من الساحل إلى الشرق الأوسط.. هل تحاول باريس تدارك هزيمتها في إفريقيا؟
أوردت تقارير إعلامية تعزيز فرنسا وجودها العسكري في الأردن، من أجل مراقبة الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، ضمن عملياتها العسكرية ضد داعش في المنطقة. ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت فرنسا تحاول بذلك تدارك واقع هزائمها في الساحل الإفريقي.
باريس تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط.  (Reuters)

أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي، مطلع شهر مايو/أيار الماضي، إلغاء الاتفاقيات العسكرية بين بلاده وفرنسا. في صفعة تلقتها باريس، وكانت متوقعة، بعد نزيف الهزائم التي تلقتها متتالية هناك، حيث يتسع بالمقابل النفوذ الروسي عبر مرتزقة "فاغنر" المقربين من الكرملين.

وليست مالي وحدها التي طُرد الوجود العسكري الفرنسي منها، بل عصف الانقلاب الذي عرفته بوركينا فاسو، شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بآخر قشة أمل تتمسك بها فرنسا في البلاد. يضاف إلى هذا تنامي الشعور المعادي لباريس بالتشاد، التي كان قادتها حتى الأمس القريب رجال فرنسا الموثوقين.

في ظل هذا الواقع المتردي الذي يمر به النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية، تواردت تقارير إعلامية عن تعزيز فرنسا تواجدها العسكري في الشرق الأوسط، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تداركاً لهزائم البلاد في منطقة الساحل.

فرنسا تعزز وجودها في الشرق الأوسط

أورد تقرير نشره موقع "أنتيليجنس أونلاين"، يوم 9 يونيو/حزيران الجاري، عزم فرنسا نشر طائرات مسيَّرة في قاعدتها الجوية بالأردن، ضمن العملية العسكرية التي تقودها قواتها في المنطقة ضد تنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا والعراق.

وذكر الموقع أن الفوج الثالث والثلاثون للمراقبة والاستطلاع والهجوم التابع للقوات المسلحة الفرنسية سينشر طائرات مسيَّرة من طراز "ريبر" في القاعدة الجوية الفرنسية في الأردن لمراقبة جنوب شرق سوريا والعراق.

هذه القاعدة التي تؤهلها القوات الفرنسية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وتضم إضافة إلى هذا السلاح الجديد أربع مقاتلات "رافال"، ومروحيتان من طراز "إتش 225 إم كاراكال"، و300 جندي من سلاح الجو. فيما تأتي هذه التعزيزات الأخيرة عقب نشر باريس منظومة دفاعها الجوي "مامبا" في ذات القاعدة، شهر أغسطس/آب المنقضي.

في ذات السياق، ونقلاً عن وكالة الأنباء السعودية، خاضت القوات الفرنسية صحبة نظيرتها من المملكة العربية، يوم 9 يونيو/حزيران الجاري، مناورات عسكرية موسعة بالذخيرة الحية، من أجل "رفع الجاهزية القتالية واكتساب المزيد من الخبرة الميدانية والعمل على توحيد المفاهيم العسكرية" حسبما ذكرت الوكالة.

وقال مساعد قائد المنطقة العسكرية الغربية للشؤون العملياتية في الجيش السعودي، اللواء خالد بن محمد الخشرمي، إن هذا التمرين الذي استمر لأيام "يهدف إلى تعزيز أواصر التعاون والعمل المشترك، وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية، مما يساهم في رفع مستوى القدرة القتالية العسكرية وزيادة التنسيق بين القوات المسلحة السعودية والقوات المسلحة الفرنسية الصديقة ".

مصالح فرنسية في المنطقة

وحسب "أنتلجنس أونلاين"، فإن فرنسا تسعى من نشر مسيراتها في الأردن لبعث رسائل طمأنة إلى العراق، حيث تسعى لتحقيق اختراق اقتصادي هناك، كما بناء شراكات عسكرية مع الحكومة العراقية.

وقد زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العراق شهر سبتمبر/أيلول الماضي، زيارة وصفها مستشاره بالقول: "كما الحال في منطقة الساحل، يتعلق الأمر بجوارنا وأمننا القومي. وفرنسا حريصة على مواصلة هذه المعركة في العراق وأماكن أخرى لتجنب عودة ظهور داعش".

زيارة لم تقتصر على جانبيها السياسي والأمني، بل تعدته إلى عقد صفقات بمليارات الدولارات. على رأسها الاتفاقية التي وقعتها السلطات العراقية مع شركة "توتال إينيرجي" بقيمة 27 مليار دولار، تشيّد من خلالها الشركة الفرنسية ثلاث منشآت نفطية جنوبي البلاد.

إضافة إلى هذا تسعى فرنسا لنيل حصتها من عقود إعادة إعمار العراق، إذ أكد ذلك الرئيس ماكرون خلال زيارته للموصل وقتها، متحدثاً عن أن بلاده ستساعد في عملية إعادة الإعمار، وستسهم خاصة "في خلق فرص اقتصادية".

TRT عربي