطيني، لكن التهجير القسري أدى إلى نزوح نحو 130 ألف شخص، حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
وفي ظل سياسة الحصار المطبق على المحافظة، منع جيش الاحتلال الإسرائيلي دخول أكثر من 8 آلاف شاحنة مساعدات وبضائع، حسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.
مخيمات جديدة
وعلى مدار أيام حرب الإبادة الجماعية التي سبقت العملية العسكرية في محافظة الشمال قبل نحو شهرين، لم يعتد أهالي مدينة غزة على رؤية تجمعات المخيمات هذه.
فكان كل من ينزح أو يُدمَّر بيته يلجأ إلى منازل أقاربه وأصدقائه أو مراكز النزوح في المدارس والمراكز الصحية، لكن مع ازدياد أعداد نازحي الشمال بشكل كبير لم يعد متسع في المنازل أو المراكز، واضطر النازحون إلى الإقامة داخل هذه الخيام التي لا تحميهم من غارات إسرائيلية قريبة، ولا تقيهم برد الشتاء.
قهر وذل
ويصف رشدي غبن، النازح مع عائلته من بلدة بيت لاهيا إلى مخيم جديد أقيم وسط مخيم الشاطئ غرب غزة، الحياة في المخيمات قائلاً: "الوضع في الخيام صعب جداً، وبخاصة في أوقات الليل التي يشتد خلالها البرد، لكن يبقى أهون من الشارع والعراء".
وأفاد غبن بأن كثيراً من النازحين من بلدة بيت لاهيا لم يرغبوا في مغادرة منازلهم وممتلكاتهم "لولا أن الجيش الإسرائيلي أخرج الجميع منها بالقوة".
أما يحيى زقوت، الذي يسكن مع عائلته في مخيم آخر أقيم في حي النصر غربي مدينة غزة، فيقول: "اليوم لا مكان يؤوي النازحين سوى المخيمات في مدينة غزة لأن البيوت والمدارس لم يعد فيها متسع".
ويصف زقوت حياة الخيام بـ"الصعبة والمُرّة والممتلئة بالقهر طوال الليل والنهار"، مضيفاً أنه "بعد الصمود لأكثر من 14 شهراً أجبرنا الاحتلال على هذه الحياة المليئة بالذل والإهانة، إذ لا يوجد فيها أدنى مقومات الحياة الإنسانية".
أوضاع مأساوية
وتروي الشابة الفلسطينية ريم معاناة التهجير من شمال القطاع، قائلة إن رحلة النزوح كانت محفوفة بالمخاطر، وبخاصة بالنسبة لكبار السن والأطفال الذين عانوا من الجوع والجفاف والعطش.
أما محمد أبو عايش، نازح فلسطيني آخر، فقد تحدث عن مأساته قائلاً: "نزحنا من شمال غزة بعد أن قصفت قوات الاحتلال إحدى المدارس التي كنا نحتمي بها لمدة 20 يوماً"، مشيراً إلى أن القصف أسفر حينها "عن إصابة أكثر من 40 شخصاً، بينهم أطفال ونساء".
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من151 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمُسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.