أسفر اجتماع دولي استضافته مدينة جدة السعودية بشأن الأزمة الروسية-الأوكرانية عن "الاتفاق على مواصلة التشاور الدولي بما يسهم في بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام".
جاء ذلك في بيان ختامي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، الأحد، وسط استمرار مواجهات عسكرية بين روسيا وأوكرانيا منذ شنت الأولى هجوماً على الثانية في 24 فبراير/شباط 2022، دون التوصل إلى هدنة دائمة بعد.
ووفق البيان، استضافت جدة السبت "اجتماعاً لمستشاري الأمن الوطني وممثلين لأكثر من 40 دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة برئاسة مستشار الأمن الوطني السعودي مساعد بن محمد العيبان".
ويأتي هذا الاجتماع الذي اختُتم الأحد "استمراراً لجهود ومساعي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي يبذلها في هذا الشأن منذ مارس/آذار 2022"، وفق البيان ذاته.
واتفق المشاركون على "أهمية مواصلة التشاور الدولي وتبادل الآراء بما يسهم في بناء أرضية مشتركة تمهد الطريق للسلام".
كما أعربوا عن "أهمية الاستفادة من الآراء والمقترحات الإيجابية التي جرى بحثها في الاجتماع".
وشارك في الاجتماع كل من "تركيا، والأرجنتين، وأستراليا، والبحرين، والبرازيل، وبلغاريا، وكندا، وتشيلي، والصين، والقمر، والتشيك، والدنمارك، ومصر، وإستونيا، والمفوضية الأوروبية، والمجلس الأوروبي، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا"، حسب ما ذكر البيان.
كما شارك في الاجتماع أيضاً كل من "اليابان، والأردن، والكويت، ولاتفيا، وليتوانيا، وهولندا، والنرويج، وبولندا، وقطر، وكوريا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وجنوب إفريقيا، وإسبانيا، والسويد، وأوكرانيا، والإمارات، والمملكة المتحدة، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية"، وفق المصدر ذاته.
"محادثات مثمرة"
ووصفت أوكرانيا وحلفاؤها المحادثات بأنها محاولة للحصول على دعم دولي واسع للمبادئ التي تريد كييف أن تكون أساساً للسلام، ومنها انسحاب جميع القوات الروسية وعودة جميع الأراضي الأوكرانية إلى سيطرتها.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يريد عقد قمة عالمية على أساس تلك المبادئ في وقت لاحق من العام الحالي.
كما قال أندريه يرماك مدير مكتب زيلينسكي في بيان عن محادثات جدة: "أجرينا مشاورات مثمرة جداً حول المبادئ الأساسية التي يجب أن يُبنى عليها سلام عادل ودائم".
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله اليوم إن الاجتماع "انعكاس لمحاولة الغرب مواصلة الجهود الفاشلة وغير المجدية" لحشد الجنوب العالمي من أجل دعم موقف زيلينسكي.
وفي حين أن الدول الغربية تدعم أوكرانيا على نطاق واسع، فإنّ دولاً عديدة أخرى مترددة في الانحياز إلى أي طرف رغم رغبتها في إنهاء الصراع الذي أضر باقتصاد العالم.
وقال محللون إن مشاركة الصين، التي لم تشارك في جولة سابقة من المحادثات في كوبنهاغن ونأت بنفسها عن الدعوات الغربية للتنديد بالهجوم العسكري الروسي، تشير إلى تحول محتمل في موقفها لكن ليس تغيراً كبيراً.
وقال يرماك إنّ وجهات نظر مختلفة ظهرت خلال المحادثات في السعودية، واصفاً إياها بأنها "حوار صريح ومنفتح جداً".
وقال إنّ الدول المشاركة جميعاً أبدت التزامها مبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.
وسبق أن أعلنت أوكرانيا وروسيا تعليق المفاوضات بينهما بعد 3 جولات مباشرة بمدينتي غوميل وبريست في بيلاروسيا، ومرة في مدينة إسطنبول.
معارك مستمرة
على الصعيد الميداني، قال زيلينسكي في خطابه الليلي المصور الأحد إنّ أوكرانيا تحقق "نتائج كبيرة" بفضل أنظمة الدفاع الأمريكية باتريوت والألمانية إيريس-تي، على الرغم من عشرات الهجمات التي شنتها روسيا خلال الأسبوع المنصرم.
وتابع: "هذه أنظمة قوية وفعالة للغاية. لقد حققت بالفعل نتائج كبيرة، ليس فقط لأوكرانيا".
واستطرد قائلاً إنّ السبب هو أنه كلما دُمرت صواريخ روسية "اطمأن العالم بأن دولة إرهابية غير قادرة على اختراق أمننا الجماعي".
وقال زيلينسكي إن أوكرانيا أحبطت "جزءاً كبيراً" من الهجمات الروسية خلال الأسبوع الماضي، بما في ذلك إسقاط 65 صاروخاً من أنواع مختلفة و178 طائرة مسيّرة هجومية، من بينها 87 من طراز شاهد.
في المقابل قال حاكم شبه جزيرة القرم الذي عينته روسيا إن جسر تشونهار المؤدي إلى شبه الجزيرة التي ضمتها موسكو من أوكرانيا في عام 2014 تضرر جرّاء هجوم صاروخي.
وقال مسؤول عينته موسكو إن طريقاً آخر من أصل ثلاثة طرق تربط شبه جزيرة القرم بالأجزاء التي تحتلها روسيا في البر الرئيسي لأوكرانيا تعرّض للقصف بالقرب من بلدة هينيتشيسك، مما أدى إلى إصابة سائق مدني.
وتوقفت حركة المرور على جسر ثالث يربط روسيا بشبه جزيرة القرم بعد أن قال الجانبان إن زورقاً مسيّراً تابعاً للبحرية الأوكرانية يحمل متفجرات استهدف ناقلة وقود روسية يوم الجمعة ليلاً في ثاني هجوم من نوعه خلال 24 ساعة.
وتجعل هذه الهجمات من الصعب الدخول إلى شبه جزيرة القرم الواقعة على البحر الأسود والخروج منها. وتحظى شبه جزيرة القرم بأهمية عسكرية لموسكو بالإضافة إلى كونها مقصداً سياحياً محبباً للروس.
وقرر المسؤولون في مطار فنوكوفو في موسكو تعليق الرحلات الجوية، الأحد، لأسباب غير محددة قالوا إنها خارجة عن إرادتهم. وكان المطار قد اتخذ إجراءً مماثلاً عندما تعرضت موسكو لهجوم بطائرات مسيّرة الأسبوع الماضي.
واخترق ما لا يقل عن عشرة صواريخ روسية الدفاعات الجوية الأوكرانية على ما يبدو في هجوم وقع السبت، وقال سلاح الجو الأوكراني إنّ الهجوم استُخدم فيه 70 سلاحاً للهجوم الجوي، بما في ذلك صواريخ كروز وصواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع.