بعد 59 سنة من الاستقلال لا يزال الجزائريون ينتظرون اعترافاً واعتذاراً من باريس بالجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي (1830-1962) بحق الشعب الجزائري المقاوم.
وكان أبرز تلك الجرائم الإبادة الجماعية والتعذيب والقتل والتجارب النووية والنهب الذي طال حتى أرشيف الوثائق.
إبادة جماعية
مارس الاستعمار الفرنسي أبشع أنواع التنكيل والقتل ضد الجزائريين، وكانت حصيلتها حسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أكثر من 5 ملايين قتيل طيلة قرن وربع قرن.
أما الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (خاصة)، فكشفت في تقرير عام 2017 أن عدد ضحايا الاستعمار الفرنسي فاق 10 ملايين شخص.
كما استخدمت فرنسا المدنيين رهائن ودروعاً بشرية في حربها ضد جيش التحرير الوطني الجزائري.
وخلال مواجهته ثورات شعبية منذ دخوله البلاد حتى مغادرتها أباد الاستعمار الفرنسي قرى بأكملها فضلاً عن أساليب الصعق الكهربائي واستخدم الآبار المائية سجوناً وألقى المعتقلين من المروحيات، وفق مؤرخين.
جماجم المقاومين
تحتفظ فرنسا إلى اليوم بـ18 ألف جمجمة في متحف "الإنسان" بباريس، منها 500 فقط جرى التعرف على هويات أصحابها، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام فرنسية عام 2016.
وفي يوليو/تموز 2020 استعادت الجزائر 24 جمجمة لقادة من مقاومة الجزائر (قبل اندلاع ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954)، قتلوا ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي منتصف القرن الـ19.
وتقول السلطات الجزائرية إن المفاوضات متواصلة لاسترجاع جماجم أخرى (لم يحدد عددها)، وتؤكد أن فرنسا وضعت قانوناً يجعل من هذه الرفات محمية ضمن التر اث الفرنسي.
مجزرة 8 مايو/أيار
كانت أكبر مجزرة ترتكبها فرنسا في يوم واحد، إذ خرج مئات الآلاف من الجزائريين في 8 مايو/أيار 1945، للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ولمطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها بمنحهم الاستقلال.
لكن قوات الاستعمار استخدمت الرصاص الحي وقتلت 45 ألفاً من المتظاهرين العُزل، في جريمة ضد الإنسانية.
جريمة نهر السين
في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1957 خرج نحو 60 ألف جزائري في فرنسا للتظاهر ضد استعمار بلدهم.
وواجهت السلطات الفرنسية المحتجِّين بالرصاص الحي وألقت الكثير منهم في نهر السين، وبلغت الحصيلة 1500 قتيل و800 مفقود، إضافة إلى آلاف المعتقلين.
تجارب نووية
أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية 17 تجربة نووية تحت الصحراء الجزائرية وفوقها بين عامَي 1960 و1966.
وتسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة، بسبب الإشعاعات النووية التي لا تزال تلوث المكان حتى اليوم.
ولا تزال السلطات الجزائرية تطالب نظيرتها الفرنسية بتسليمها خرائط دفن نفايات هذه التجارب لحماية السكان من إشعاعاتها لكن باريس تماطل في ذلك.
أرشيف منهوب
تقول السلطات الجزائرية ومؤرخون إن القوات الاستعمارية رحلّت إلى فرنسا خلال مرحلة الاحتلال (1830-1962) مئات الآلاف من الوثائق منها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1518-1830).
وتطالب السلطات الجزائرية منذ الاستقلال باستعادة هذا الأرشيف، لكن فرنسا ترد في كل مرة بأنه "خاضع لقوانين تجعله سرياً" وأن به وثائق "مدرجة تحت بند أسرار الدفاع الوطني".