منذ أن أعلن رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد الشهر الماضي استضافة بلاده قمة إسلامية مصغَّرة تضمّ 5 دول، بهدف تسليط الضوء على مشكلات العالَم الإسلامي واقتراح الحلول لها، سارعت تركيا مع الدول المشاركة لإعلان دعمها ومساندتها للقمة ولكل المؤتمرات والفاعليات المناصرة لقضايا الأمة.
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صباح الأربعاء، إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور، للمشاركة في القمة، يرافقه وفد رفيع من المسؤولين والوزراء الأتراك منهم وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو، ووزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق، ووزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير الدفاع خلوصي أقار، ووزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى وارانك، بالإضافة إلى رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن.
وتنطلق "قمة كوالالمبور 2019" الأربعاء وتستمر إلى 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمشاركة تركيا وماليزيا وقطر وباكستان وإندونيسيا بالإضافة إلى إيران.
وستتناول القمة سبعة موضوعات رئيسية، هي التنمية والسيادة، والنزاهة والإدارة الرشيدة، والثقافة والهوية، والعدالة والحرية، والسلامة، والأمن والدفاع، والتجارة والاستثمار، والتكنولوجيا وإدارة الإنترنت.
مواقف تركيا
أنقرة أكّدَت أن هدفها من المشاركة في القمة عرض مواقفها الداعمة والمساندة لقضايا الأمة، مشيرة إلى أهمية القمة وما تمثله من فرصة لمناقشة المصاعب والتحديات التي يواجهها العالَم الإسلامي.
وقالت السفيرة التركية لدى ماليزيا مروى صفا قاواقجي الاثنين، إن عديداً من الساسة والمفكرين الأتراك سيشاركون في المؤتمر، مضيفة أن تركيا "تؤمن بأن العالَم أكبر من خَمْس (في إشارة إلى الدول الأعضاء الدائمين لدى مجلس الأمن الدولي)".
وتابعت السفيرة: "في هذا العالَم أطياف مختلفة من البشر، كما أن فيه كثيراً من أتباع مختلف الأعراق والأديان، يتعرضون للظلم حول العالَم. لذا ستكون هذه القمة فرصة أمام تركيا للإدلاء بأفكارها".
وفي ما يخص القناة التليفزيونية المشتركة بين تركيا وباكستان وماليزيا لمكافحة الإسلاموفوبيا، قالت قاواقجي إن هذا الأمر ملفّ هامّ جدّاً، ومن المتوقع مناقشته بشكل أوسع عقب القمة.
وشدَّدَت على أهمية قمة كوالامبور، مضيفة أنه "ليس أمام عقد مؤتمر مشابه في بلدان أخرى أي عائق".
قمة تنسيق لا تفريق
أكَّدَت ماليزيا، الدولة المستضيفة للقمة وجميع الدول المشاركة، أن هدفها هو إيجاد حلول جديدة للأمة الإسلامية، مشدّدة على أن قمة كوالالمبور لا تهدف مطلقاً إلى تولِّي دور منظمة التعاون الإسلامي، ولا إنشاء كتلة إسلامية جديدة.
وأشار مكتب رئاسة مجلس الوزراء الماليزي الثلاثاء، إلى أن القمة ليست منبراً لمناقشة أمور تتعلق بالدين الإسلامي، بل عُقدت خصيصاً لمعالجة حال الأمة. وأضاف المكتب: "أدركت ماليزيا تماماً حدودها وقدراتها، ونحاول تقديم مساهمة قليلة ممكنة في تحسين وضع المسلمين".
من جانبه أكّد رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد الثلاثاء، أن القمة لا تهدف إلى تولِّي دور منظمة التعاون الإسلامي.
وأشار إلى أنه انتهز الفرصة لتوضيح ذلك في أثناء مكالمة مرئية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في مركز مؤتمرات كوالالمبور موقع فاعليات القمة، موضحاً أنه "إذا نظمت السعودية أي قمة لمناقشة الأمر ذاته، فنحن على استعداد للحضور".
وأفاد مكتب رئيس الوزراء بأن اختيار الدول الرئيسية باعتبارها المشاركة في قمة كوالالمبور 2019 كان لأهداف محددة، ولكن قائمة أسماء الدول ليست كاملة حتى تنطلق هذه المبادرات.
وأوضح المكتب أن القمة تحاول إطلاق نهج جديد في تعاون الأمة الإسلامية، قائلاً: "إذا كانت القمة قادرة على تحقيق شيء ما، فسوف تُقدَّم إلى تجمع إسلامي أكبر وعدد أكبر من الدول الإسلامية لتقييم ما إذا كان ينبغي مواصلة هذه المبادرات على نطاق أوسع".
قمة للأفضل
قمة كوالالمبور تسعى بشكل جدي لمعالجة وتحسين شؤون المسلمين والدول الإسلامية، إذ سيناقش الزعماء الإسلاميون والعلماء والمفكرون حلولاً جديدة لمعالجة المشكلات التي يواجهها العالَم الإسلامي كما أعلن رئيس الوزراء الماليزي.
وقال مهاتير محمد في مقاله المنشور في الموقع الرسمي للقمة، إن النزاعات والفرقة بين الدول الإسلامية سبب أساسي لتراجعها. وأضاف: "نصرّح بأن المسلمين إخوة ولكن بالعكس، تواجه بلادنا الإسلامية الحرب الأهلية التي لا نهاية لها والحرب بين الطوائف والحرب مع الدول الإسلامية المجاورة ونطلب مساعدة الدول غير المسلمة في الحرب ضدّ إخواننا المسلمين".
من جانبه أشار رئيس معهد الدراسات العرقية بجامعة ماليزيا الوطنية كارتيني أبو طالب، إلى أنه يؤمن بأن هذه القمة ستكون مثمرة، لمشاركة رموز من بلدان كثيرة حول العالَم. وأكّد كارتيني أهمية مشاركة تركيا في القمة قائلاً: "أي محاولة لإحياء الحضارة الإسلامية مرتبطة بتركيا".
وأضاف: "كثير من الخبراء يرون أن تركيا قوة تتعاظم، ويمكنها إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، لهذا فالبلدان الغربية تشعر بقلق من النمو الثابت لتركيا".
بدورها قالت شريفة منيرة آلاطاس، عضو هيئة التدريس بجامعة ماليزيا الوطنية، إن تركيا وماليزيا يمكنهما خلال هذه القمة ترك تأثير إيجابي على العالَم الإسلامي.
وشدَّدَت على أهمية أن تهدف القمة إلى معالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وشرح الإسلامي الحقيقي للعالَم من خلال رسائل إيجابية.
وتابعت: "تركيا وماليزيا إذا تطرقتا إلى موضوعات مثل الفساد في العالَم الإسلامي، وعدم التسامح بين الأديان، واستخدام الدين الإسلامي أداةً للنقاشات السياسية، فلا شك أنهما من الممكن أن تتركا في قمة كوالالمبور بصمة إيجابية على العالَم الإسلامي".
ويشارك في قمة كوالالمبور 2019 نحو 450 من القادة والمفكرين والمثقفين من العالَم الإسلامي، وتتمحور أجندتها حول "دور الرؤى التنموية في الوصول إلى السيادة الوطنية".