في تحدٍّ وصمود.. الغزيون يستقبلون رمضان بعد الإبادة الإسرائيلية
يهل هلال رمضان على الفلسطينيين بغزة هذا العام وسط مشهد قاتم غير مسبوق من الدمار والمعاناة، بعد قرابة 16 شهراً من الإبادة الإسرائيلية التي حولت القطاع المحاصر إلى "منطقة منكوبة".
استعدادات فلسطينيي غزة لرمضان وسط الدمار جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع / صورة: AA (AA)

شهر رمضان الذي كان مناسبة للفرح والروحانيات، بات هذا العام موسماً يعاني فيه الفلسطينيون الجوع والبرد والفقدان، في خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية، بعدما دمرت إسرائيل منازلهم.

ويواجه نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون نسمة في غزة مأساة التشريد القسري جراء الإبادة والتدمير الواسع الذي ألحقته إسرائيل بمنازلهم.

قبل الإبادة، كانت شوارع غزة تمتلئ بأصوات المآذن التي تعلن حلول الشهر المبارك، فيما تتجمل الأسواق بزينة رمضان ويجتمع الأطفال لحفظ آيات من القرآن الكريم.

لكن اليوم تحولت هذه المشاهد إلى مجرد ذكريات، بعدما اختلط صوت الأذان بأنين الجرحى، واستُبدلت بالأسواق النابضة بالحياة أكوام من الأنقاض.

في كل زاوية يشهد الدمار على الإبادة التي استهدفت الفلسطينيين ومنازلهم ومساجدهم ومدارسهم، فيما يحاول الناجون، رغم الألم، التمسك بذكرياتهم الرمضانية ولو بأبسط الوسائل.

تحدٍّ وصمود

لم تعد الفوانيس تضيء الشوارع كما كانت، بل باتت تُعلَّق على بقايا الجدران المدمرة وأعمدة الخيام، في محاولة لترميم ما تَبقَّى من روح الشهر الفضيل، في مشهد يعكس روح الصمود والتحدي, ووسط الدمار يحاول الباعة الحفاظ على طقوس رمضان رغم الظروف القاسية.

ورغم المآسي يحاول الفلسطينيون في غزة إحياء شعائرهم الدينية وسط الركام، حيث ستقام صلاة التراويح بين الأنقاض، وترفع الدعوات في المساجد التي تحولت إلى أطلال.

والأسبوع الماضي أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دمّر خلال حرب الإبادة 1109 مساجد من أصل 1244، تدميراً كلياً أو جزئيّاً.

غياب الأحبة

رمضان في غزة هذا العام ليس كما عرفه الفلسطينيون يوماً، إذ ستغيب عنه التجمعات العائلية التي كانت تميز موائد الإفطار، فعشرات آلاف العائلات فقدت أحباءها جراء الإبادة الإسرائيلية، وأصبح غيابهم الحاضر الأكبر على موائد الإفطار.

وحتى الخميس أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع إلى 48 ألفاً و365 شهيداً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

شح الطعام والماء

ومع اشتداد الأزمة الإنسانية، يواجه الغزيون صعوبات غير مسبوقة في تأمين الطعام والماء، إذ لم تعد وجبتا الإفطار والسحور متاحتين للجميع.

المساعدات الغذائية شحيحة، وأسعار السلع التي تدخل عن طريق التجار مرتفعة ارتفاعاً يفوق قدرة العائلات التي فقدت مصادر دخلها، أما المياه النظيفة فأصبحت رفاهية نادرة، بما يجعل حتى تحضير الطعام تحدياً إضافياً للصائمين في ظل غياب وسائل الطهي واعتمادهم على الحطب والورق.

وتتنصل إسرائيل من السماح بإدخال مساعدات إنسانية "ضرورية" للقطاع، خصوصاً 200 ألف خيمة و60 ألف منزل متنقل لتوفير الإيواء العاجل للفلسطينيين المتضررين، منتهكة بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب المكتب الحكومي.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة في غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.​

وبدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوماً، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

TRT عربي - وكالات