قالت أوكرانيا إن قواتها صدت هجمات روسية على طول خط المواجهة اليوم الخميس عشية الذكرى السنوية لبداية الحرب، فيما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ترسانة بلاده النووية.
وبعد سلسلة من الخطب الحماسية قبل ذكرى الحرب، أعلن بوتين، اليوم الخميس، عن خطط لنشر صواريخ باليستية جديدة متعددة الرؤوس عابرة للقارات من طراز سارمات هذا العام.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، علق بوتين مشاركة روسيا في معاهدة نيو ستارت للحد من الأسلحة النووية.
وقال بوتين "كما في السابق، سنولي اهتماماً متزايداً لتعزيز الثالوث النووي" في إشارة إلى إمكانية إطلاق الصواريخ النووية من البر والبحر والجو.
وأضاف بوتين في تصريحات نشرها الكرملين في ساعة مبكرة من صباح الخميس "سنواصل الإنتاج الواسع لأنظمة كينجال الفرط صوتية، وسنبدأ في تجهيز إمدادات ضخمة من صواريخ زيركون الأسرع من الصوت التي تنطلق من البحر".
"صرف للانتباه عن الفشل"
تجاهلت أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون التهديد النووي ووصفوه بأنه صرفٌ للانتباه عن فشل الحملة العسكرية الروسية على الأرض، بعد عام من شن بوتين أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وشهدت الأسابيع الماضية شن روسيا هجمات نفذتها قوات المشاة وسط طقس متجمد، في معارك وصفها الجانبان بأنها الأكثر ضراوة في الحرب.
وقال مسؤولون غربيون إنهم يعتقدون أن روسيا خططت لهجوم للسيطرة على المزيد من الأراضي قبل الذكرى السنوية للحرب بالزج بمئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين جرى استدعاؤهم في الأشهر القليلة الماضية لمنح بوتين انتصاراً يمكنه إعلانه.
وأحرزت القوات الروسية تقدماً في محاولتها تطويق مدينة باخموت الصغيرة، لكنها فشلت في اختراق الخطوط الأوكرانية لتصل إلى الشمال بالقرب من كريمينا وإلى الجنوب في فوليدار، وتكبدت خسائر فادحة في الهجوم الذي وضعها في مرمى نيران المدفعية الأوكرانية.
وقال الجيش الأوكراني في ساعة مبكرة من صباح الخميس إن القوات الأوكرانية صدت 90 هجوماً روسياً في الشمال الشرقي والشرق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وأغلقت أوكرانيا بعض المدارس تحسباً لشن موسكو هجمات صاروخية بعيدة المدى في أول ذكرى سنوية للحرب.
لكن المسؤولين في كييف قالوا إنهم يعتقدون أن موسكو لم تعد لديها القدرة على استعراض كبير للقوة.
وقال كيريلو بودانوف رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية في مقابلة مع موقع أوكرانسكا برافدا الإخباري "لن يحدث شيء استثنائي. محاولة (روسية) اعتيادية.. مخطط لضربة صاروخية صغيرة".
وذكر الجيش البريطاني في تحديث استخباراتي أن موسكو ربما تخطط لهجوم كبير آخر على فوليدار، على الرغم من هجماتها الفاشلة المكلفة هناك في وقت سابق من هذا الشهر. وسبق أن ذكر الأسبوع الماضي أن لواءين كاملين يضمان الآلاف من قوات النخبة لم يحققا شيئاً في القتال بسبب الخسائر الفادحة هناك.
ومع عدم وجود انتصارات كبيرة في ساحة المعركة يمكن الإعلان عنها في الذكرى السنوية، تحول بوتين بدلاً من ذلك إلى الخطاب النووي، وأعلن في كلمة مهمة يوم الثلاثاء أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت للحد من الأسلحة.
ويبدو أن التداعيات الفعلية ستكون محدودة لأن عمليات التفتيش بموجب المعاهدة قد توقفت بالفعل بسبب الحرب.
وقال مسؤول دفاعي كبير إن موسكو ستلتزم بقيود المعاهدة على الصواريخ وستواصل إخطار واشنطن عند تحريكها.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن تعليق نيو ستارت بأنه "خطأ كبير" لكنه قال أمس الأربعاء "أنا لا أستشف من هذا أنه يفكر في استخدام أسلحة نووية أو أي شيء من هذا القبيل".
وكان بايدن قد خطف الأضواء من بوتين هذا الأسبوع بقيامه بزيارة غير معلن عنها مسبقاً لكييف وإلقاء خطاب تاريخي أمام حشد في وارسو.
وأزيح النقاب للمرة الأولى عام 2018 عن صواريخ آر.إس-28 سارمات التي يطلق عليها (الشيطان 2) وأعلن بوتين عن نشرها اليوم الخميس، ويعتقد بالفعل أنه جرى نشرها العام الماضي.
وذكرت شبكة CNN إن الولايات المتحدة تعتقد أن روسيا أجرت اختباراً لسارمات قبل زيارة بايدن لأوكرانيا لكن الاختبار فشل. ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية على هذا التقرير.
كما تعهد بوتين بإنتاج المزيد من الصواريخ الفرط صوتية التي تنطلق بسرعة كبيرة بحيث لا يمكن إسقاطها. ومن المقرر أن تبدأ روسيا تدريبات عسكرية مع الصين في جنوب إفريقيا غداً الجمعة وقد أرسلت فرقاطة مزودة بهذه الصواريخ.
"حان الوقت للتراجع"
في غضون ذلك، لا تزال روسيا تسيطر على خُمس مساحة أوكرانيا تقريباً رغم خسارتها مساحات شاسعة من الأراضي جراء انتكاسات كبيرة تعرضت لها العام الماضي في ساحة المعركة، بعد فشلها في الاستيلاء على كييف في بداية "عمليتها العسكرية الخاصة".
ويُعتقد أن عشرات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين والجنود من الجانبين لقوا حتفهم العام الماضي. ودمرت المدفعية الروسية مدناً أوكرانية وأجبرت ملايين اللاجئين على الفرار.
وتلتزم القوات الأوكرانية بموقف دفاعي بشكل كبير منذ هجومها الأخير في نوفمبر/تشرين الثاني على أمل أن تُنهك الهجمات القوات الروسية التي انضم إليها جنود الاحتياط.
وفي الوقت نفسه، يتعهد الغرب بتزويد كييف بأسلحة من أجل هجوم مضاد مرتقب في وقت لاحق من العام الجاري.
وفي نيويورك، من المتوقع أن تصدر الجمعية العامة للأمم المتحدة عشية الذكرى الأولى للحرب قراراً يطالب بوقفها.
وتأمل أوكرانيا في أن يصوت ما يقرب من ثلاثة أرباع الدول لصالح القرار مما يزيد من عزلة روسيا الدبلوماسية.
وتصف موسكو مشروع القرار بأنه غير متوازن. وتقول إن الهجوم العسكري نابع من مخاوف تتعلق بأمنها.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في الأمم المتحدة "روسيا انتهكت ميثاق الأمم المتحدة عندما صارت معتدية".
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الأربعاء بالهجوم العسكري الروسي ووصفه بأنه انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأضاف غوتيريش "سمعنا تهديدات ضمنية باستخدام الأسلحة النووية. ما يسمى بالاستخدام التكتيكي للأسلحة النووية غير مقبول على الإطلاق. حان الوقت للتراجع عن حافة الهاوية".