بعد عامها الأول.. كيف أعادت الحرب في أوكرانيا تشكيل سوق الطاقة الأوروبية؟
تطوي الحرب الروسية-الأوكرانية أول أعوامها التي أثرت كثيراً في أسواق الطاقة الأوروبية، بخاصة قطاع الغاز الطبيعي الذي أعاد تشكيل الأسواق من جديد.
منشأة نورد ستريم 1 في لوبمين- ألمانيا  / صورة: Reuters (Reuters)

في الوقت الذي كانت فيه اقتصادات الدول تحاول التعافي من آثار جائحة كورونا، شهد صيف 2021 خللاً في التوازن بين العرض والطلب داخل أسواق الطاقة العالمية، لتأتي الحرب الروسية-الأوكرانية، التي أتمّت عامها الأول، لتعمّق الأزمة.

ورداً على العقوبات الأوروبية المفروضة عليها بسبب الحرب على أوكرانيا، قررت روسيا تقليص حجم تدفقها من الغاز الطبيعي لدول أوروبا، عبر تعليق الإمدادات من عدة قنوات أبرزها "نورد ستريم 1".

هذه الخطوة الروسية دفعت بالاتحاد الأوروبي إلى البحث عن بدائل للغاز الروسي، وضمان تعبئة مخزونها قبل دخول الشتاء واتخاذ تدابير أخرى تحد من تبعات تقليص الغاز الروسي.

جميع هذه التطورات، أدت إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل.

مؤشرات مركز "TTF" المرجعي، وهو مؤسسة تعنى بتداولات الغاز الطبيعي في هولندا وهو بمثابة "بورصة الغاز" وتشكّل أسعاره مرجعاً للتبادلات في أوروبا، كانت خير دليل على ما شهدته أسواق الغاز الطبيعي في أوروبا.

ففي الوقت الذي كانت فيه أسعار عقود الغاز الآجلة بواقع 30 يورو للميغاوات/ساعة خلال، سبتمبر/أيلول 2021، ارتفع الرقم إلى 346 يورو للميغاوات/ساعة في أغسطس/آب 2022.

وفي 23 فبراير 2022، أي عشية اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كانت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا تناهز 87 يورو للميغاوات/ساعة، لكنها اليوم عادت إلى متوسط 55 يورو.

بقاء مخازن الغاز الطبيعي الأوروبية في مستويات أعلى من المتوقع، والظروف الجوية المعتدلة، أدت إلى انخفاض الطلب على الغاز، الأمر الذي حال دون تفاقم أزمة الغاز في أوروبا خلال موسم الشتاء الحالي.

المحاولات الأوروبية لكسر التبعية للغاز الروسي، وتعزيز استثماراتها في البنى التحتية لهذا النوع من الطاقة كانت بمثابة تطورات هي "الأولى" من نوعها في أسواق الطاقة.

ونتيجة لهذه التطورات، انخفضت واردات الغاز الأوروبية من روسيا، بنسبة 76% خلال سنة واحدة، لكن يبقى التحدي الحالي للاتحاد الأوروبي، في بناء مخزونات للشتاء المقبل.

وفي معرض تعليقها، قالت آنا ماريا جالر ماكاريفيتش، محللة أوروبا لدى معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA) للأبحاث، إن 40% من واردات الغاز الأوروبية كانت من روسيا قبل اندلاع الحرب.

وأضافت في حديثها إلى الأناضول، أن أوروبا حاولت تقليص تبعيتها لروسيا بهذا الخصوص، الأمر الذي دفعها لزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 60%، خلال الفترة الماضية.

ماكاريفيتش أوضحت أيضاً أن واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية من الولايات المتحدة، زادت بنسبة 143% خلال 2022.

كما زادت واردات أوروبا من قطر للمنتج نفسه، بنسبة 23% في 2022، حسبما ذكرته ماكاريفيتش.

وارتفعت واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال من روسيا بنسبة 12% خلال 2022، مقارنة بالعام الذي قبله.

وشددت ماكاريفيتش على أن زيادة أوروبا وارداتها من الغاز المسال أدت إلى ارتفاع أسعار هذا المنتج إلى مستويات قياسية.

وتابعت: "الغاز الطبيعي المسال بات قطاعاً باهظ الثمن، وخطيراً ومتلاعباً".

وفي 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا هجوماً على أوكرانيا تبعه ردود فعل دولية غاضبة، وتشترط موسكو تخلي كييف عن أي خطط للانضمام إلى أي كيانات عسكرية والتزام الحياد، ما تعتبره الأخيرة "تدخلاً في سيادتها".

TRT عربي - وكالات